كيف تطلق العنان لجهازك المناعي؟

كيف تطلق العنان لجهازك المناعي؟

21 أكتوبر , 2019

الملخص:

اكتشف العلماء آليات واعدة لإضعاف نقطة قوة السرطان  بخداع الجهاز المناعي  والدراسات جارية على قدم وساق لتحسين معدل البقاء بل وللقضاء على السرطان بأنواعه عن طريق تزويد الخلايا التائية والبالعات بأساليب قد تفتح باباً كان مغلقاً أمام العلماء لفترة طويلة وإنتاج أدوية قد تكون الخلاص لكثيرين من السرطان ومن آثار العلاج الكيماوي.

بقلم دينيس قريدي DENISE GRADY

إن وظيفة الجهاز المناعي هو تدمير الأجسام الغريبة بما فيها الخلايا السرطانية التي تخدع الجهاز المناعي وتبطل مفعوله . ولكشف زيف السرطان وخداعه ما علينا إلا إيجاد أساليب مبتكرة تساعد الجهاز المناعي وتزيد من قدراته .

وبالفعل بدأ العلاج المناعي بالنمو وعمل نقلة نوعية في علاج السرطان حيث أنقذ حياة العديد من مرضى السرطان بمراحله المتقدمة والتي كانت تُعتبر مميتة سابقاً



أفادت مقالة منشورة في مجلة JAMA بازدياد معدل البقاء لدى المصابين بسرطان بمراحل متقدمة من أشهر لسنوات وهذا فتح الباب أمام العاملين بالمجال الصحي للاعتناء بهم أكثر.

يعود الفضل في ذلك للعلاج المناعي والذي يبقى قاصراً عن علاج جميع المرضى حيث يعالج أقل من نصفهم  ولكنه يسبب فترات هجوع للمرض  قد تدوم لسنوات  ولا ننسى مشكلة الآثار الجانبية الشديدة.

مع  العلم أن هذا المجال لا يزال حديثاً فالعديد من الدراسات التجريبية جارية ويحاول الباحثون في العلوم الأساسية تحسين الأدوية الموجودة وإيجاد أخرى جديدة ما يعني أن الأفضل قادم

حتى هذه اللحظة رخصت هيئة الغذاء والدواء نوعين من الأدوية المناعية لعلاج السرطان وهي
 مثبطات نقاط التفتيش Checkpoint inhibitors والخلايا التائية ذات مستقبلات المستضد الكيميري CAR-T cell و كلاهما يعتمد على الخلايا التائية (من الكريات البيض) وهي عماد الجهاز المناعي وظيفتها قتل الخلايا الخبيثة أوالمصابة  بالفيروسات.
ويجري العمل على فتح باب جديد في العلاج المناعي يعتمد على نوع آخر من الكريات البيض ألا وهي البالعات Macrophages

تكمن نقطة ضعف البالعات بسهولة خداعها من قبل الخلايا السرطانية الحاوية على بروتين يطلق إشارة تسمى ” لا تأكلني ” .

ولمواجهة خداع السرطان قامت إحدى شركات الأدوية بتصنيع دواء يحوي مركباً تجريبياً يوقف إشارة ” لا تأكلني ” وجربته على 22 مصاباً باللمفوما ( سرطان الغدد اللمفاوية ) حيث نشرت الدراسة مؤخراً في مجلة   The New England  الطبية وذكرت أن الورم تقلص عند 11 مريضاً واختفى تماما عند 8 أخرين وفوق هذا كانت الآثار الجانبية طفيفة مقارنة بالأدوية المناعية الأخرى
وأشار الباحثون أن الدراسة في بدايتها وتحتاج لمزيد من التدقيق غير أن نفس الطريقة تدرس على سرطانات أخرى مثل الورم النقوي المتعدد  multiple myeloma

ويضيف طبيب الأورام في مركز السرطان Memorial Sloan Kettering Cancer Center  في نيويورك الدكتور الكسندر ليسوخن Alexander M. Lesokhin
والذي يجري بحثاً آخر مماثلاً ” إذا صح هذا المنهج سيحدث نقلة نوعية وقد تكون النتائج مفاجئة “

وهذا ما حصل لأحد المرضى المشتركين في الدراسة (مايكل ستورينيتا ,  71عاماً ) المصاب بلمفوما جريبية follicular lymphoma منذ 5 سنوات وفشلت عدة أدوية في السيطرة على مرضه وانضم للدراسة منذ سنة في مركز جامعة ستانفورد وهو واحد من عشر مراكز مشاركة. وكانت قد أظهرت أشعة التصوير المقطعي البوزيتروني PET scan 10 إلى 15 نقطة متوهجة تشير إلى المناطق المصابة بالسرطان.

أبدى مايكل سعادته قائلاً : ” الآن عندما أنظر إلى الصور الجديدة التي أجريتها أرى أن النقاط اختفت ماعدا نقطة صغيرة  ولا يعتقدون أنها نشيطة قد تكون بقايا خلايا سرطانية ميتة ولا إنه لأمر ممتع أن أرد الجميل للبشرية وأكون فأر تجارب في هذه الدراسة آملاً أن ينجح الدواء في علاج أنواع أخرى من السرطانات “
ولشرح  آلية العمل على البالعات Macrophages و الخلايا التائية   علينا معرفة  التالي :

تستخدم خلايا الجسم الطبيعية آلية لتثبيط الخلايا المناعية من مهاجمتها وتقلد الخلايا السرطانية هذه الآلية أحيانا

فيما تعمل مثبطات نقاط التفتيش في الخلية Check point inhibitors  على منع الخلايا السرطانية من استخدام آلية التثبيط المخادعة وهذا يسمح للخلايا التائية  بالقضاء على السرطان .
وأدوية هذا النوع هي :
1-  الدواء الأول منها  ipilimumab والمعروف تجاريا بـ Yervoy تمت الموافقة عليه في 2011 

2-  الدواء الثاني فهو nivolumab ويعرف تجاريا بـ Opdivo وتمت الموافقة عليه في 2014
ومنذ ذلك الوقت حوالي ستة أدوية أدرجت في الأسواق

ولمعرفة أهمية هذا الاكتشاف فقد مُنحت جائزة نوبل في الطب والفيزيولوجيا ( علم وظائف الأعضاء ) هذا العام للباحثين اللذين اكتشفا  نقاط التفتيش على الخلايا التائية ومنه  اكتشفت الأدوية المثبطة لنقاط التفتيش .

وقال أحدهما وهو جيمز اليسون James Allison من مركز اندرسون للسرطان في هيوستن Anderson Cancer Center in Houston  أن الخطوة القادمة هي اكتشاف طرق أخرى لجعل العلاج المناعي مجدياً لعدد أكبر من المرضى حيث تقوم مجموعات طبية  حاليا بمحاولة الوصول لهذا الهدف عن طريق خلط مجموعة من مثبطات نقاط التفتيش مع بعضها أو مع العلاج الكيماوي المعتاد

وساعدت هذه الأدوية على زيادة فرصة النجاة من سرطانات شرسة مثل  الميلانوم ( الورم القتاميني )  المنتشر إلى الدماغ و أنواع سرطانات الثدي صعبة العلاج والتي تسمي الثلاثية السالبة  triple negative))

كما توجد دراسات مشابهة لسرطانات أخرى كما في مركز اندرسون للسرطان M.D. Anderson حيث تختبر  إحدى الدراسات نوعين من مثبطات نقاط التفتيش المضافة إلى العلاج الكيماوي للوكيميا النخاعية الحادة acute myeloid leukemia

 وأما استخدام الخلايا التائية ذات مستقبلات المستضد الكيميري CAR-T cell  فهو أكثر تعقيدا و يتضمن هذا العلاج استخراج الملايين من الخلايا  التائية  من دم المرضى  ثم إعادة برمجتها جينياً وزيادة أعدادها ثم إعادتها إلى أوردة المرضى لمهاجمة نوع معين من الخلايا

وعلى الرغم من أن هذا الدواء لا يزال تحت التجربة في مستشفى الأطفال في فيلاديلفيا  Children’s Hospital of Philadelphia إلا أنه ساهم  عام 2012 في إنقاذ طفلة ( ايميلي وايتهد Emily Whitehead) كانت تبلغ من العمر آنذاك 6 سنوات وهي الآن بعمر 13 في الصف الثامن وتتمتع بصحة جيدة

و يسمى هذا النوع من العلاج  أحيانا بالدواء الحي وتمت الموافقة في 2017 على نوعين من  CAR-Tأدوية  لعلاج أنواع معينة من اللوكيميا  و اللمفوما ولكلا الدوائين أسماء غير معلن عنها بعد : 1- tisagenlecleucel  ويعرف بــ(Kymriah)   و2-  axicabtagene ciloleucel  ويعرف بـ(Yescarta)  ويعتبر Kymriah  النسخة التجارية من دواء الطفلة إيميلي Emily

ويختبر الباحثون أدوية  CAR-T  على أنواع أخرى من سرطانات الدم ويحاولون توسيع استخدامها وزيادة قوتها عن طريق برمجتها لمهاجمة أجزاء أكثر من الخلايا السرطانية .
حتى الآن لم تنفع هذه الأدوية على الأورام الصلبة مثل سرطان الثدي وسرطان القولون ولكن العلماء لم يفقدوا الأمل بعد.

ترجمة : أثير الحمود

تويتر :@atheer1040

مراجعة : د . محمد الموسى

المصدر: the new york times breaking news world news & multimedia


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!