crossorigin="anonymous">
30 أبريل , 2023
قد يخفى عليك ناقدك الذاتي الداخلي أحيانًا. فلعله يتربص بك في زوايا عقلك المظلمة، ينتظر أن ينقض عليك حين تخفق في أمرٍ ما، أو عندما تجري الرياح بما لا تشتهي سفينتك.
ومما يثير الأسف أن الكثير منا لا يعرفون أنهم يغرقون في أعماق جلد الذات إلا حينما يتبين لهم الأمر بعد أن غمرتهم مياهه بالكامل، وفات الأوان. ولكن للبعض منا، فإن صوت ناقدنا الداخلي هو الصوت الوحيد الذي يتردد صداه داخل رأسنا طوال الوقت. وهذا الأمر قد يستنزف طاقاتنا.
يتضمن جلد الذات سلوكياتٍ منها: استجواب المرء لنفسه بقسوة باستمرار، وانتقاده لسلوكياته انتقادًا زائدًا عن حده، وإظهار ردود الفعل السلبية تجاه الفشل الذي قد يشهده.
إن جلد الذات كغيره من أنماط التفكير لأمر مبني على الاعتياد. فمهما يقول ناقدنا الداخلي، ننصاع لقوله ولأوامره. نأخذ ما يقوله بعين الاعتبار وكأنه كلام صحيحٌ مُنزَل. لكن مع ذلك، فإنه بإمكاننا أن نغير من تأثير جلد الذات بسعيٍ منا، كما الحال في الأمور الأخرى المبنية على الاعتياد. يبين هذا المقال بعض الخطوات الأساسية التي يمكننا اتخذاها للتخفيف من حدة أثر ناقدنا الداخلي على حياتنا اليومية.
إن صقل مهارة إدراك الأفكار التي تمر في ذهنك أمرٌ يمكن تعلمه، ويتطلب بعض التدريب. تأمل للحظة السماء التي تعلونا.
تشهد السماء جميع تقلبات الطقس، بدءًا بالعواصف المدوية وصولًا إلى أشعة الشمس الساطعة، وغيرها من التقلبات الجوية الأخرى. وقد تتشابه قدرتك على إدراك أفكارك مع قدرة السماء على استيعاب تقلبات الطقس.
فكما الحال مع الطقس، فإن عقلك يولّد أفكارًا سلبية، وأفكارًا تحرضك على جلد ذاتك، وأفكارًا مبهجة، وغيرها من الأفكار الأخرى بأنواعها. ولربما يمكنك أن تكون كالسماء، وتشاهد أفكارك تمر مرور الكرام وترحل.
لكل عاطفة مختلفة أنماطها المختلفة كذلك، سواء أنماط التفكير بها أو أنماط الإحساس بها أو حتى أنماط تواجدها بحد ذاته. فعلى سبيل المثال، هل لاحظت أنك حين تغضب، فإن تفكيرك سيختلف، وستشعر باختلافٍ في عواطفك، وكذلك قد تشعر بانفعالات جسدية مختلفة مقارنةً بحالك حينما تتعرض لشعورٍ بالحزن أو الرضا أو حتى القلق؟
إن ناقدك الداخلي مثله مثل تلك العواطف، فهو جانب من شخصيتك أو حتى نسخة من الأجزاء المختلفة التي تكون شخصيتك (يمكن أن تكون هناك أجزاء أو نسخ أخرى من شخصيتك مثل النسخة الغاضبة، أو نسختك القلقة وغيرها). إن التعرف عن قرب على هذا الجزء من شخصيتك يساعدك في الحصول على فكرة حول الأوجه المتعددة التي تجعل شخصيتك فريدة. وبجانب ذلك، هناك شيء آخر لابد أن تبقيه في الحسبان:
أنت لست محطمًا أو تالفًا من الداخل، ولا تستحق خطابًا تأديبيًا داخليًا قاسيًا.
أنت كائن معقد ومتعدد الحالات النفسية، وتمر في سلسلة من الأنماط الشعورية والحالات الذهنية والجسدية التي يصعب السيطرة عليها. وأنت لم تصمم دماغك بهذه الطريقة، بل إن الأمر هو نتاج تطور أدمغتنا خلال ملايين السنين.
كيف تتعرف على ناقدك الداخلي عن قرب إذن؟ عندما يراودك شعور بأنك تعرض نفسك لجلد الذات، اسأل نفسك:
إنه لأمرٌ شائع أن تستمر دوامة جلد الذات بإغراقك حتى تصل إلى الحضيض حيث تغمرك السلبية وفقدان الأمل. ولكنك لو اتبعت الخطوات السابقة، فإنك قد قطعت نصف الدرب في رحلتك لإيقاف تلك الدوامة. نقدم لك هنا خطوة إضافية، وهي أن تغرس في نفسك التفهّم العاطفي تجاه ذاتك:
وختامًا، قد تساعدك الخطوات المذكورة آنفًا في التقليل من سيطرة ناقدك الداخلي عليك أو ما قد نطلق عليه “نفسك الأمارة بالانتقاد”، لكن الأمر قد يتطلب تدريبًا مستمرًا. إن غرس سلوكيات أكثر تعاطفًا ودعمًا وتشجيعًا تجاه نفسك سيساعدك في التعامل مع ناقدك الداخلي في اللحظات الحرجة. إذا رأيت الأمر صعبًا عليك في البداية، فاتبع الخطوة الثالثة مباشرةً، حيث ستفتح لك باب الانغماس في حالة ذهنية يملأها التعاطف، وقد يمكنك استغلالها في توجيه حس التعاطف هذا باتجاه نفسك.
المصدر: Psychology Today
ترجمة: مصعب الفضيلات
لينكد إن: Musaab Fudailat
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً