هل الجاذبية تجعل العمر يتقدم ببطء؟

هل الجاذبية تجعل العمر يتقدم ببطء؟

12 يناير , 2023

ترجم بواسطة:

سارة الصايغ

دقق بواسطة:

زينب محمد

إذا كنت موجودًا عند مستوى البحر، هل ستكبر ببطء أم أسرع من الشخص الذي يعيش عند قمم جبال إيفرست؟

قلبت نظرية النسبية العامة لأينشتاين فهم البشرية للكون منذ أكثر من قرن، ومنذ ذلك الحين، اكتشف العلماء أن مسيرة الزمن الثابتة ليست ثابتة. من بين الآثار المؤلمة للنسبية العامة أن الوقت يمر بسرعة أكبر كلما ارتفعنا عن الأرض مقارنةً بالأسفل.

تحدث هذه الظاهرة المثيرة للعقل لأنه كلما اقترب جسم من الأرض، كانت تأثيرات الجاذبية أقوى. ولأن النسبية العامة تصف الجاذبية بأنها تشوه المكان والزمان، فإن الوقت نفسه ينتقل أكثر بطئًا على ارتفاعات أعلى ومسافات أكبر من الأرض، حيث يكون تأثير الجاذبية أقل.

إذًا، لو ارتبط الوقت بالجاذبية، هل يعني هذا أن الأشخاص الذين يسكنون الجبال يتقدمون في العمر بصورة أسرع من الأشخاص الذين  يعيشون عند مستوى البحر؟ هل في الحقيقة زيادة الجاذبية تجعل العمر يتقدم ببطء أكثر؟

بالطبع، بالنسبة للأشياء البعيدة عن مجال الجاذبية، مثل الأرض، يتقدم الوقت ببطء، أبلغ الفيزيائي جيمس تشين وين تشو في المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا في مدينة بولدر بولاية كولورادو، لمجلة لايف ساينس عن طريق البريد الإلكتروني. هذا يعني أن الأشخاص الذين يعيشون على ارتفاعات عالية يتقدمون بالعمر أسرع قليلاً من أولئك الذين يتناقلون عبر الزمان والمكان على مستوى سطح البحر.

 يقول تشو: ” تجعلنا الجاذبية نتقدم بالعمر أبطأ، بشكل نسبي، مقارنةً بأي شخص ليس قريبًا من شيء ضخم. في الواقع، بالنسبة لهذا الشخص، يتطور العالم كله من حوله بشكل أبطأ تحت تأثير الجاذبية”.

الاختلافات ضئيلة لكنها قابلة للقياس. طبقًا للمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا، أنك إذا كان لديك ثلاثون عامًا وكنت تسكن عند قمة جبل إيفرست – الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 29,000 قدم (8,848 مترًا)، فإنك تكبر بحوالي 0.91 ميلي ثانية عن إذا ما كنت تعيش بنفس عمر الثلاثين عامًا عند مستوى البحر. وبالمثل، إذا انفصل التوأم الذين يعيشون على مستوى سطح البحر لمدة 30 عامًا، مع انتقال أحدهم إلى ارتفاع ميل (1600 متر) بمدينة بولدر بولاية كولورادو، والآخر بقي في مكانه، فسيكون التوأم المرتفع أكبر بـمعدل 0.17 ميلي ثانية عن توأمه عندما يجتمعون.

في تجربة مذهلة، استخدم المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا واحدة من أدق الساعات الذرية في العالم حتى يوضح أن الوقت يمر بشكل أسرع حتى على ارتفاع 0.008 بوصة (0.2 ملم) فوق سطح الأرض.

يصف التجربة توبياس بوثويل الفيزيائي بالمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا ومؤلف مشارك في ورقة بحثية نشرت عام 2022 في مجلة ناتشر قائلًا: “إنها ليست مجرد حسابات، لقد رأينا التغيير في دقات الساعة على مسافة تقارب عرض شعرة الإنسان”.

يعد المفتاح لفهم سبب السرعة الزمنية للأجسام الضخمة في مرور الوقت هو إدراك أن «الزمان-المكان» هو نسيج رباعي الأبعاد منسوج من ثلاث إحداثيات فضائية (أعلى/أسفل، يمين/يسار وأمام/خلف) وتنسيق زمني واحد (الماضي/المستقبل). تعد الجاذبية، في النموذج النسبي، هي عبارة عن تشوه أي جسم له كتلة  ذلك النسيج، حيث ينطبق المكان والزمان كشيء واحد.

أبلغ أندرو نوران، أستاذ الفيزياء الفلكية في الجامعة المفتوحة في المملكة المتحدة، مجلة لايف ساينس عبر البريد الإلكتروني: “يمكن لأي شيء لديه كتلة أن يؤثر على الزمان والمكان ويؤدي إلى تشوههما مما يؤدي إلى انحناء الفضاء وتمدد الوقت”. 

قال نورتن: “يعد هذا التأثير واقعي وقابل للقياس لكنه مهمل  في المواقف اليومية”.

عندما يتعلق الأمر بالمواقف غير اليومية، فإن هذه الظاهرة – المعروفة أيضًا باسم تمدد وقت الجاذبية – يمكن أن تصبح فوضوية. وفقًا لنورتون، تحتاج أقمار النظام العالمي لتحديد المواقع الصناعية التي تدور حول العالم على ارتفاع 12544 ميلًا (20186 كيلومترًا) إلى التكيف مع حقيقة أن ساعاتها تعمل بسرعة 45.7 ميكرو ثانية أسرع من الساعات هنا، على مدار 24 ساعة. 

ربما يكون التأثير الأكثر أهمية للنسبية على مرور الوقت هو دقة النظام العالمي لتحديد المواقع، نظرًا لأن [أقمار النظام العالمي لتحديد المواقع ] تتحرك بسرعات عالية وبعيدًا عن الأرض، فيجب حساب التأثيرات النسبية من السرعة والجاذبية بعناية حتى نتمكن من استنتاج موقعنا في العالم بدقة عالية.

المصدر: https://www.livescience.com

ترجمة: سارة الصايغ

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!