كيف أصبحت بريطانيا جزيرة ووصفت بالخروج الحقيقي لها من الاتحاد الأوروبي؟

كيف أصبحت بريطانيا جزيرة ووصفت بالخروج الحقيقي لها من الاتحاد الأوروبي؟

19 فبراير , 2022

ترجم بواسطة:

سماح الرفاعي

دقق بواسطة:

رنا الحامد

قبل أكثر من 8000 سنة، شهد العصر الجليدي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، حيث انفصل البر الرئيسي لبريطانيا عن باقي أجزاء أوروبا.

وجرى الانفصال البري لبريطانيا قبل آلاف السنوات من حدوث البريكسيت (انفصال بريطانيا السياسي من الاتحاد الأوروبي).

منذ حوالي 18،000 سنة – وخلال عصر البليستوسيني أو الجليدي – كانت معظم مناطق بريطانيا المعاصرة، مغطاة بالجليد طبقاً لشركة ويسيكس البريطانية لعلم الآثار، وهي مؤسسة خيرية تعليمية، ومقرها في المملكة المتحدة. وقد استمرت فترة التجلد هذه لآلاف السنين حتى حوالي قبل 12000 سنة بعد أن أنهى احترار مناخي امتداد الجليد.

وفي أعقاب العصر الجليدي، فإن المناطق التي تشكل اليوم بحر الشمال، والقناة الإنجليزية كانت مليئة بالأهوار، ووديان الأشجار، والمستنقعات، وفقاً لما ورد في موقع ناشيونال جيوغرافيك. وربطت المنطقة البرية – المسماة بـ دوغرلاند (Doggerland) –  بريطانيا بالبر الرئيسي من أوروبا، وامتدت لأكثر من 18000 ميل مربع (أي ما يساوي 46,620 كيلومتر مربع).

بدأ انفصال بريطانيا عن قارة أوروبا منذ حوالي 8,200 سنة عندما ضرب إعصار تسونامي الهائل دوغرلاند. وبعيداً عن ساحل النرويج، حدث انهياراً أرضياً تحت الماء – يطلق عليه ستوريغا (Storegga) – ألقى أكثر من 720 ميل مكعب (أي ما يساوي 3000 كيلومتر مكعب) من التربة داخل الماء، بحسب بحث نُشر في مجلة تغير مناخ الطبيعة، وهذا يساوي 3 أضعاف مخرجات الرواسب السنوية من كل أنهار العالم.

وعلى الأرجح أن انهيار ستوريغا نجم عن نشاط زلزالي عقب فترة من ذوبان الجليد في جميع أنحاء النرويج، طبقاً لما جاء في مجلة الجيولوجيا البحرية والبترولية. وقد نتج عن الحركة السريعة، ونزوح الماء الناجم عن الانهيار الأرضي طاقة كافية لحدوث تسونامي. وكان من الممكن لموجات المد العملاقة أن تصل إلى ارتفاعات تبلغ 66 قدماً (أي ما يساوي 20 متراً) وفقاً لما جاء في مجلة تغير مناخ الطبيعة. وقد أغرق التسونامي جزيرة دوغرلاند، ومن ثم اصطدمت أمواج هذا الإعصار بالجزء الشمالي الشرقي من بريطانيا، وقطعت بعد ذلك 25 ميلاً (أي ما يساوي 40 كيلومتراً) من اليابسة، فشكلت منها جزيرة حديثة وفقاً لقناة البي بي سي.

إنه من المقبول على نطاق واسع أن إعصار تسونامي الناجم عن الانهيار الأرضي المسمى بستوريغا هو السبب الرئيسي لسقوط جزيرة دوغرلاند وغرقها، وانفصال بريطانيا عن البر الرئيسي لأوروبا. غير أن الدراسة التي أجريت في عام 2020، والمنشورة في مجلة العصور القديمة تشير إلى أن تغير المناخ قد يكون هو السبب الذي قطع آخر منطقة برية بين بريطانيا وأوروبا.  

كما اكتشف الباحثون من جامعة برادفورد من خلال تحليل قاع البحر ورواسبه أنه من الممكن أن التسونامي ليس السبب الوحيد في غرق جزيرة دوغرلاند. وعقب حدوث فيضان تسونامي، اقترح الباحثون أن عدداً من الجزر الصغيرة شكلت ” أرخبيل دوغر” والتي ظلت موجودة لمدة ألف سنة تقريباً. وبين 8200 و 8400 سنة مضت، كتب الباحثون: ” ارتفع متوسط مستوى مياه البحر حول العالم (ومن المحتمل لمرحلتين)، ووصل إلى مستوى متر واحد إلى 4 أمتار (أي ما يساوي 3 أقدام إلى 13 قدماً تقريباً). وارتبط هذا الارتفاع لمستوى مياه البحر بتغير المناخ وفقاً لمؤسسة سميثوسونيان. ويفترض أن أرخبيل دوغر قد اختفى قبل 7000 سنة تقريباً، بحسب ما يقوله الباحثون.

عندما ضرب تسونامي المسمى بستوريغا شمال غربي أوروبا لم تغرق اليابسة فحسب، بل دُمرت مجتمعات قديمة كانت تعيش على دوغرلاند.

 وقد عُثر على أدلة متعلقة بوجود بقايا بشرية من خلال الصيد، وأعمال التجريف الجارية إلى عمق قاع البحر وفقاً لبحث نُشر في مجلة تقارير علم الآثار. وأظهر التأريخ بالكربون المشع أن أغلبية ما وُجد ينتمي إلى إنسان العصر الميزوليتي الذي عاش في دوغرلاند (وذلك بين 20000 إلى 8000 سنة مضت). كما تشير الأدلة الأثرية بأن المجتمع الإنساني الذي عاش في دوغرلاند كان مجتمع صيد وجمع ثمار، طبقاً لما جاء في موقع ناشونال جيوغرافيك.

وفي الوقت الذي حدث فيه التسونامي، كان هناك 5000 إنسان من البشر الأوائل المنتشرين في جميع أنحاء بريطانيا الذين سافروا من قارة أوروبا سيراً خلف هجرة أفيال الماموث وحيوان الرنة، بحسب ما ورد في قناة البي بي سي. وقال فينسنت غافني لصحيفة الغارديان، أستاذ في علم الآثار في المناظر الطبيعية بجامعة برادفورد: ” إذا كنت تقف على الساحل في ذلك اليوم قبل 8200 سنة فلا شك أن ذلك كان يوماً تعيساً عليك، لأن ذلك اليوم كان كارثة راح ضحيتها الكثير من الناس، وعلى الأرجح الآلاف منهم”.

لقد أجبرت زيادة منسوب مياه البحر سكان دوغرلاند أن يفروا من الأراضي المنخفضة – والتي تقبع الآن تحت مياه القناة الإنجليزية – وأن يهربوا إلى أراض مرتفعة، والتي تعد الآن جزءاً من إنجلترا، ومملكة الأراضي المنخفضة (هولندا)، وفقاً لما جاء في موقع ناشيونال جيوغرافيك.

المصدر: https://www.livescience.com

ترجمة: سماح عيد الرفاعي

مراجعة وتدقيق: رنا الحامد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!