عندما يتعلق الأمر بمهارات التواصل، ربما خُلقنا بها؟

عندما يتعلق الأمر بمهارات التواصل، ربما خُلقنا بها؟

27 يناير , 2022

ترجم بواسطة:

منيرة العتيبي

دقق بواسطة:

حنان صالح

 كشفت دراسة بإشراف عالم أعصاب وأخصائي نطق، وتمت الدراسة على مدى تأثير  الشبكات العصبية لدى الرضع على مهارات تعلم اللغة لديهم في مرحلة  الطفولة المبكرة. ووجد علماء الأعصاب أن بُنية الدماغ المتكوّنة في مرحلة المهد مرتبطة بدرجة مهارات الطفل اللغوية في سن الخامسة.

بدايةً من الرحم حتى خروجه للعالم  يكتسب الطفل المعلومات من البالغين  ومن محيطهم و يتعلمون بسرعة كيفية التواصل سواء عن طريق البكاء، أو الأصوات،أو  الضحكات والأنواع المختلفة والمتعددة من لغة الأطفال. لكن هل المهارات اللغوية طويلة المدى للطفل تتشكل بمدى تطور أدمغة الأطفال في مرحلة المهد، ومدى تأثر محيطهم وتربيتهم بتطور لغتهم ؟

باحث في جامعة بوسطن درس العلاقة بين كيفية تركيب أدمغة الأطفال في المهد وقدرتهم على تعلم اللغة في سن صغير، وعلى أي مدى يؤثر محيطهم في تطور الدماغ واللغة، وتعد هذه الدراسة أقرب دراسة حتى الآن وتمتّ بمتابعة العشرات من الأطفال على مدى خمس سنوات

نُشرت ورقة البحث الجديدة في علم الأعصاب الإدراكي التنموي، حيث كشفت أن المسارات التنظيمية للدماغ من الممكن أن تضع الأساسيات لمقدرة تعلم اللغة للطفل في السنة الأولى، وهذه المسارات تسمى بالمادة البيضاء وهي تعمل كموصّلات بين بلايين الخلايا العصبية – يطلق عليها بالمادة الرمادية—التي تُشكل أنسجة المخ. وهذا يسمح بتبادل الإشارات والمهام المختلفة والوظائف التي نحتاج أن نؤديها، وأيضًا العمليات البيولوجية التي تدعمنا.

وأضافت جينيفر زوك عالمة الأعصاب وأخصائية النطق من جامعة بوسطن: “هنالك مجاز مفيد يُستخدم غالبًا يقول: مسارات المادة البيضاء هي ” الخطوط السريعة”، ومناطق المادة الرمادية هي ” المشاة”. وقال مساعد أستاذ في مجال التحدث، واللغة وعلوم السمع من كلية الصحة وعلوم التأهيل – كلية سارجنت- كلما كرر شخصٍ ما مهمة، على سبيل المثال تعلم لغة جديدة، كلما أصبحت المسارات المسؤولة عن هذه المهمة في الدماغ أقوى ومُحددة بشكلٍ أكبر حيث تسمح للمعلومات أن تنتقل بكفاءة أكبر من خلال مسارات المادة البيضاء.

وقالت زوك، توصلنا إلى إثبات حديث يقترح أن المادة البيضاء تتطور بشكلٍ سريع في السنتين الأولى من العمر.

بالإضافة إلى تطور المادة البيضاء، أضافت زوك أن العلماء يعرفون منذ وقتٍ طويل بأن البيئة تلعب دورًا هامًا في تكوين إمكانيات الشخص اللغوية، لكن لاتزال هنالك العديد من الشكوك حول من يلعب دورًا هاما في تركيب المادة البيضاء وإمكانية تعلم الأطفال للتواصل هل هي البيئة أم الفطرة.

حيث قالت زوك إنها سعت في دراستها هي وزملائها، على أن تٌجيب على بعض الأسئلة المحددة: إلى أي مدى في عمرٍ صغير تلعب بنية الدماغ المهيئة دورًا في التطور؟ هل يتطور الدماغ جنبًا إلى جنب مع اللغة، وهل البيئة هي التي تقود تطور كليهما؟ وعلى أي مدى يؤثر تكون الدماغ في مرحلة المهد على نجاح الأطفال مع اللغات؟

وللتحقق من ذلك، قابلت زوك ونادين جاب الباحثة من مستشفى بوستن للأطفال 40 عائلة مع أطفالهم ليصورا أدمغة الرضع باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي (MRI) وجمع البيانات الأولى من نوعها حول المادة البيضاء، لم يكن الأمر هينًا لأن الأطفال يجب أن يكونوا نائمين ليتم التقاط صور لأدمغتهم ونشاطها باستخدام (MRI).

وقالت زوك: ” لقد كانت عملية ممتعة، ولكنها أيضًا تتطلب الكثير من الصبر والمثابرة. تمكنت زوك من جعل الأطفال البالغين 4 إلى 18 شهراً بالنوم والشعور بالراحة خلال عملية تصوير الرنين المغناطيسي— الصوت العالي للرنين المغناطيسي من الممكن أن يكون مزعجًا جداً لطفلٍ نائم. وأضافت زوك ” أن هنالك القليل جدًا من الباحثين في العالم استخدموا هذه الطريقة، وذلك لأن جهاز الرنين المغناطيسي لديه خلفية مزعجة ومحاولة جعل الأطفال يغطون في نومٍ عميق يساعد كثيرًا في تحقيق هذه الأهداف”.    

وهي أيضًا المرة الأولى التي يستخدم فيها العلماء جهاز الرنين المغناطيسي ليبحثوا عن العلاقة بين تركيبة الدماغ وتطور اللغة بشكلٍ كامل، وهو تطور الأطفال من المهد إلى سن المدرسة بشكلٍ طبيعي .

من المسارات المادة البيضاء المهمة التي تطّلع لها الباحثون باستخدام تقنية MRI هو الحزمة العصبية المقوسة، التي تربط منطقتين في الدماغ مسؤولتين عن تكوين اللغة وفهمها. باستخدام MRI حدد الباحثون تنظيم المادة البيضاء وذلك بالنظر إلى سهولة انتشار الماء خلال الأنسجة، وذلك يشير إلى مدى كثافة المسار.

بعد مرور خمس سنوات من أول لقاء وتصوير أدمغة الأطفال باستخدام MRI، قابلت زوك والمتعاونين معها العوائل وأطفالهم مرة أخرى وذلك ليقيسوا قدرات كل طفل اللغوية الناشئة. وتضمن هذا القياس مقدرة الأطفال على معرفة المفردات، ومقدرتهم على تحديد الأصوات في الكلمة، وأيضًا مقدرتهم على دمج الأصوات معًا ليفهموا الكلمة الناتجة.

وفقًا للنتائج التي توصلوا إليها، فإن الأطفال المولودين بمؤشرات أعلى لتنظيم المادة البيضاء يتمتعون بمهارات لغوية أفضل بعد خمس سنوات، مما يشير إلى أن مهارات الاتصال يمكن أن ترتبط ارتباطًا وثيقًا ببنية الدماغ المهيأة. لكن تقول زوك، أن هذه ليست سوى حل الجزء الأول من هذا اللغز المعقد.

وتقول: “ربما تتشكل الفروق الفردية في المادة البيضاء التي لاحظناها في مرحلة المهد من خلال مزيج من العوامل الوراثية للطفل وبيئته. ولكن من المثير للاهتمام التفكير في العوامل المحددة التي قد تجعل الأطفال يتمتعون بتنظيم أكثر فعالية للمادة البيضاء في وقت مبكر”.

على الرغم من أن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى تأسيس أساس للغة في مرحلة المهد، فإن زوك تقول: “الخبرة المستمرة والتعرض للغة يعتمدان على هذا الأساس لدعم النتائج النهائية للطفل”.

وتقول: “هذا يعني أنه خلال السنة الأولى من حياة الطفل هناك فرصة حقيقية لمزيد من التعرض البيئي للغة وإعداد الأطفال للنجاح على المدى الطويل”.

تخطط زوك وشركاؤها في البحث لمواصلة التحقيق في العلاقة بين المكونات البيئية والجينية لتعلم اللغة. هدفهم هو مساعدة الآباء ومقدمي الرعاية على تحديد عوامل الخطر المبكرة في تطور اللغة لدى الأطفال الصغار وتحديد استراتيجيات لتقوية مهارات التواصل لدى الأطفال في وقت مبكر من الحياة.

المصدر: https://www.sciencedaily.com

ترجمة: منيرة العتيبي

تويتر: @mflo_i

مراجعة : حنان صالح

تويتر: @hano019


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!