ماهي الشخصية؟ هي ميول واعتقادات وطرق تفكير وتصرفات. وتختلف الشخصية من شخص لآخر، وهي عمليات عقلية معقدة ومتقدمة يستطيع الإنسان القيام بها بفضل المخ البشري. ولكن بعض الناس قد لا يؤمنون أن الشخصية تأتي من المخ.

الناس الذين يؤمنون “بالثنائية” يعتقدون أن العقل والجسد منفصلان عن بعضهما حيث المخ عضو جسدي مادي كباقي الأعضاء بينما الأجزاء غير الملموسة  التي توجد بعقل الإنسان أو “روح الإنسان” تكون كالمعتقدات والمواقف وما يحبون وما يكرهون.

ولكن في الثالث عشر من سبتمبر سنة ١٨٤٨م تعرض عامل سكة حديد “فينيش كايج” إلى اختراق جمجمته مباشرةً من أسفل عينه اليسرى من خلال قضيب حديدي كبير ومدبب يبلغ طولة متراً مما أدى تقريبًا إلى تحطم الفص الجيني من شق مخ كايج الأيسر ولكن بعد هذه الحادثة لم يمت وقد عاش بعدها اثني عشر سنة؛ ولأن المخ البشري لديه قدرة رائعة على التأقلم قام بتوظيف الشق الأيمن من المخ بإدراك ما حدث، وقام بتعويضه والقيام بالعمليات الطبيعية التي يحتاجها لتظل حياته قائمة بشكل طبيعي.

ولكن بعد هذه الحادثة حدثت تغيرات مفاجئة وجذرية في شخصيته وتحول من شخص دمث الخلق وجاد في عمله إلى شخص غير مسؤول، ومتقلب المزاج، وبذيء اللسان ووصل أبعد من ذلك إلى حد الاضطراب الذهني. واجهت “الثنائية” موقفًا عصيبًا؛ لأن هذه الحادثة رسخت بقوة فكرة أن العمليات التي يقوم بها مخ الإنسان غير مسؤولة عن شخصيته.

ومع ذلك هناك أقاويل واردة أن بعد التغيرات الكبيرة والسيئة التي حدثت لشخصية كايج لابد وأنه قد تعافى منها وأصبح أفضل مرة أخرى.

وبعد حادثة كايج هناك نقطتين جديدتين وثابتتين عن شخصية الإنسان: أن الشخصية منتج من منتجات المخ، وأنه من الصعب جدًا قياس شخصية الإنسان بطريقة صحيحة وموضوعية.

المرجع: دين برينت – المخ الأبله – عيسى عبدالله – دار عصير الكتب ٢٠٢١.

بقلم: رندا المهوس

تويتر: @rsfm10

مراجعة وتدقيق: زينب محمد