فوائد “التفكير السلبي” لتحقيق الأهداف| كيف يساعد التناقض الذهني في التغلب على العقبات وتحقيق الأهداف

فوائد “التفكير السلبي” لتحقيق الأهداف| كيف يساعد التناقض الذهني في التغلب على العقبات وتحقيق الأهداف

7 أبريل , 2021

ترجم بواسطة:

رشا الحربي

دقق بواسطة:

زينب محمد

بقلم: جيفري ديفيس(Jeffrey Davis)

إنها دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2008 ، حيث يستعد مايكل فيلبس(Michael Phelps)، الفائز بالميدالية الذهبية، لتحطيم رقمه القياسي في سباق سباحة الفراشة 200متر – وهي مسابقة لا يمكن لأحد أن ينافسه فيها.

 ولكن بعد الدورة الأولى لفيلبس، امتلأت نظارته بالماء ولم يستطع الرؤية. أن يتوقف ويعدل نظارته يعني عدم أهليته، ولكن بدون بصره كيف يفترض به أن يعرف بالضبط متى يستدير؟  قد يكلف هذا الحدث الطارئ وسوء الحظ لفيلبس ثوانٍ ثمينة في كل لفة.

لذلك ماذا فعل؟  والأهم ما الذي أعده لهذه اللحظة؟

حدود التفكير الإيجابي

 غالبًا ما نتحدث عن قوة التفكير الإيجابي: تخيل نفسك تتفوق في مقابلة العمل والوظيفة ستصبح لك، أو تخيل أنك تقود سيارة أحلامك وسرعان ما سيتجسد أمامك هذا الحلم.  منذ نشر كتاب نورمان فنسنت بيل “قوة التفكير الإيجابي” في عام 1952 ، كانت تقنية التجسيد هذه بمثابة مبدأ أساسي لرجال عصاميين ومتحدثين تحفيزيين. لربما تكون قد اختبرت ذلك بنفسك، فالحياة ليست بهذه البساطة.

هناك فرق مهم بين التمني وما أطلق عليه عالم النفس مارتن سيليجمان((Martin Seligman “التفاؤل المكتسب”. في حين أن الأول يمكن أن نصنفه بسهولة تحت خانة تخيلات الهروب، فإن الأخير هو الممارسة الواعية لرؤية العالم من منظور إيجابي. إنه يعني فهم “الإخفاقات” أو المصائب كنكسات مؤقتة وفرص للنمو.

ولتعقيد الأمور أكثر، اتضح أن التفاؤل وحده يمكن أن يأتي بنتائج عكسية.  ففي كتاب غرباء عن أنفسنا: اكتشاف اللاوعي التكيفي، يلاحظ عالم النفس المعرفي تيموثي ويلسون (Timothy Wilson) كيف أن التأكيدات الذاتية الإيجابية وحدها يمكن أن تجعل الناس يشعرون بالسوء تجاه أنفسهم وقدراتهم على تحقيق أهدافهم.  وبالمثل، وجدت الدراسات أن الأزواج الذين ادّعوا التفاؤل بشأن مستقبلهم كانوا أكثر عُرضة لتجربة الخلاف الزوجي، ومتبعو الحميات الذين ركزوا على تصور ذواتهم المستقبلية بلياقة عالية وأجسام رشيقة يتخلصون من أرطال أقل. ربما يكون الأمر المثير للدهشة هو أن خريجي الجامعات الذين تخيلوا نجاحهم في الانتقال إلى العالم الحقيقي يحصلون على أرباح أقل، ويتلقون عروض عمل أقل، وإرسالهم لطلبات التوظيف أقل في المقام الأول.

لماذا يحدث هذا؟

 حسنًا، أدمغتنا جيدة جدًا في تصور السيناريوهات المتخيلة. بل ممتازة في الواقع، حيث أن أدمغتنا تواجه مشكلة في التمييز بين شيء حدث بالفعل، وشيء تخيلناه للتو. هذا لأن تخيل كائن أو موقف أو فعل بتفاصيل حية تضيء نفس المسارات العصبية التي قد يثيرها نفس الكائن أو الموقف أو الفعل في الحياة الواقعية.

على سبيل المثال، أجرى عالم النفس كاري مورويدج Carey Morewdge دراسة لمعرفة ما إذا كان فعل تخيل تناول طعام غير صحي قد يكون له نفس تأثير تناوله بالفعل. كان لديه مجموعة من المتطوعين يتصورون أنفسهم يأكلون حلوى إم آند إمز، بينما تخيلت المجموعة الأخرى بوضوح وضع العملات المعدنية في آلة البيع. بعد هذا التمرين، دُعيت كلتا المجموعتين للجلوس أمام وعاء الحلوى في انتظار النتائج. كما هو متوقع، فإن المجموعة التي تصورت تناولها أكلت في الواقع عددًا أقل. حيث شُبّعت رغبتهم في الشوكولاتة بمجرد تخيل فعل تناولها.

تعني قدرتنا على محاكاة الواقع بشكل فعال أنه يمكننا التعلم فعليًا من الأحداث التي قمنا بتخيلها وتغيير سلوكنا وفقًا لذلك. من ناحية أخرى، فهذا يعني أن أحلام اليقظة لدينا يمكن أن تقدم لنا نفس النتائج والشعور بالرضا والإنجاز لتحقيق أهدافنا في الحياة الواقعية. وإذا شعرنا بأننا فزنا بالفعل، فإننا نفقد الحافز والحدة والعزيمة اللازمة لتحقيق أهدافنا، حتى في مواجهة الأزمات والتغييرات. في هذه الحالة، يمكن أن يكون التفاؤل في الواقع عقبة أمام التقدم.

ببساطة، التفكير الإيجابي والتفاؤل المكتسب لا يكفيان لتحقيق أهدافنا. تعمل أحلامنا كمنارات تدلنا إلى أين نريد أن نذهب، لكننا بحاجة إلى جرعة صحية من التفكير السلبي لإنارة ذلك الطريق، وكشف العقبات التي سنواجهها على طول الطريق.

 مايكل فيلبس والتناقض الذهني

التنوع والتباين في التفكير الإيجابي أمر مفيد. التصور الإيجابي وما أسماه عالم النفس جيروم سينجر (Jerome Singer) أحلام اليقظة الإيجابية البناءة (أو ما أسميه أحلام اليقظة المتعمدة) يساعد الناس على الحفاظ على الأمل واتخاذ خطوات فعالة نحو تحقيق أهدافهم والشعور بالرضا بشكل عام.

إنها ممارسة تخيل نفسك بشكل جدي تتخذ خطوات لتفعل ما تريد. الكتابة الوصفية وبشكل مفصل تساعدك، لكن هذا وحده قد لا يكفي. لنأخذ حالة مايكل فيلبس على سبيل المثال.

 قاد بوب بومان (Bob Bowman) مدرب السباحة لفيلبس منذ فترة طويلة، فيلبس والسباحين الآخرين من خلال تصور إيجابي مفصل لسنوات.  بناءً على العديد من الدراسات، اعتمد مدربون آخرون هذه التقنية أيضًا منذ التسعينيات.  لكن هذه الممارسة وحدها لم تكن لتساعد فيلبس في لحظته الحاسمة هذه، إذاً ماذا فعل؟

 غير معروف لبومان، كان فيلبس يمارس شيئًا آخر ابتكره لنفسه: الرؤية السلبية. إذا أردت أيضاً أن تطلق عليه اسم “التفكير الكارثي البنّاء”، لكن فيلبس كان قد تخيل بالفعل بالتفصيل كيف سيستجيب في هذه اللحظة من الأزمة.  لقد كان يعرف بالضبط عدد الضربات التي سيأخذها قبل أن يصل إلى الجدار التالي. لذلك، بالرغم من أنه غير قادر على الرؤية أحصى ضرباته واستدار برشاقة وفاز.

 في علم النفس، يُطلق على ممارسة الموازنة بين التفاؤل المكتسب والواقعية العملية – أو مواجهة الفكر الإيجابي بفكر “سلبي” – التناقض الذهني.  تسمح لك هذه الممارسة بتقليل توقعاتك بشأن النتيجة المرجوة بحيث يمكنك اتخاذ قرارات أكثر رشداً والحفاظ على الدافع أثناء العمل على تحقيق أهدافك.  لكن التناقض الذهني ليس هو نفسه التفكير الكارثي ، أوخداع النفس بحالة” أنا المسكين البائس ” بدلاً من ذلك، هو التأكد من أنك تضع في الاعتبار العقبات الواقعية عند صياغة خطتك للمستقبل.

فكر في الأمر بهذه الطريقة. إن تضمين رؤيتك للمستقبل في سياق عاداتك السيئة ومخاوفك ومفاجآتك غير المتوقعة وحقائق العالم القاسية، في بعض الأحيان يمكن أن يساعدك في تحديد ما إذا كان هدفك قابلاً للتحقيق حقًا أو أنه يستحق تضحيتك لقيمك ومسؤولياتك الأخرى. وبهذه الطريقة، تدفعنا العوائق التي تعترض طريقنا إلى التفكير بشكل ناقد، وتُصبح في النهاية الوسيلة التي نحقق بها أهدافنا في المقام الأول.

كيفية التدرب على التناقض الذهني في تحديد الأهداف

 مهما كانت أهدافك، فأنت تعلم مدى صعوبة تكوين رؤية للمستقبل هذه الأيام.  من المحتمل أيضًا أن تعلم أن الأساليب التقليدية لتحديد الأهداف المجردة ولوحات الأحلام والأمنيات- حتى في أفضل الأوقات – نادرًا ما تساعدك على تحقيق أهدافك. هذا هو السبب في أنه من الضروري للغاية أن تؤسس أهدافك في الواقع من خلال تخيل جميع العقبات الرئيسية المحتملة، الخارجية والداخلية، الجسدية والعقلية.

 لذا، بينما تخطط للعام المقبل، أدعوك لمحاولة تحقيق توازن بين التفاؤل المكتسب والواقعية العملية جرب هذا:

  • تخيل نفسك بعد عام واحد من الآن، وأنت تنظر إلى الوراء لأفضل نسخة منك لعام 2021. ما الذي أنجزته؟  ما هي نقاط القوة التي نشأت لتوجيه قراراتك وبناء نجاحك؟  ما الذي حفزّك على المُضي قدماً عندما واجهت عقبات حتمية؟  ما الهدف العميق الأكثر أهمية والذي يدفعك إلى تطوير عملك؟
  • حدد 3-4 أهداف قابلة للوصول والتوسع وذات مغزى توجهك نحو هدفك وتوضح لك الطريق نحوه.
  •  الآن، ما هي بعض التحديات الرئيسية التي قد تواجهها وأنت تتقدم نحو هذه الأهداف؟ حدد أحد العوائق الداخلية الرئيسية التي لديك بعض السيطرة عليها، ثم تخيل كيف ستستدعي حيلتك ونقاط قوتك إلى “المناورة” من خلال تلك العقبة واستخدمها لصالحك.
  •   قم بصياغة عبارة “Genius Maneuver” البسيطة باستخدام هذا التنسيق: “عندما أواجه [عقبة]، سأقوم باستحضار [نقاط القوة لدي] لاستخدمها  [كمناورة/ أو حركة مضادة / أو طريقة للتعامل مع العقبة]”.

في المرة القادمة التي تواجه فيها عقبات في طريقك للقيام بعمل هادف وحياة أكثر تميزًا، كرر تعويذة Genius Maneuver لنفسك. وعلى الرغم من أنه قد لا يمنحك نفس الشعور الدافئ كتخيلك لسيارة فيراري التي تحلم بها، إلا أنه سيساعدك على تعلم كيفية الاستفادة من سعة الحيلة والعبقرية بداخلك، حتى في مواجهة التحديات العويصة.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: رشا الحربي

تويتر: @eunlina7

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!