تطبيق جديد من واجهة الدماغ والحاسوب يترجم إشارات الدماغ إلى كلام بدقة تصل إلى 97%

تطبيق جديد من واجهة الدماغ والحاسوب يترجم إشارات الدماغ إلى كلام بدقة تصل إلى 97%

14 مايو , 2025

ترجم بواسطة:

سوزان خريصة

دقق بواسطة:

زينب محمد

طور مركز ديفيس الطبي التابع إلى جامعة كاليفورنيا (UC Davis Health) واجهة دماغية حاسوبية مبتكرة brain-computer interface (BCI) تتيح التواصل بفعالية للأفراد الذين يعانون صعوبات في الكلام، خاصةً المصابين بمرض التصلب الجانبي الضموري (ALS).

تُعد هذه التقنية المبتكرة -التي تستخدم مصفوفات من الأقطاب المجهرية المُثَبَّتة في الدماغ-  قفزة نوعية في مجال الأجهزة التعويضية العصبية؛ حيث يمكنها ترجمة إشارات الدماغ إلى كلام بدقة تصل إلى 97%، كما أنها أظهرت نتائجًا مذهلة في فك شفرة الكلام بصورة فورية، مما يمنح الأمل والعون للأشخاص الذين فقدوا القدرة على الكلام. كان قد نجح كيسي هاريل المصاب بمرض التصلب الجانبي الضموري -أحد المشاركين في التجربة السريرية- من استعادة قدرته على التواصل باستخدام الجهاز. 

القدرة على التواصل بفضل الثورة التقنية -واجهة الدماغ والحاسوب

كان التطبيق الجديد من واجهة الدماغ والحاسوب (BCI) الذي طوره باحثون في مركز ديفيس الطبي، قد أظهر قدرة على ترجمة إشارات الدماغ إلى كلام بدقة تصل إلى 97%؛ مما يجعله النظام الأكثر دقة من نوعه.

قام الباحثون بزرع مجسَّات في دماغ رجل يعاني من صعوبات في الكلام؛ لإصابته بمرض التصلب الجانبي الضموري (ALS)، وتمكَّن الرجل من توصيل فكرته التي رغب في التعبير عنها في غضون دقائق من تفعيل الجهاز.

نُشرت دراسة حول هذه التجربة في 14 أغسطس 2024 في مجلة نيو إنجلاند الطبية.

التصلب الجانبي الضموري (ALS)، وعلاقته بصعوبات الكلام

يؤثر التصلب الجانبي الضموري (المعروف أيضًا باسم مرض لو غيريغ) على الخلايا العصبية التي تتحكم في الوظائف الحركية في جميع أنحاء الجسم؛ مسببًا فقدان تدريجي للقدرة على الوقوف والمشي واستخدام اليدين، وفقدان السيطرة على العضلات اللازمة للكلام أيضًا، مما يؤدي إلى العجز عن فهم كلام الشخص المصاب.

تقنية متطورة تعيد القدرة على التواصل

جرى تطوير التقنية الجديدة لتعيد القدرة على التواصل بفعالية للأشخاص ممن يعانون صعوبات في الكلام لإصابتهم بالشلل أو الأمراض العصبية مثل مرض التصلب الجانبي الضموري؛ حيث يمكنها ترجمة إشارات الدماغ عند محاولة المستخدم التحدث وتحويلها إلى نص “منطوق” بصوت مسموع بواسطة جهاز الحاسوب.

وقال ديفيد براندمان، جراح الأعصاب في مركز ديفيس جامعة كاليفورنيا: “استخدمنا تقنية واجهة الدماغ والحاسوب مع مريض يعاني من الشلل، واستطاع على أثرها التواصل مع أصدقائه وأهله ومقدمي الرعاية الصحية، وتظهر ورقتنا البحثية أنه الجهاز الأكثر دقة بين الأجهزة التعويضية العصبية التي جرى الحديث عنها على الإطلاق”.

براندمان هو مشارك لكل من الباحث الرئيس والمؤلف الأول لهذه الدراسة، كما أنه أستاذ مساعد في قسم جراحة الأعصاب بمركز ديفيس، جامعة كاليفورنيا ، ومدير مشارك بمختبر الأجهزة التعويضية بذات المركز.

 نيكولاس كارد الباحث بعد الدكتوراه والمؤلف الرئيس للدراسة يجهز نظام واجهة الدماغ والحاسوب

كيف يعمل جهاز واجهة الدماغ والحاسوب

عند محاولة الشخص التحدث، يحوِّل جهاز واجهة الدماغ والحاسوب الجديد إشارات الدماغ إلى نص على شاشة الحاسوب، ويمكن للحاسوب بعد ذلك قراءة النص بصوت مسموع.

سجَّل فريق الباحثين كيسي هاريل في التجربة السريرية BrainGate؛ وذلك للعمل على تطوير النظام. كيسي هاريل هو رجل يبلغ من العمر 45 عامًا كان مصابًا -في وقت تسجيله- بمرض التصلب الجانبي الضموري، الذي أدى إلى ضعف في ذراعيه وساقيه (الخزل الرباعي)، وصعوبة شديدة في فهم كلامه (عسر التلفظ) والذي تطلب مساعدة الآخرين من أجل تفسير ما يقول.

في يوليو 2023، زرع براندمان جهاز واجهة الدماغ والحاسوب الخاضع للتجربة؛ حيث وضع أربع مصفوفات مجهرية من الأقطاب الكهربائية في التلفيف الأيسر قبل المركزي (الشريط الحركي)، وهي منطقة في الدماغ مسؤولة عن تنسيق الحديث، وصُممت تلك المصفوفات لتسجل نشاط القشرة الدماغية من 256 قطبًا كهربائيًا.

أوضح عالم الأعصاب سيرغي ستافيسكي: “نحن نرصد في الواقع محاولاتهم لتحريك عضلاتهم والتحدث؛ فنُسجِّل من الجزء الذي يحاول إرسال هذه الأوامر من الدماغ إلى العضلات، ونستمع إليها، ثم نترجم هذه الأنماط من النشاط الدماغي إلى صوت – مثل مقطع صوتي أو وحدة صوتية – ومن ثَمَّ نصل إلى الكلمات التي يحاولون قولها”.

ستافيسكي هو أستاذ مساعد في قسم جراحة الأعصاب، ومدير مشارك بمختبر الأجهزة التعويضية العصبية بمركز ديفيس، ومشارك في الإشراف على الدراسة.

كلما كان التدريب أسرع، كانت النتائج أفضل

على الرغم من التطورات الأخيرة التي شهدتها تقنية واجهة الدماغ والحاسوب، إلا أن الجهود المبذولة ليتمكن المرضى من التواصل كانت بطيئة ومعرضة للخطأ؛ وذلك لأن برامج التعلم الآلي التي استخدمت لترجمة إشارات الدماغ تطلبت قدرًا كبيرًا من الوقت والبيانات للعمل.

كما أوضح براندمان: “أظهرت التطبيقات السابقة من واجهة الدماغ والحاسوب المتعلقة بصعوبات الكلام أخطاءً متكررة في الكلمات التي نتجت عنها، مما أدى إلى صعوبة فهم المستخدم باستمرار، وكان ذلك عائقًا أمام التواصل بفعالية”. وأضاف: “كان هدفنا هو تطوير نظام نستطيع من خلاله أن نفهم الشخص كلما أراد التحدث”.

فك التشفير الفوري: إنجاز بارز

استخدم هاريل الجهاز في كلٍ من المحادثات الموجهة والعفوية، وتمكَّن النظام في كلتا الحالتين من فك شفرة الكلام بصورة فورية، مع تحديثات مستمرة للنظام لإبقائه يعمل بدقة، وعُرضَت الكلمات التي نتجت على شاشة، وبشكل مذهل، قُرِئت بصوت عالٍ بصوت يشبه صوت هاريل قبل إصابته بالتصلب الجانبي الضموري، والذي أُنتِج باستخدام برنامج مُدَرَب بعينات صوتية موجودة من صوت هاريل قبل الإصابة بالمرض.

استغرق النظام 30 دقيقة ليصل إلى الكلمات بدقة 99.6٪ مع مفردات مكونة من 50 كلمة في أول جلسة تدريب للبيانات المتعلقة بالكلام.

وقال ستافيسكي: “بكى هاريل بفرح في المرة الأولى التي جربنا فيها النظام، عندما ظهرت الكلمات التي كان يحاول قولها بشكل صحيح على الشاشة، بكينا جميعًا”.

زاد حجم المفردات المحتملة إلى 125000 كلمة في الجلسة الثانية، ومع إضافة ما يزيد عن ساعة فقط من بيانات التدريب وزيادة حجم هذه المفردات بشكل كبير، حققت واجهة الدماغ والحاسوب دقة تصل إلى 90.2٪، ومع الاستمرار في جمع البيانات، حافظت واجهة الدماغ والحاسوب على دقة تصل إلى 97.5٪.

نقطة تحول مهمة في القدرة على التواصل لمرضى التصلب الجانبي الضموري

قال براندمان: “الآن، يمكننا فك شفرة ما يحاول كيسي قوله بشكل صحيح بنسبة تصل إلى 97٪ من الوقت تقريبًا، وهو أفضل من العديد من تطبيقات الهواتف الذكية المتاحة تجاريًا التي تحاول تفسير صوت الشخص. هذه التقنية هي نقطة تحول مهمة لأنها تمنح الأمل للأشخاص الذين يريدون التحدث ولكن لا يستطيعون ذلك، وآمل أن تساعد تقنية مثل واجهة الدماغ والحاسوب المتعلقة بالكلام المرضى في التحدث مع عائلاتهم وأصدقائهم في المستقبل”.

تتحدث الدراسة عن 84 جلسة لجمع البيانات على مدار 32 أسبوعًا، واستطاع هاريل إجمالًا استخدام واجهة الدماغ والحاسوب المتعلقة بالكلام في محادثات كان هو المتحكم بوتيرتها وسرعتها  لأكثر من 248 ساعة من التواصل شخصيًا وعبر الدردشة عبر الفيديو.

رد الاعتبار من خلال القدرة على التواصل

يقول هاريل: “عدم القدرة على التواصل أمر محبط ومخيب للآمال للغاية؛ فهو أشبه بأن تكون محاصرًا، وتقنية مثل تلك ستساعد الناس في العودة إلى الحياة والمجتمع”.

وقال نيكولاس كارد المؤلف الرئيس للدراسة وباحث ما بعد الدكتوراه في قسم جراحة الأعصاب بمركز ديفيس: “لقد كان أمرًا رائعًا للغاية أن نرى كيسي يستعيد قدرته على التحدث مع عائلته وأصدقائه من خلال هذه التقنية”.

وقال لي هوكبيرغ المؤلف المشارك والباحث الراعي لتجربة BrainGate، والطبيب وعالم الأعصاب بمستشفى ماساتشوستس العام وجامعة براون ومنظومة الرعاية الصحية التابعة لإدارة المحاربين القدماء في الولايات المتحدة الأمريكية: “كيسي ومشاركون آخرون في التجربة السريرية BrainGate استثنائيون حقًا، ويستحقون إشادة كبيرة لانضمامهم إلى هذه التجارب السريرية المبكرة؛ فهم لا يفعلون ذلك أملًا في الحصول على أي فائدة شخصية، بل لمساعدتنا في تطوير نظام سيعيد القدرة على التواصل والحركة للأشخاص الآخرين الذين يعانون من الشلل”.

المصدر: https://scitechdaily.com

ترجمة: سوزان محمود خريصة

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!