لا يوجد ما يسمى بالنظرة الموضوعية

لا يوجد ما يسمى بالنظرة الموضوعية

4 نوفمبر , 2020

ترجم بواسطة:

أريج القحطاني

يتناول المقال فكرة نظرة الإنسان للأشياء المحيطة به، وكذلك الأفكار هل يراها بما هي عليه فعلًا أم يراها ويتناولها طبقًا لمنظوره الشخصي ويستطرد المقال أن هناك العديد من التجارب بهذا الصدد، إلى أن أغلبها خرج بنتيجة واحدة وهى أن الإنسان يغلُب عليه منظوره الشخصي في رؤيته للأشياء والأفكار عن المنظور الحقيقي لهذه الأفكار.

النظرة الموضوعية

استعان الباحثون من جامعة جون هوبكنز بسلسلة من التجارب المتطورة لاختبار فكرة فلسفية، واكتشفوا أنه يكاد يستحيل فصل هوية الأشياء الحقيقية عن تصور الرائي لها.

تحتل قدرة المرء على رؤية العالم من زاوية موضوعية منفصلة عن منظوره محل جدل حاد في الفلسفة والعلوم العصبية. فما الذي يحدث عندما ينظر المرء إلى شيء يبدو مختلفًا عن طبيعته الأصلية بسبب منظور هذا المرء عن هذا الشيء؟ مثلًا: عملة معدنية دائرية الشكل تلفُّ نحو الشخص فيظهر شكلها بيضاويًا.

النظرية التقليدية هي أن الدماغ يحوِّل الصورة التي تنعكس على الشبكية، ويزيل عن تمثلها منظورنا؛ هذا معناه أن الدماغ يمثِّل الشيء في صورته الأصلية، والتي هي دائرة في مثالنا هنا.

لكن الباحثون من “مختبر العقل والتصور” في مستشفى جون هوبكنز في بالتيمور قلبوا هذه النظرية رأسًا على عقب.

وأجرى هؤلاء العلماء سلسلة من التجارب ليكتشفوا كيفية ملاحظة الناس للأشياء في ظروف مختلفة. وأشاروا إلى أن تصور الدماغ لشيء من الأشياء يتضمن كيفية إدراك الإنسان لهذا الشيء، لا على حقيقته فقط. وانتهى العلماء إلى أن الانسان يعجز عن رؤية الشيء بطريقة منفصلة تمام الانفصال عن منظوره الشخصي.

وتتحدى النتائج التي توصلوا إليها الافتراضات المسبقة في مجالات الفلسفة، وعلم النفس، والعلوم العصبية عن التصور، كما أنها نُشرت في مجلة ”  PNAS  ” العلمية.

اختبار تجريبي لفكرة فلسفية:

تصور الأنسان للعالم من حوله عملية معقدة تتجاوز موجات الضوء التي تصطدم بالجزء الخلفي من العين. إذ يتضمن هذا التصور تحولات متعددة من طرف الدماغ، وتكون التحولات متحيزة بسبب ما قد رأه الإنسان سابقا، وما يعرفه من حقائق عن العالم.

لطريقة التي يتصور بها الإنسان الأشياء تعتمد على منظوره ووجهة نظره. وما يُحدثه التصور من تشوه في شكل الأشياء هو موضوع مناظرة فلسفية عريقة. السؤال الذي تطرحه الدراسة: هل سنهرب يوما من المنظور الذي نرى به العالم؟. ذكر شاز فايرستون الأستاذ المساعد في علوم الدماغ والنفس، ومدير مختبر العقل والتصور، والباحث الرئيس في الدراسة : «هذا السؤال عن التأثير الذي يتركه منظور الإنسان الخاص على الإدراك هو سؤال لطالما ناقشه الفلاسفة طوال قرون خلت».

ويحقق فايرستون وفريقه فيما إذا يصور الدماغ الشيء بناءً على الهيئة التي يراها عليه الإنسان (منظوره)، وفيما إذا يؤثر الدماغ على هذا الإدراك، حتى وإن كان الإنسان يعرف أن هيئة الشيء الحقيقية مختلفة.

أجرى الباحثون تسعة تجارب منفصلة لاختبار هذه الفكرة؛ تنطوي السبعة الأُوَل منها على أشياء أعدها الحاسوب، أما التجربتين الأخيرتين استعين فيها بأشياء واقعية تُشاهد في الأحوال الطبيعية.

بيضاوي أم دائري؟

تتضمن معظم التجارب عملات يظهر شكلها رأسيًا على هيئة دائرة (يمكن تمييز شكلها الدائري فورًا)، أو على هيئة بيضاوية (يمكن تمييز شكلها البيضاوي فورا). أو تتضمن عملات دائرية تستدير بطريقة تجعلها تبدو شبيهة بالعملات البيضاوية.

نحن عاجزون عن استبعاد منظورنا:

أظهرت النتائج أن الباحثين حينما عرضوا على المشاركين عملات دائرية مائلة مع عملات بيضاوية، تباطأت استجابتهم إلى حد كبير. وانطبقت هذه الحالة عليهم حين كانت العملات ثابتة أو متحركة، وحين رأى المتطوعون العملات على شاشة الكمبيوتر أو في الواقع.

وتشي حالة تشتت المشاركين بسبب العملات المائلة إلى أن أدمغتهم صوَّرت هذه العملات المائلة على هيئة بيضاوية عوضًا عن شكلهم الدائري في الواقع. ونتج عن كل التجارب نتائج متسقة مع هذه الفكرة. وتظهر النتائج أن الناس يعجزون عن فصل هوية الشيء الحقيقية عن كيفية إدراكهم لها.

ذكر خورخي موراليز، الباحث الرئيس، وزميل ما بعد الدكتوراه، والفيلسوف المقيم في مختبر العقل والتصور أن :« منهجنا غير الموضوعي يرافقنا في النظر إلى العالم، إذ نحن عاجزون عن استبعاد منظورنا استبعادًا كاملًا حتى في أثناء محاولتنا تصور العالم على هيئته الحقيقية».

كما تُظهر الدراسة قدرة الباحثين على اختبار الأفكار الفلسفية عمليًا، وأن هذه التجربة هي الأولى من عدة تجارب يعمل المختبر عليها بهدف فهم تصور الإنسان فهما أحسن.

المصدر: https://www.medicalnewstoday.com

ترجمة: أريج القحطاني

تويتر: @Areejtranslates

تلخيص: محمد حسين


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!