الحمض النووي الفيروسي القديم الموجود بالجينات البشرية يقي من العدوى

الحمض النووي الفيروسي القديم الموجود بالجينات البشرية يقي من العدوى

26 ديسمبر , 2022

ترجم بواسطة:

ريهام الكاشف

دقق بواسطة:

زينب محمد

طبقًا لدارسة حديثة، يعمل الحمض النووي الفيروسي الموجود بجينات الإنسان -الذي دُمج بجينات البشر جراء عدوى قديمة- كمضادات فيروسية تحمى خلايا الإنسان من بعض الفيروسات الحالية.

تعرض الورقة البحثية “تطور وفعالية المضاد الفيروسي لبروتين بشري من أصل فيروسي رجعي” والتي نُشرت في أكتوبر الماضي بمجلة ساينس دليلًا على ذلك التأثير.

أوضحت الدراسات السابقة وجود بقايا لحمض نووي فيروسي قديم -تُسمى فيروسات رجعية داخلية- بجينات الفئران والدواجن والقطط وأغنام تُزودهم بالمناعة ضد الفيروسات الحالية المهاجمة من البيئة الخارجية وذلك بمنعهم من دخول خلايا العائل. رُغم أن تلك الدراسة أُجريت على خلايا بشرية مزروعة بالمختبر، أظهرت أن التأثير المضاد الفيروسي للفيروسات الرجعية الداخلية على الأرجح موجود أيضًا بالبشر.

ترجع أهمية تلك الدراسة إلى أن مزيد من البحث سيكشف عن مخزون من البروتينات الطبيعية المضادة للفيروسات والتي تتيح علاجات دون آثار جانبية للمناعة الذاتية. كما يكشف البحث عن احتمالية وجود نظام دفاعي جيني لم يتم تمييزه ولكن ربما يكون شاملاً.

قال سيدريك فيستشوت، أستاذ علم الأحياء الجزيئي والوراثة بكلية الزراعة وعلوم الحياة ومعه الباحث الأول بالدراسة دكتور جون فرانك طالب سابق بالدراسات العليا بمختبر فيستشوت وهو الآن باحث ما بعد الدكتوراه بجامعة يالي: “أظهرت النتائج أننا نملك مخزون من البروتينات بالجينات البشرية ذات فاعلية لمنع مجموعة كبيرة من الفيروسات”.

تبلغ نسبة الفيروسات الرجعية الداخلية حوالي 8% من الجين البشري، على الأقل أربع أضعاف كمية الحمض النووي الذي يُشكل الجينات التي تنسخ إلى البروتينات. تدخل الفيروسات الرجعية الداخلية حمضها النووي الريبوزي لخلية العائل والذي يتحول إلى حمض نووي يُدمج بجينات العائل. بعد ذلك تتبع الخلية التعليمات الجينية وتُكون فيروسات أكثر.

بهذه الطريقة، يتبع الفيروس آلية نسخ الخلية لاستنساخ نفسه. في العادة، تُصيب الفيروسات الرجعية خلايا لا تنتقل من جيل إلى آخر، لكن بعضها يُصيب الخلايا التناسلية مثل البويضة أو الحيوان المنوي مما يفتح الباب أمام الحمض النووي الفيروسي الرجعي للانتقال من الآباء إلى الأبناء وفي النهاية تُصبح تركيبات ثابتة بجينات العائل.

لكي تدخل الفيروسات الرجعية الخلية، يرتبط الغلاف البروتيني للفيروس بمستقبلات على سطح الخلية يشبه إلى حدٍ كبير المفتاح مع القفل. يُعرف الغلاف بالبروتين الشوكي لفيروسات معينة مثل فيروس كورونا للمتلازمة التنفسية الحادة (سارس-كوفيد 2).

في تلك الدراسة، استخدم فرانك وفيستشوت وزملائه علم الجينات الحاسوبي لفحص الجينات البشرية ووضعوا فهرسًا لكل التسلسلات الفعالة لترميز بروتين الغلاف الفيروسي الرجعي والتي قد احتفظت بنشاطها بالارتباط بالمستقبلات. بعد ذلك أجروا اختبارات عديدة لتحديد أي من تلك الجينات نشطًا، أي يتم التعبير عن نواتج جين الغلاف الفيروسي الرجعي في أنواع معينة من الخلايا البشرية.

أوضح فيستشوت في هذا الصدد: “وجدنا دليلاً واضحًا للتعبير الجيني والكثير منهم عُبر عنه في الخلايا الجنينية الأولية والخلايا التناسلية كما أن مجموعة منهم عُبر عنها بالخلايا المناعية عقب العدوى”.

بمجرد أن اكتشف الباحثون المضاد الفيروسي لبروتينات الغلاف الفيروسي عُبر عنها في ظروف مختلفة ركزوا على واحدٍ يسمى “سبريسين” (Suppressyn) وذلك لأنه عرف أنه يرتبط بمستقبل يسمى الناقل المُفضل للألانين والسيرين والسيستين 2 (ASCT2) وهو نقطة الدخول الخلوية لمجموعة مختلفة من الفيروسات المسماة بالفيروسات الرجعية من النوع (د). أظهر السبريسين (Suppressyn) معدلات عالية من التعبير في المشيمة والتطورات الجنينية المبكرة جدًا.

بعد ذلك أجروا تجاربًا على خلايا بشرية تُشبه المشيمة وذلك لكون المشيمة هدف أساسي للفيروسات.

تُسمى الخلايا التي تعرضت للفيروسات الرجعية من النوع (د) بخلايا (RD114) والتي عُرف أنها تُصيب فصيلة القططة مثل القطط الأليفة. في حين أن الأنواع الأخرى من الخلايا البشرية التي لا تُعبر عن السبريسين (Suppressyn) ربما تُصاب، فإن الخلايا المشيمية والجذعية الجنينية لا تُصاب.

عندما استنزف الباحثون السبريسين (Suppressyn) من الخلايا المشيمية معمليًا، أصبحت تلك الخلايا مُعرضة للإصابة بخلايا (RD114)، وعندما أعادوا السبريسين لتلك الخلايا استعادت مقاومتها.

علاوةً على ذلك، عندما عكس الباحثون التجارب باستخدام الخلايا الجنينية الكلوية المُعرضة طبيعيًا للإصابة بخلايا (RD114) أصبحت تلك الخلايا مُقاومة للإصابة بعدما أدخل الباحثون معمليًا السبريسين (Suppressyn) لها.

أوضحت الدراسة كيف لبروتين واحد بشري من أصل فيروسي رجعي أن يحجب مستقبلات الخلية التي تسمح بدخول الفيروس والإصابة بمجموعة واسعة من الفيروسات الرجعية المنتشرة في العديد من الفصائل غير البشرية.

وأشار فيستشوت أنه بتلك الطريقة، تُوفر الفيروسات الرجعية القديمة التي دُمجت داخل الجينات البشرية آلية لحماية الجنين النامي من الإصابة بالفيروسات الرجعية.

وقال: “سيكشف العمل المستقبلي نشاط المضاد الفيروسي للبروتينات الأخرى المُستمدة من الغلاف والمُشفرة بالجينات البشرية”.

المصدر: https://www.sciencedaily.com

ترجمة: د. ريهام الكاشف

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!