قوة التوقعات الإيجابية

قوة التوقعات الإيجابية

11 نوفمبر , 2022

ترجم بواسطة:

سهير محمد

دقق بواسطة:

شهد القاضي

يبين العلم أن ما نتوقع حدوثه بحياتنا، يتحقق ويحدث بالفعل.

“يعبر تفكيرك عما يحدث لك بالحياة وهو نتاج اختياراتِك”، كما ذُكر في مجلة –A Course In Miracle

نعيش في عالم يشبه غرفة الصدى. فالصوت الذي نصدره يعود إلينًا مرارًا وتكرارًا. وإذا فكرت في شكل العالم عندما تشعر بمزاج جيد أو سيء، فستعرف معنى ذلك. يبدأ الأمر عندك وبما تقدمه للعالم. إذا كنت سعيدًا أو آملًا أو ممتنًا، فسيشعر من حولك بالسعادة والأمل والامتنان. أما إذا كنت مترددًا وقلقًا وفاقدًا للأمل، فسترى عالمًا يملأه اليأس.

فتوقعاتنا عما سيحدث في المستقبل تفسر لنا العالم من حولنا. ثم يتحول رد فعلنا إلى الانحياز التأكيدي. ويعني ذلك أننا سنعيش العالم وفقًا لتوقعاتنا. إذ تؤكد خبراتنا معتقداتنا وتوقعاتنا عن القادم. وهنا يكمن الانتقال الكبير. فالأمر ثنائي الاتجاه؛ أي أن فهمنا للعالم يخلق التجربة التي تؤكد هذا الفهم. كأننا نستجيب إلى نوع من التنويم المغناطيسي. إذ تُخرج للعالم من حولك ما تؤمن أنك تعيشه وسوف يؤكده العالم لك، جيدًا كان أم سيئًا.

وفي البحث عن تعلُّم التفاؤل أو قوة الإيجابية لتخطي الاكتئاب، وجدتُ دراسات تؤكد هذه الحقيقة ببراعة. إذ يوضح البحث الذي يستخدم التنويم المغناطيسي مدى قوة التوقعات. ففي دراسة واحدة، خضع أشخاص للتنويم المغناطيسي وطُلب منهم لمس قطعة فحم ساخنة. ثم طُلب من كل شخص منهم أن يلمس مكعب ثلج. على الفور، تكونت لديه بثور في مكان اللمس.

فتوقع حدوث شيء سيء وضعه في حالة دفاع عن النفس- حتى وإن لم يكن هناك داعٍ لذلك – مما أدى إلى هذه النتائج. تحمينا قوة التوقع كذلك من ردود أفعال معينة. فبعد تنويم الأشخاص مغناطيسيًا، كان من يعاني من الحساسية تجاه مواد مختلفة، قادرًا على إصدار رد فعل عندما قيل له أنه لن يتأثر.

وكانوا يدركون التحفيز إدراكًا مختلفًا وفقًا لتوقعاتهم، في هذه الدراسات. من الممكن أن يسبب مكعب الثلج بثورًا إذا توقعنا أنه سيحرقنا، ومن الممكن إبطال رد الفعل التحسسي إذا كان مسبب الحساسية مضرًا. إذًا سيؤثر توقعنا على طريقة استجابتنا. ويحدث ذلك عندما نفكر بمستقبلنا خاصةً. فما نتوقع حدوثه هو ما يتحقق ويحدث لنا بالفعل.

ولنوضح الأمر، انظر إلى صورة لبطة ولاحظ مدى طول منقارها. ثم انظر إلى صورة أرنب ولاحظ مدى طول أذنيه، إذا انتقلت عيناك إلى اليمين، فسترى البطة أرنبًا، وإذا نقلتها مرة أخرى فسترى الصورة بطة. وهنا نلاحظ أن الحافز أو المحتوى لم يتغير، لكن ما تغير هو طريقة نظرك إليه. فقد رأيت ما توقعت أن تراه. رأيت حيوانان مختلفان تمامًا لتوقعك ذلك؛ رأيت ما ركزت انتباهك عليه. وإذا طلبت منك أن تنظر إلى صورة الأرنب أولًا، فهذا ما ستراه أولًا. فالتوقعات تخلق التجارب.

يعتمد ما تراه بالبطة أو الأرنب على ما تركز عليه. لأن هذان الحيوانان مختلفان. تعتمد التغيرات التي تحدث في تجربتك على ما تركز عليه. إذا أردت أن ترى البطة، فركز عينيك على المنقار. أما إذا كنت تحب الأرنب، فانظر بالاتجاه الآخر. فأنت ترى ما تختار أن تراه.

وكذلك يمكنك اختيار طريقة تفكيرك في مستقبلك. في الحقيقة، تغير الأبحاث طريقة تفكيرنا في مستقبلنا مشاعرنا الإيجابية الحالية وتوقعاتنا الإيجابية عن المستقبل. إذا تخيل الشخص مستقبلًا أفضل لحياته، ستتحسن توقعاته، وسيشعر أنه أكثر تفاؤلًا ورضًا عن حياته وأقل اكتئابًا وأكثر سعادة وصحة.

تعرف هذه الطريقة بالنسخة الأفضل منك، وكنت قد كتبت سابقًا عن كيفية عمل ذلك وإيجاد بديل ممتع.

أفكارك لا تحدث لك، بل تحدث من أجلك. فتعلُّم طريقة تسخير قوة التوقعات الإيجابية تسمح لك باستخدام أفكارك كالوميض القوي للوصول إلى أفضل طريق للمضي قدمًا. وإليكم طريقة البدء في حصد التوقعات الإيجابية. يبدأ الأمر بإيمانك أن هناك طريقة بديلة لتجربة موقفٍ ما.

تغيير طريقة تفكيرك

1. إذا كنت بحالة مزاجية سلبية ولا تستطيع أن تعيش تجاربًا إيجابية، فيجب أن تتحدى تفكيرك باستخدام هذه العبارة: “يمكنني التفكير في الأمر بطريقة أخرى”. تسمح هذه العبارة الواضحة لأفكارك بالتحدي إذ تفتح لك إمكانية الوصول إلى حل بديل إذا فكرت في الموقف من زاوية أخرى. كأنك تذكر نفسك باحتمال وجود طريقة أخرى لرؤية صورة البطة.

2. اكتب قائمة عن الطرق الأخرى (الإيجابية) لرؤية الموقف؛ كأن تراه قابلًا للتنفيذ وتعترف بذلك.

3. وأخيرًا، راجع العناصر التي تكتبها في قائمتك بتأنٍ واشعر بامتنانك لنفسك لابتكارك طرقًا إيجابية لرؤيتك للموقف. وتُعرف هذه الطريقة بالتأمل الدقيق، ومع الوقت مع هذا الامتنان ستغير طريقة تفكيرك حول التجارب السلبية.

فابتكار الفرص للتوقعات الإيجابية مهارة يجب تنميتها. كما يقول ثورو: “لا يكمن السؤال فيما تراه، بل في طريقة رؤيتك له”.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: سهير محمد

مراجعة وتدقيق: شهد صالح


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!