وجود شبكة دعم يمكن أن تساعد في تقليل أضرار التوتر على الحمض النووي

وجود شبكة دعم يمكن أن تساعد في تقليل أضرار التوتر على الحمض النووي

12 فبراير , 2022

دقق بواسطة:

زينب محمد

يؤثر التوتر على ما يصل إلى 90٪ من الناس وهو يضر كلأ من الصحة العقلية والجسدية. ويمكن للتوتر التأثير على نشاط ووظيفة جينات البشر، عن طريق التخلق (أي التغييرات اللاجينية)، التي تعمل على إيقاف جينات محددة، ولكن هذه التغييرات اللاجينية لا تغير من تركيبة الحمض النووي.

هل تسائلت لماذا يؤثر التوتر على بعض الأشخاص بشكل أسوأ، في حين البعض الآخر يتأٌقلم تحت الضغط؟

توصلت الأبحاث السابقة إلى أن وجود دعم اجتماعي والشعور بالانتماء هما من مؤشرات سلامة الصحة البدنية والعقلية. ويُقصد بالدعم الاجتماعي وجود شبكة يمكنك اللجوء لها وقت الحاجة، مثل: الأسرة، والأصدقاء، والزملاء، وشريك الحياة، والجماعات المجتمعية، أو مثل أخصائيي الصحة العقلية.

أظهرت لأول مرة دراسة جديدة نُشرت في مجلة أبحاث الطب النفسي، أن هذه التأثيرات الإيجابية لوحظت أيضًا على الجينات البشرية. فوجود شبكة اجتماعية داعمة تخفف وتعكس من بعض الآثار الضارة للتوتر على جيناتنا وصحتنا من خلال عملية التخلق. وتشير النتائج إلى أن ليس بالضرورة أن يحدد الحمض النووي مصير الشخص.

ما هو التخلق؟

تساهم جيناتنا وبيئتنا في تشكيل صحتنا. فنحن نرث تركيبة الحمض النووي من آبائنا، وهو لا يتغير طيلة حياتنا. ويختص علم الوراثة بدراسة كيفية عمل بعض الجينات كعامل خطر أو عامل وقائي لسمة أو مرض معين. فالتخلق هو عبارة عن طبقة إضافية من المعلومات خارج الحمض النووي وبإمكانها التأثير على الجسم، فتستطيع تعديل الحمض النووي كيميائيًا، بدون تغيير تسلسل الحمض النووي. ومصطلح التخلق باللغة الإنجليزية (epigenetics) مشتق من الكلمة اليونانية “epi” التي تعني فوق.

تعمل هذه الطبقة الإضافية من المعلومات التي تقع فوق الجينات والحمض النووي المحيط بها بمثابة مفتاح  لتشغيل الجينات أو إيقافها، مما قد يؤثر أيضًا على صحتنا. تحدث التغيرات اللاجينية طوال حياتنا بسبب عوامل بيئية مختلفة، مثل: التوتر، والتمارين الرياضية، والنظام الغذائي والكحول، والمخدرات.
فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤثر التوتر المزمن على جيناتنا من خلال التغيرات اللاجينية التي بدورها قد تؤدي أن زيادة معدلات اضطرابات الصحة العقلية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة، والاكتئاب، والقلق.

تسمح التقنيات الجديدة الآن للباحثين بجمع عينة بيولوجية من شخص (مثل الدم أو اللعاب) وتحليل التخلق لفهم كيفية استجابة جيناتنا للبيئات المختلفة بشكل أفضل. فيتيح لنا تحليل التخلق في أوقات مختلفة اكتساب المعلومات اللازمة عن الجينيات والتغييرات التي طرأت عليها بسبب التواجد في بيئات معينة.

محاور الدراسة

شملت الدراسة كل من العوامل الإيجابية والسلبية التي تدفع استجابة الشخص للتوتر وكيف يغير هذا من ملامح الجينات. ومن المرجح أن تواجه فئات معينة من الأشخاص التوتر كجزء من عملهم الروتيني، مثل المستجيبين لحالات الطوارئ والعاملين في المجال الطبي وضباط الشرطة.

وعليه، قام فريق البحث بأخذ عينات من الحمض النووي على فترتين من 40 طالبًا أستراليًا في سنتهم الأولى بتخصص مساعد طبيب. أخُذت العينة الأولى قبل التعرض لحدث محتمل أن يسبب التوتر، وأخُذت العينة الثانية بعد الحدث، بالإضافة إلى حل استبيان يوضح بالتفصيل أسلوب حياتهم وصحتهم قبل وبعد الحدث.

درس الفريق التغيرات اللاجينية قبل وبعد التعرض للتوتر من أجل فهم أفضل لكلٍ من:

  • كيفية تغير طبقة التخلق بعد التعرض للتوتر
  • العوامل الاجتماعية والنفسية المختلفة التي تسببت في التغيرات اللاجينية

وجد فريق البحث أن التوتر يؤثر على التخلق، مما يؤدي إلى زيادة معدلات التوتر والقلق وأعراض الاكتئاب بين المشاركين. إلا أن الطلاب الذين حظوا بمستويات عالية من الدعم الاجتماعي، أظهروا مستويات أقل من التوتر وأعراضه. فالطلاب الذين لديهم شعور قوي بالانتماء إلى مجموعة أو منظمة أو مجتمع يتعاملون بشكل أفضل مع التوتر وأظهرت نتائجهم أعراض سلبية أقل بعد التعرض للتوتر. وقد أظهرت كلتا المجموعتين من الطلاب تغيرات طفيفية في طبقة التخلق نتيجة التعرض للتوتر.

وباء كورونا جعلنا أكثر عزلة

تسببت جائحة فيروس كوفيد في خلق أعباء نفسية وعاطفية ثقيلة على الناس بسبب الشعور بعد اليقين وتغيير الروتين والضغوط المالية. ففي أستراليا، ارتفعت معدلات القلق، والاكتئاب، والانتحار منذ بداية الوباء. وأبلغ واحد من كل خمسة أستراليين عن مستويات عالية من الضغط النفسي. كما أن الوباء جعلنا أكثر عزلة وأصبحت علاقاتنا أكثر بعدًا، مما أثر بشكل كبير على الروابط الاجتماعية والانتماء.

تسلط هذه الدراسة الضوء على كيفية تأثير دعم الأسرة والمجتمع والشعور بالانتماء على جيناتنا والعمل كعامل وقائي ضد آثار التوتر. ففي مثل هذه الأوقات العصيبة وغير المسبوقة، من الضروري أن نبني ونحافظ على الهياكل الاجتماعية القوية التي تساهم في الحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية.

المصدر: https://theconversation.com

ترجمة: عبير عبدالله الحقبي

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!