تحميك التكنولوجيا من الشعور العميق بالملل وهنا تكمن المشكلة!

تحميك التكنولوجيا من الشعور العميق بالملل وهنا تكمن المشكلة!

5 فبراير , 2023

ترجم بواسطة:

لمى الغامدي

دقق بواسطة:

سراء المصري

كشفت دراسةٌ حديثة أن الإلهاء المستمر من وسائل التواصل الاجتماعي قد يحرم عقولنا من الوصول إلى مستوى أعمق وأكمل من الشعور بالملل، وإنه لأمرٌ مؤسف؛ حيث إن هذا الشعور المطلق بالملل قد يكون أرضًا خصبة للإبداع.

يختلف المستوى العميق من الملل عن ذلك الأولي والسطحي الذي نختبره عند الانتظار في محطة الحافلات أو عند انتظار بداية برنامج تلفزيوني، حيث إن هذا النوع سرعان ما يتبدد بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، مما يعني أن مستويات الملل قد لا تصل أبدًا إلى تلك التي تحفز الإبداع. 

يقول تيموثي هيل، عالم الاجتماع في جامعة باث بالمملكة المتحدة: “قد يبدو الشعور العميق بالملل مفهومًا سلبيًا للغاية، ولكنه في الواقع إيجابي إذا أُتيحت الفرصة للناس للتفكير والتطور بتركيز”. 

وأضاف: “يجب أن ندرك أنّ الوباء كان تجربةً مأساوية ومدمرة ومستنزفة للآلاف من الأشخاص الأقل حظًا، لكننا جميعًا على دراية بقصص أولئك الذين وجدوا هوايات، مهن أو ميول جديدة أثناء الحجر الصحي”. 

قام هيل وزملاؤه بدراسة حياة ١٥ شخصًا ممن حصلوا على إجازة مدفوعة الأجر أو من طُلب منهم العمل من المنزل أثناء جائحة فيروس كورونا، اختلفت أعمار ومهن وخلفيات التعليم لكلٍ من المشاركين الذين كانوا جميعًا من إنجلترا وجمهورية إيرلندا.

وأُجريت مقابلات منظمة معهم حيث شرحوا فيها كيف قضوا وقتهم خلال الوباء، بالإضافة إلى مختلف المشاعر التي مروا بها خلال تلك الفترة. لوحظ من خلال ذلك أنهم كانوا كلما شعروا بالملل تصدّوا لذلك الشعور بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يُعرف بإدمان تصفح الأخبار السيئة. 

وجد المشاركين في تلك الدراسة والذين عانوا بالفعل من الملل العميق أنه جلب مشاعر القلق والفراغ، ولكن لطالما ما كان هناك دافعٌ متجدد لملء هذا الفراغ، حيث اكتشفوا هوايات جديدة أثناء الجائحة مثل النجارة والخبز وركوب الدراجات. 

يحرص الباحثون على تأكيد أن كثيرًا من الناس لا يتمتعون برفاهية الجلوس وعدم فعل أي شيء لفترات طويلة من الوقت، وأن وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون ضرورية في الحفاظ على العلاقات مع العائلة والأصدقاء، ولكن يجب توضيح الأثر الذي قد تتركه هذه الوسائل على طريقة تفكيرنا. 

يقول هيل: “كانت المشكلة فيما لاحظناه أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تُخفّف من الملل السطحي، ولكن هذا قد يمتص الطاقة والوقت وقد يمنع الناس من الوصول إلى حالة عميقة من الملل حيث يمكنهم اكتشاف هوايات جديدة”. 

تعود فكرة الملل السطحي والملل العميق إلى ما قبل ١٠٠ عام في سلسلة من محاضرات الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر، حيث أشار هايدجر إلى أن الملل جزء مهم من الحياة ويحتاج أن نولّيه الاهتمام. ومن المثير للاهتمام أنه في العقود التي تلت ذلك قمنا بخلق المزيد والمزيد من الطرق لتجنب الملل، فيمكننا الآن تشتيت انتباهنا على مدار الساعة بفضل مواقع التواصل الاجتماعي وكل ما توفره لنا الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والحواسب الآلية وقد لا تضطر أبداً للتوقف والإبحار في تفكيرك إذا لم ترِد ذلك. 

أشارت دراساتٌ أخرى أيضًا على أن الملل وما يرتبط به من شرود حر للعقل هو أساس رئيسي للإبداع وهذا قد يكون سبب ظهور الكثير من الأفكار الجيدة أثناء الاستحمام ويخطط الباحثون وراء الدراسة الأخيرة إلى التعمق أكثر في الموضوع. 

يقول هيل: “لقد منحنا هذا البحث نافذة لفهم كيف أن ثقافة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع والأجهزة التي قد تعدنا بالكثير من المعلومات والترفيه قد تعمل على إصلاح مللنا السطحي، ولكنها في الواقع قد تمنعنا من العثور على أشياء ذات معنى وأن أولئك الذين يجربون الانعزال عن الرقميات قد يكونون في الطريق الصحيح”.

المصدر: https://www.sciencealert.com

تويتر: @_iblue7

مراجعة وتدقيق: سراء المصري

تويتر: @sarraa_mm


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!