إعداد أطفال أكفاء في الرياضيات وواثقون من أنفسهم

إعداد أطفال أكفاء في الرياضيات وواثقون من أنفسهم

26 نوفمبر , 2022

ترجم بواسطة:

سهير محمد

دقق بواسطة:

سراء المصري

تساعد تغذية العقلية المتطورة وتحفيزها على تعلُّم الطالب.

ساعدت ابنتي مؤخرًا في حل واجبها المدرسي في مادة الهندسة، إذ عملنا على عناصر تشبه المستقيمات القاطعة، وبلا شك كان من الصعب أن أنافسها على مبادئ الرياضيات سهلة النسيان. نطقت مصطلح المستقيمات القاطعة بصعوبة، ناهيك عن شرحه للطفلة.

كما إن معاناة شرح الرياضيات بعيدة كل البعد عن خبرتي الشخصية. تدهورت نتائج الرياضيات إلى مستوى لم نشهده منذ عشرين عامًا، وفقًا لاختبار التقييم الوطني للتقدم في التعليم. فما الحل؟ هل سنتمكن من سد هذه الفجوة للطلاب المعانون؟

أنشأتُ وكالة تعليمية في عام 2018، وهي مؤسسة تختص بعلم التعلُّم. وهذا ما جعلني في مقدمة من أسهموا بالعديد من الإنجازات في مجال التعليم، وعملت عدة سنوات مع كريستينا هيفرنان، مؤسِسة “التقييمات”. فقد وجدت مبدأها في تعلُّم الرياضيات وتدريسها لهذه المادة متعمقًا ومحفزًا.

تركز هيفرنان دائمًا على أن المعلمين يمكنهم إعداد أطفال أكفاء في الرياضيات وواثقين من أنفسهم. وهذا يطمئن الآباء بالتأكيد، لكن الأهم أنه يسلط الضوء على حاجتنا للاستثمار في علاقة المعلم بالطالب، في فصول الرياضيات خاصةً.

تبنِّي العقلية المتطورة في فصول الرياضيات

غالبًا ما أسمع الأطفال والبالغون يقولون، “لا أملك عقلًا رياضيًا” أو “لست جيدًا في مادة الرياضيات”. تشير هذه العبارات إلى ما نطلق عليه “العقلية الثابتة”، التي ترتبط دائمًا بنوع من عدم التشجيع وقلة الحيلة وعدم القدرة على تحسين وضع الشخص. وتشتهر العقلية الثابتة بشدة في فصول الرياضيات. لكن بمساعدة المعلمين، يتمكن الطلاب من تبني العقلية المتطورة.

ويعني ذلك الإيمان بإمكاناتهم على اكتساب المهارات والمعرفة اللازمة للتفوق. ففي العلاقات القوية البناءة بين المعلم والطالب، ينمي المعلمون لدى الطلاب عقليات متطورة ويغرسون فيهم الإحساس بالثقة واليقين والتحفيز الذي لا يشجعهم على التعلُّم فقط، لكنه ينمي إمكاناتهم لمواجهة التحديات على المدى البعيد.

يلزم بناء هذه العلاقات القليل من العوامل الرئيسية؛ أولها إعطاء التعليمات التي تلبي مستوى مهارات الطلاب. يطلق العديد من المعلمون على هذه الطريقة “التفريق”. وفي نفس الوقت، من الضروري أن ننمي بيئة إيجابية حيث يساند الطلاب بعضهم بعضًا ويتعاونون لحل المشاكل الأكاديمية والشخصية. وبالدعم الشخصي والجماعي الصحيح، سرعان ما ينمو لدى الطلاب وعيًا شخصيًا واجتماعيًا وإدارة ذاتية واتخاذ القرارات ومهارات العلاقات. يُطلق الخبراء على هذا المبدأ التعلُّم الاجتماعي العاطفي، الذي يشكل دورًا شديد الأهمية في فصول الرياضيات اليوم.

ممارسة التفريق والتعليم الفردي

في ندوة أقيمت مؤخرًا عبر الإنترنت، شرحت رينا رزاق، معلمة الرياضيات وعلوم الحاسب في مدرسة دوهرتي الثانوية في ورسستر، ماساتشوستس، كيفية ممارستها للتفريق والتعليم الفردي يوميًا.

كان لدى رزاق طلاب في فصولها الدراسية من خلفيات اجتماعية اقتصادية مختلفة، وكانوا يدرسون اللغة الإنجليزية تزامنًا مع الهندسة والجبر. نقلت المدرسة طالبًا يبلغ 16 عامًا إلى فصل الجبر للمبتدئين وسرعان ما اكتشفت أنه لم يلتحق بمدرسة رسمية منذ الصف الثالث بسبب الاضطرابات السياسية في موطنه.

وأدركت أن هذه الظروف ليست أحداثًا فردية، لأن الطلاب يحضرون الفصول الدراسية محملين باحتياجات اجتماعية عاطفية تحتاج إلى عناية واهتمام المعلمين. في الفصول الدراسية لمادة الرياضيات، يعني التعليم الاجتماعي العاطفي الوعي بنوع الإرشاد المطلوب داخل الأكاديميات أو الثقة بالنفس أو الوعي الاجتماعي، الذي يحتاجه كل طالب ليحقق أهدافه.

الاستخدام البنّاء للوقت

يوافق الكثير منا على مبدأ رزاق، لكن يجول بخاطرنا هذا السؤال: كيف سيجد المعلمون الوقت لتجربة مبدأ التعليم الاجتماعي العاطفي وسط واجبات الإعداد والتصحيح والواجبات الإدارية؟

أساند جميع الاستراتيجيات التي تجعل التعلُّم أكثر فعالية، وفي هذه الحالة أؤمن باستخدام تقنيات التعليم كطريقة لتمهيد الطريق للإبداع والتجربة. كما تساعد مبادرات مثل مسابقة ابتكار الأدوات التعليمية على تقديم تقنيات حديثة المعلمين حول العالم. وباستخدام الأدوات الصحيحة، سيتمكن المعلمون الماهرون من تبسيط المعادلة اللازمة لتخصيص وقت أكبر لإضفاء الطابع الفردي على التعليمات وتلبية الاحتياجات الأكاديمية والاجتماعية العاطفية.

قامت رزاق بتطبيق هذا المبدأ بإعطاء اختبارات تشخيصية وتقييمية للطلاب بناءً على معرفتهم ووضع تمرينات تتوافق مع تقدمهم. تقدم وسائلها رؤية إلى طرق التعليم القائمة على البيانات. وفي أغلب الأوقات لا يكون الطلاب واعين بالأجزاء التي يحتاجون المساعدة فيها أو يعجزون عن التعبير عنها. من الممكن أن تصبح التقنيات التعليمية أدوات موثوقة لمساعدة المعلمين على التعرف على الأنماط الأكاديمية والاجتماعية العاطفية للطلاب.

فعلى سبيل المثال، تنشئ العديد من المنصات تقاريرًا تلخص نقاط الضعف الفردية والجماعية، التي يمكنها إرشاد المعلمين للاستغلال الأكثر فعالية لوقت الحصة الدراسية. كما تقدم بعض التقنيات رؤىً عن التجارب الاجتماعية العاطفية مثل الانتباه والمزاج وإدارة الوقت. ندرك جميعًا قيمة التعاون بين المعلمين والطلاب والوالدين. وباستخدام البيانات يمكننا بدء المحادثات والعلاقات التي تحدث فارقًا في تعليم الأطفال.

والأهم من ذلك، نحتاج إلى دراسة المبدأ العام في التعليم وكيفية تشكيله لفصولنا الدراسية وأسرنا وتطوير التقنيات. فهل نوفر بيئة مناسبة لنجاح أطفالنا؟ وكيف نقيم نطاق متطلبات أجيال المستقبل الواسع ونلبيها؟ يمكننا فعل ذلك فقط عندما ندرك أن رؤيتنا يمكنها تحديد التقنيات المحددة اللازمة لإكمال الصورة.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: سهير محمد

مراجعة وتدقيق: سراء المصري

تويتر: @Sarraa_mm


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!