أظهر بحث جديد أن مساعد الكتابة المدعوم بالذكاء الاصطناعي، والذي يكمل الجمل تلقائيًا أو يقدم ردودًا ذكية لا يضع الكلمات في أفواه الناس فحسب، بل يضع أيضًا الأفكار في عقولهم.

طلب موريس جاكش، طالب دكتوراه في مجال علم المعلومات، من أكثر من 1500 مشارك كتابة فقرة تجيب على سؤال “هل وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة للمجتمع؟” الأشخاص الذين استخدموا مساعد الكتابة بالذكاء الاصطناعي، الذي كان إما متحيزًا أو ضد وسائل التواصل الاجتماعي كانوا أكثر عرضة بمقدار الضعف لكتابة فقرة تتفق مع النتائج التي أنتجها المساعد، بل تكاد تكون نفس الرأي، مقارنةً بالأشخاص الذين كتبوا دون مساعدة الذكاء الاصطناعي.

وقال الباحثون إن الدراسة تشير إلى أن التحيزات المخبأة في أدوات الكتابة بالذكاء الاصطناعي – سواء كانت متعمدة أوغير متعمدة – يمكن أن يكون لها تداعيات على الثقافة والسياسة.

أوضح أيضًا المؤلف المشارك مور نعمان، أستاذ في معهد جاكوبس تخنيون كورنيل في كلية كورنيل للحوسبة وعلوم المعلومات: »نحن نسارع في تطبيق نماذج الذكاء الاصطناعي هذه في جميع مناحي الحياة، لكننا بحاجة إلى فهم الآثار المترتبة عليها بشكل أفضل، بصرف النظر عن زيادة الكفاءة والإبداع. يمكن أن تكون هناك عواقب أخرى على الأفراد وعلى مجتمعنا، كحدوث تغيرات في اللغة والآراء».

بينما نظر آخرون في كيف يمكن لنماذج اللغة الكبيرة، مثل: ChatGPT (روبوت دردشة قائم على الذكاء الاصطناعي) في إنشاء إعلانات مقنعة ورسائل سياسية، فهذه هي الدراسة الأولى التي توضح أن عملية الكتابة باستخدام أداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تؤثر على آراء الشخص، كما قدم جيكش دراسة: “الكتابة المشتركة مع نماذج اللغة المبنية على الرأي تؤثر على آراء المستخدمين” في مؤتمر الباحثين السنوي (CHI) بأبريل  لعام 2023 حول العوامل البشرية في أنظمة الحوسبة؛ حيث تلقت الدراسة ذِكرًا مشرّفًا.

فلفهم كيفية تفاعل الأشخاص مع مساعد الكتابة بالذكاء الاصطناعي، وجّه جيكش نموذجًا لغويًا كبيرًا للحصول على آراء إيجابية أو سلبية عن وسائل التواصل الاجتماعي، وقام المشاركون بكتابة فقراتهم – إما بمفردهم أو مع أحد مساعدي الرأي – على منصة أنشأها تحاكي موقعًا إلكترونيًا لوسائل التواصل الاجتماعي، وتجمع المنصة البيانات من المشاركين أثناء كتابتهم، مثل: اقتراحات الذكاء الاصطناعي التي يقبلونها والمدة التي يستغرقونها في كتابة الفقرة.

ووفقًا لما حدده قضاة مستقلون، قام المشاركون الذين شاركوا في الكتابة مع مساعد الذكاء الاصطناعي لوسائل التواصل الاجتماعي بتأليف المزيد من الجمل التي تجادل بأن وسائل التواصل الاجتماعي جيدة والعكس، مقارنةً بالمشاركين الذين ليس لديهم مساعد كتابة، وكان هؤلاء المشاركون أيضًا أكثر عرضة للإعراب عن رأي مساعدهم في استطلاع متابعة.

اكتشف الباحثون أيضًا احتمالية أن الناس كانوا ببساطة يقبلون اقتراحات الذكاء الاصطناعي لإكمال المهمة بشكل أسرع، ولكن حتى المشاركين الذين استغرقوا عدة دقائق لكتابة فقراتهم جاءوا بتصريحات متأثرة بشدة، وكشف الاستطلاع أن غالبية المشاركين لم يلاحظوا حتى أن الذكاء الاصطناعي كان متحيزًا ولم يدركوا أنهم تأثروا.

وقال نعمان: «عملية الكتابة المشتركة لا تشعرني حقًا أنني مقتنع، بل أشعر وكأنني أفعل شيئًا طبيعيًّا للغاية وأساسيًّا – فأنا فقط أعبر عن أفكاري ببعض المساعدة».

وحتى عند تكرار التجربة بموضوع مختلف، رأى فريق البحث أن المشاركين قد تأثروا بالمساعدين مرة أخرى. ويبحث الفريق حاليًا في كيفية إنشاء هذه التجربة للتغير ومدة استمرار التأثير.

تمامًا كما غيّرت وسائل التواصل الاجتماعي المشهد السياسي من خلال تسهيل انتشار المعلومات الخاطئة وتشكيل غرف الصدى، يمكن أن تنتج أدوات كتابة الذكاء الاصطناعي المتحيزة تغيرات مماثلة في الرأي، اعتمادًا على الأدوات التي يختارها المستخدمون، فعلى سبيل المثال: أعلنت بعض المنظمات أنها تخطط لتطوير بديل لـنموذج (ChatGPT)، مصمم للتعبير عن وجهات نظر أكثر تحفظًا.

وأشار الباحثون أن هذه التقنيات تستحق مزيدًا من المناقشة العامة بشأن كيفية إساءة استخدامها وكيف ينبغي مراقبتها وتنظيمها.

قال جيكش: «كلما أصبحت هذه التقنيات أكثر قوة، وكلما قمنا بتضمينها بشكل أعمق في البناء الاجتماعي لمجتمعاتنا، زادت أرادتنا في أن نكون أكثر حرصًا بشأن كيفية حكمنا للقيم والأولويات والآراء المضمنة فيها».

المصدر: techxplore.com

ترجمة: خولة محمد

مراجعة وتدقيق: زينب محمد