الرياح قد تحمل البعوض  الناقل  للملاريا  لمئات الكيلومترات

الرياح قد تحمل البعوض الناقل للملاريا لمئات الكيلومترات

26 يوليو , 2020

ترجم بواسطة:

أنفال السويد

دقق بواسطة:

ديمة حنون

البعوض الناقل للملاريا

كتب بواسطة : ميريديث ودمان

 لطالما افترضت الحِكم التقليدية العلمية أن البعوض لديه مجال محدود  ، فهو يطير  بارتفاع قريب من الارض و يقطع عادة مسافة  أقل من خمسة كيلومترات  خلال مدة حياته القصيرة ،و في الوقت الحالي قلب الباحثون هذه الحكمة رأساً على عقب ، حيث تحمل الرياح البعوض الناقل للملاريا في الساحل – وهي منطقة شبه صحراوية جنوب الصحراء الكبرى – مسافة مئات الكيلومترات بارتفاع ٢٩٠ مترًا فوق سطح الأرض في ليلة واحدة .

تساعد نتائج البحث التي نشرت اليوم في مجلة نيتشر (Nature) في تفسير سبب ارتفاع أعداد البعوض الهائل بشكل مفاجئ وغامض في الساحل، كما أن لها آثاراً  كبيرةً على الجهود المبذولة للقضاء على الملاريا في دول وأقاليم كاملة  ، يمكن ان يزيد طول المسافات التي يقطعها  البعوض  من عودة ظهور مرض الملاريا بعد القضاء عليها في مكان معين، كما يمكن أن تساهم رحلات البعوض في انتشار نوع مقاوم للمبيدات الحشرية و طفيليات مقاومة للأدوية .

يقول عالم بيئة البعوض جيري كيلين من معهد إيفاكارا الصحية في تنزانيا و كلية ليفربول للطب الاستوائي في المملكة المتحدة الذي لم يشارك في المشروع ” إن هذه الدراسة مذهلة و مبتكرة و  لم يسبق لها مثيل ، و قد غيرت كليا فهمنا لبيئة انتقال الملاريا والتدفق الجيني ، لن انظر لبياناتي بنفس الطريقة ابدًا “. 

درس باحثون من المعهد الوطني للحساسية و الامراض المعدية (NIAID) في بيثيسدا بولاية ماريلاند وجامعة باماكو و أماكن أخرى بيئة البعوض في اربع قرى لمدة ١٠ سنوات وسط جمهورية مالي ، كما  نشروا أيضا  في مجلة نيتشر عام ٢٠١٤ دراسةً لحَرَكيّات السكان  تحوي أدلة قوية على  أن نوعًا واحدًا على الأقل من البعوض الحامل للملاريا هو من النوع المسافر لمسافات بعيدة  والذي يهجر الساحل خلال موسم الجفاف .

ذهب توفي ليمان عالم البعوض من المعهد الوطني للحساسية و الامراض المعدية (NIAID) مع فريقه  مدفوعاً بهذا الاكتشاف للصيد ، استخدموا بالونات الهيليوم لرفع شِباك الصيد اللاصقة العمودية  فوق سطح الارض مسافة تتراوح بين ٤٠ و ٢٩٠ متراً في  الأربع قرى لمدة 617 ليلة  بين سنة ٢٠١٣ و ٢٠١٥ ، و قد اصطادوا  ٤٦١٫٠٠٠ حشرة منها ٢٧٤٨ بعوضة ، كان منها  ٢٣٥ بعوضة من نوع  الانوفليس وهو النوع  الحامل لطفيليات الملاريا .

تزداد كميات  البعوض  العالق  مع ارتفاع شِباك الصيد اللاصقة ، مما يشير إلى أن الحشرات قد تهاجر على ارتفاعات أعلى ، وأن أكثر من ٨٠٪ من البعوض الذي جُمع كان  من  جنس الإناث الذي يقرص البشر وينشر للملاريا ، امتصّ 90% منها وجبة دم بشري قبل سفرها ،مما يعني احتمالية تعرضها لطفيليات الملاريا.

لم يكن العلماء متأكدين من أين جاء البعوض أو من المسافة التي قطعها، لكنهم استخدموا  أدوات نماذج الأرصاد الجوية لحساب مسارات السفر الممكنة  مع مراعاة اتجاه وسرعة الرياح ، و على افتراض أن الحشرات ترتفع من تلقاء نفسها قبل أن تحملها الرياح ،فإن البعوض يمكن أن يسافر مسافة تصل إلى  ٢٩٥ كيلومترًا في رحلة ليلية واحدة لمدة ٩ ساعات ، حسب ما أُعلنوه اليوم .

استنتج المؤلفون أن مستوى الهجرة “ضخم” ،  و هم يُقدرون أن أكثر من ٥٠ مليون بعوضة قادرة على حمل الملاريا في كل عام  تقطع خطا وهميا يبلغ ١٠٠ كيلو متر متعامد مع الرياح السائدة في منطقة الدراسة.

بالرغم من أن الفريق رفع شباكه من شهر مارس إلى شهر نوفمبر ، إلا أنه لم يمسك بالبعوض إلا في موسم الرطوبة مابين شهري  يوليو و نوفمبر  ،كان فيها وقت الذروة بين شهري أغسطس و أكتوبر ،وهذا يفسر لنا لغزا قديما وهو  : كيف يمكن استمرار تواجد البعوض في الساحل ؟ يقول الباحثون إن النمط الموسمي للرياح عالية الإرتفاع يمكنه أن ينقل الحشرات من الأماكن الأكثر رطوبة  إلى الجنوب ، حيث يستطيع  البعوض العيش على مدار السنة ،  و يعيدهم لنفس الأماكن تلك خلال موسم الجفاف في الساحل ، عندما تهب الرياح السائدة في الاتجاه الآخر.

لكن العلماء لم يجدوا طفيليات الملاريا في  أي بعوضةٍ ، و يقولون إنه ليس بالأمر المستغرب ؛ لأنهم  لم يصطادوا إلا  ٢٣٥ بعوضة من نوع  الانوفليس، و تشير الدراسات إلى أن معدلات الإصابة تتراوح بين ٠.١٪ و ٥٪ في المنطقة . و بالرغم من أن الدراسة تشير فعلاً الي أن طفيليات الملاريا تنتقل أثناء السفر لمسافات طويلة جواً ، إلا أن الباحثين ” لم يظهروا هذا  بوضوح ” ، حسب ما قالت  نورا بيزانسكي الدّارسة لجينوم البعوض الناقل للملاريا  في جامعة نوتردام في ساوث بيند بولاية إنديانا  ، وتتوقع أن إجراء المزيد من  الدراسات قد يجد إجابات لما حير الباحثين أو يؤكد بأن البعوض الناقل للمرض غير قادر  إلى حد ما  على الهجرة لمسافات طويلة ، و أضافت  بأن الورقة في كلتا الحالتين ” تحويلية” .

 ويذكر ليمان نفسُه أن النتائج لا تقتصر على حد السيطرة على الملاريا ، ويقول إن هناك ” احتمالية كبيرة ” أن البعوض المهاجر يحمل معه مسببات لأمراض أخرى مهمة مثل الفيروس المسبب لحمى الوادي المتصدع .

توافق أليساندرا ديلا توري من جامعة سابينزا في روما التي تدرس كيفية تأثير علم وراثة البعوض و علم البيئة على الملاريا في جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، قائلة :” هذه ورقة إنجاز علمي لها آثار هامة  على الصحة العامة “، و أضافت  ” لقد أجرى العلماء  دراسة لم يعتقد أحد أن بالإمكان إجراءها لاختبار فرضية عملية لم يجرؤ أحد على دراستها ” .

المصدر : https://www.sciencemag.org

ترجمة : أنفال السويّد

@Anfal_sw

تدقيق : ديمة حنون

@Dhanoon3


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!