crossorigin="anonymous">
5 أبريل , 2023
أظهرت التجارب طرقًا جديدة لزيادة كفاءة الأجهزة الكمومية؛ حيث جعل فريقان الفوتونات تتصرف كما لو كان الوقت يتدفق في اتجاهين مختلفين في وقتٍ واحد.
لقد تلاعب العلماء بأجزاءٍ من الضوء لإجراء تغييرات مختلفة في نفس الوقت. ففي هذه الدوائر شديدة التنظيم، تعمل الفوتونات كما لو أن الزمن يسافر في مزيج كمي ذهابًا وإيابًا.
وقالت سونيا فرانك أرنولد، عالمة فيزياء الكم بجامعة جلاسكو في اسكتلندا- ولكنها لم تشارك في هذا البحث: “لدينا الآن نوعًا ما آلة للسفر عبر الزمن بإمكانها السير في كلا الاتجاهين لأول مرة على الإطلاق”.
وخلال الاختبارات التي أجراها فريقان مستقلان في الصين والنمسا، وجدوا إن الفوتونات التي تدور في الدائرة هي التي تعاني من الخدع الزمنية فقط؛ بينما استمرت ساعات المختبر بالدوران، حيث يتساءل الباحثون عما إذا كان عكس سهم الزمن حقيقية أم محاكاة.
وفي كلتا الحالتين، يمكن أن تخلق هذه الظاهرة المحيرة أنواعًا جديدة من التكنولوجيا الكمومية. وذكرت جوليا روبينو، الباحثة في جامعة بريستول: بأنه يمكنك تصور الدوائر التي يمكن أن تتدفق فيها معلوماتك ذهابًا وإيابًا.
أدرك الفيزيائيون لأول مرة قبل عقدٍ من الزمان، أن القوانين غير المألوفة لميكانيكا الكم تقلب مفاهيم الوقت المنطقية الدارجة.
فجوهر غرابة الكم هو: عندما تبحث عن جسيم، ستجده دائمًا في مكان واحد كنقطة؛ ولكن يتصرف الجسيم مثل الموجة قبل أن يقاس، حيث إن لها “دالة موجية” تنتشر وتدور في اتجاهات عديدة. ففي هذه الحالة غير المحددة، يكون الجسيم في مزيج كمي من المواقع المحتملة التي يمكن أن تُعرف بالتراكب.
وفي بحث نُشر في عام 2013، اقترح كلٌ من جوليو شيريبيلا، عالم يعمل حاليًا في جامعة هونغ كونغ، ومؤلفون مشاركون آخرون، دائرة من شأنها أن تضع الأحداث في تراكب للأوامر الزمنية تتجاوز خطوة تراكب المواقع في الفضاء. فبعد أربع سنوات، أثبت روبينو وزملاؤه الفكرة تجريبيًا، حيث إن فوتونًا عبر مسار ذي اتجاهين: أحدهما شهد الحدث أ ثم الحدث ب، والآخر حيث اختبر الحدث ب ثم الحدث أ. وبمعنى أدق، بدا أن كل حدث يتسبب في الآخر؛ وهي ظاهرة أصبحت تسمى السببية غير المحددة.
ولم يكتفِ تشيريبيلا وزميله زيكسوان ليو بالعبث فقط بترتيب الأحداث بينما يمضي الوقت فصاعدًا؛ فقد كانا يبحثان عن اتجاه السهم للوقت نفسه. وظلوا يبحثون عن جهاز كمي يدخل فيه الزمن في التراكب ويتدفق من الماضي إلى المستقبل والعكس كذلك.
وأدركوا أنهم بحاجة إلى نظام يمكنه إجراء تغييرات معاكسة؛ مثل المسرع الذي يمكن أن يتأرجح ذراعه إلى اليسار أو اليمين. فلقد افترضوا وضع مثل هذا النظام في حالة تراكب، على غرار الموسيقي التي تحرك المسرع الكمومي في نفس الوقت يمينًا ويسارًا.
وابتكروا كذلك لعبة لا يمكن التغلب عليها إلا بمؤقت كمي، حيث تتضمن ممارسة اللعبة بالضوء إطلاق الفوتونات من خلال أداتين من الكريستال؛ أ وب، حيث يؤدي التنقل عبر الأداة إلى تغيير استقطاب الفوتون بمقدار يعتمد على مؤشرات الجهاز. ويؤدي الرجوع عبر الجهاز إلى تحويل الاستقطاب في الاتجاه المعاكس تمامًا.
وقبل كل جولة من اللعبة، يضبط الحكم الأدوات سرًا بإحدى الطريقتين: المسار للأمام من خلال أ، ثم للخلف عبر ب؛ فهذا إما أن يحول وظيفة موجة الفوتون بالنسبة إلى المسار المعكوس بالزمن (للخلف خلال أ، ثم إلى الأمام من خلال ب)، أو لا.
ويجب أن يكون اللاعب على علم باختيار الحكم، فبعد أن يرتب اللاعب الأدوات والعناصر البصرية الأخرى على النحو المطلوب، يرسل فوتونًا عبر المتاهة، ويقسم إلى تراكب من مسارين باستخدام مرآة نصف فضية، وينتهي الفوتون في أحد الكاشفين. ولكن إذا أعد اللاعب متاهته بطريقة ذكية بما فيه الكفاية؛ فإن نقرة الكاشف الذي يحتوي على الفوتون ستكشف عن اختيار الحكم.
وعندما يعد اللاعب الدائرة بحيث يتحرك الفوتون في اتجاه واحد فقط من خلال كل أداة، ثم حتى إذا كان أ وب في ترتيب سببي غير محدد، فإن نقرة الكاشف سوف تتطابق مع إعدادات الأداة السرية في حوالي 90٪ من الوقت على الأكثر. فقط عندما يصادف الفوتون تراكبًا يأخذ به للأمام وللخلف من خلال كلتا الأداتين؛ وهو تكتيك يُطلق عليه “انعكاس الوقت الكمي”، ويمكن للاعب أن يفوز نظريًا في كل جولة.
وعلى الرغم من إجراء الباحثين انعكاسات الوقت الكمي وتسميتها؛ إلا أنهم لا يتفقون تمامًا على المصطلحات التي تصف ما فعلوه بشكل أفضل.
ومن وجهة نظر تشيريبيلا، شكلت التجارب محاكاة عكس سهم الزمن. ففي الواقع، قد يتطلب عكسها ترتيب نسيج الزمكان نفسه في تراكب من شكلين هندسيين في اتجاهات مختلفة، حيث قال: “من الواضح أن التجربة لا تعكس سهم الزمن”.
وفي غضون ذلك، يعتقد بروكنر أن الدوائر تخطو خطوة بسيطة إلى ما وراء المحاكاة. ويشير إلى أن الخصائص القابلة للقياس للفوتونات تتغير تمامًا كما لو مرت عبر تراكب حقيقية لهندسة الزمكان. ففي عالم الكم، لا توجد حقيقة تتجاوز ما يمكن قياسه، وأضاف تشيريبيلا قائلاً: “لا فرق بين المحاكاة والشيء الحقيقي للحالة نفسها”.
ويقر كذلك بأنه يمكن للدائرة أن تعكس الوقت فقط بالفوتونات التي تمر بتغيرات الاستقطاب؛ فإذا كان الزمكان بالفعل في حالة تراكب، فإن اتجاهات الوقت المتناقضة ستؤثر على كل شيء.
وبصرف النظر عن فلسفتهم، يأمل الفيزيائيون إنشاء دائرة كمومية تتدفق في اتجاهين في نفس الوقت لصنع أجهزة جديدة للحوسبة الكمومية.
وقال سيريل برانشارد، عالم نظرية المعلومات الكمومية في معهد نيل في فرنسا: “إنها تسمح لك بالقيام بأكثر من مجرد تنفيذ العمليات”.
ويعتقد بعض الباحثين أن طابع السفر عبر الزمن لعكس الوقت يمكن أن يسمح “بإعادة ضبط” الكمومية في المستقبل. ويعتقد البعض الآخر أن الدوائر التي تعمل في وقت واحد في كلا الاتجاهين يمكن أن تسمح للآلات الكمومية بالعمل بكفاءة أكبر، حيث قال روبينو: “يمكنك استخدامه في الألعاب لتقليل عدد الخطوات المطلوبة لإكمال مهمة معينة”.
فهذه التطبيقات العملية بعيدة كل البعد عن التأكيد؛ على الرغم من أن الدوائر ذات الوقت المعكوس كسرت حد الأداء النظري في تجربة التخمين الخاصة بـتشيريبيلا وليو؛ حيث كانت تلك مهمة مفتعلة للغاية لتسليط الضوء على أفضليتها على الدوائر ذات الاتجاه الواحد.
ولكن الظواهر الكمومية الغريبة بإمكانها إثبات فائدتها. اعتقد الفيزيائي البارز أنطون زيلينجر بأن التشابك الكمي؛ الرابط بين الجسيمات المنفصلة، لم يكن ذو فائدة تذكر. ولكن، يعمل التشابك حاليًا على ربط العقد معًا في شبكات الكم الوليدة والكيوبتات في النماذج الأولية لأجهزة الحاسوب الكمومية. وفاز عمل زيلينجر حول هذه الظاهرة بجائزة نوبل في الفيزياء لعام 2022، حيث قال فرانك أرنولد: “إنها بداية الطريق” لمعرفة الطبيعة المتقلبة للزمن الكمومي.
المصدر: https://www.quantamagazine.org
ترجمة: ساره الزعابي
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً