مقدم من: كلية لندن الجامعية

وجد الباحثون أن الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين ٩ سنوات و ١٢ سنة يطوروا من قدرتهم على اتخاذ القرارات بمفردهم من خلال معرفة متى ينبغي لهم أن يثقوا في أحكامهم ومتى لا ينبغي لهم.

وقد أظهرت الدراسة المنشورة في المجلة العلمية Developmental Science أن تطور الإدراك المعرفي لدى المراهقين يعد محركًا رئيسيًا لاستقلالهم.

قالت باحثة الدكتوراه مادلين موسيس لدى كلية لندن الجامعية لعلم الأعصاب المعرفي والباحثة الرئيسية لهذه الدراسة: “إن الإدراك المعرفي هو وعي الفرد وقدرته على اتخاذ القرارات والحكم على مدى صحتها   من عدمه”. إن بعض الأشخاص لديهم معرفة كافية بقراراتهم ويدركون متى يتخذون قرارًا صائبًا أو خاطئًا بينما البعض الآخر يفشلون في التفكير في نوعية قراراتهم.

وقد بحث فريق البحث بإشراف الدكتورتوباس هاوزر عن الإدراك المعرفي لدى الأطفال و المراهقين و سلوكهم بإستخدام لعبة كمبيوتر “Space Explorer”  وفيها يتخذ الأطفال و المراهقين قرارت بشأن ما إذا كان يوجد كائنات فضائية زرقاء أكثر أم برتقالية على كوكب ما في اللعبة. وبعد اتخاذهم قرارًا تطلب اللعبة منهم أن يقيموا مدى تأكدهم من أجوبتهم  باختيار ‘ تخمين’ أو ‘ يقين’ ثم تقدم لهم نصيحة من ” مستشار فضائي” بشأن أجوبتهم فتتاح لهم الفرصة ليغيروا من قرارهم أو أن يبقوا عليه. وأثناء ذلك يكون اللاعبون على دراية بأن هذا “المستشار” يصيب في معظم الأحيان ولكنه يخطئ في بعض الأحيان.

وأظهر البحث من المقارنة بين الأطفال من عمر ٨ إلى ٩ سنوات وبين المراهقين من عمر ١٢ إلى ١٧ سنة، أن المراهقين أفضل من الأطفال بأنهم كانوا قادرين على الحكم على نوعية قراراتهم، أي أن المراهقين عندما اختاروا خيار ‘ اليقين’ كانت أحكامهم صحيحة. إلا أن قدرة الإدراك المعرفي هذه كانت متأخرة لدى الأطفال.

لا يفرق الأطفال بين النصائح التي يتلقونها سواء كانت جيدة أم سيئة والتي بشأنها أن تصعب عليهم اتخاذهم للقرار النهائي، في حين أن المراهقين يعرفون لأي نصيحة يتبعون بناءً على مهارات الإدراك المعرفي المتطورة حديثًا لديهم. كما أنهم كانوا من المحتمل أن يغيروا من قراراهم اعتمادًا على النصيحة إذا عرفوا أن قرارهم الأولي كان خاطئًا. وبناءً على ذلك يتخذ  المراهقون، سواء كانوا في المرحلة المبكرة أو المتأخرة، يتخذوا قرارات أفضل من الأطفال. فالمراهقين مدركون لمعلوماتهم ومهاراتهم.

وقالت الباحثة الرئيسية موسيس بايني: “إن المراهقين يعرفون متى يثقوا بقرارتهم ومتى يتجاهلون نصائح الآخرين السيئة”. إن هذه النتيجة بناءً على تقييمنا لقرارت بسيطة. أما بالنسبة للقرارات المعقدة فقد لا يكون الإدراك المعرفي لدى المراهقين مؤهل لاتخاذها. مما يعني أن المراهقين قد يتجاهلون نصائح الآخرين التي تستحق الاستماع.

وقال كبير مؤلفي الدراسة، الدكتور توباس هاوزر في مركز Max Planck للطب النفسي الحسابي وأبحاث الشيخوخة ومركز Welcome لتصوير الأعصاب البشرية في معهد كوين سكوير لعلم الأعصاب بكلية لندن الجامعية: “إن بتطوير مهارات الإدراك المعرفي يصبح المراهقون قادرين على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم و يساعدهم ذلك على بناء شخصيتهم واستقلالهم الذاتي. وذلك من شأنه أيضًا أن يساعدهم على اكتشاف مكانتهم في المجتمع وذواتهم ومعرفة قيمهم”.

ويهتم الباحثون كخطوة تالية بما قد يحدث إذا لم ينمي المراهقون مهارات إدراكية جيدة.

وأوضح الدكتور هاوزر: ” نعتقد أن تطور الإدراك المعرفي قد يؤثرعلى الصحة العقلية لدى الشباب، وهذا أمر بالغ الأهمية، لأن معظم مشاكل الصحة العقلية تنشأ خلال فترة المراهقة والشباب. والأهم من ذلك نود أن نجد طرق وحلول نساعد بها المراهقين الذين يعانون من مشاكل بصحتهم العقلية”.

فقد أصدر فريق بحث الدكتور هاوزر تطبيق مجاني على الأجهزة الذكية اسمه ”Brain Explorer” يحتوي على ألعاب عقلية شبيهة بتلك الموجودة في لعبة ”Space Explorer”. وبتحميل اللعبة يستطيع الجميع صغارًا وكبارًا بدأ اللعب بألعاب مسلية تعلمهم أكثر عن وظائف الدماغ. وبذلك يكون اللاعبون قد ساهموا مساهمة مجهولة في أبحاث الفريق وساعدوا على كشف الصلة بين التنمية العقلية و الصحة العقلية.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: ليان الحامد

تويتر: @layanalhamed

مراجعة وتدقيق: زينب محمد

تعليق صوتي: صفاء عبده