أهمية التباين الجيني للأسلاف للتطور السريع لعصافير غالاباغوس

أهمية التباين الجيني للأسلاف للتطور السريع لعصافير غالاباغوس

2 نوفمبر , 2022

دقق بواسطة:

زينب محمد

في دراسة نُشرت في مجلة ساينس أدفانسس العلمية، تمكن فريق دولي من الباحثين من تحديد 28 منطقة جينية كانت ذات أهمية في تطور عصافير غالاباغوس أو بما تعرف بعصافير داروين. ولا تمثل هذه المتغيرات الجينية المحددة الطفرات الحديثة، ولكنها تشكل تباينًا جينيًا للأسلاف تراكمت بمرور الوقت حيث تطورت أنواع مختلفة من هذه العصافير مع اختلافات مذهلة في تكوين المنقار.

عصافير غالاباغوس

الإشعاعات التكيفية هي مجموعات من الأنواع المرتبطة ارتباطًا وثيقًا والتي تنوعت في علم البيئة وعلم التشكل من أنواع أسلاف مشتركة خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا.

غالبًا ما يحدث هذا بعد استعمار منطقة جغرافية جديدة. وتعد عصافير داروين مثالًا متميزًا على ذلك، حيث تطور 18 نوعًا خلال المليون سنة الماضية بعد وصول أنواع الأسلاف إلى جزر غالاباغوس. أما السؤال المهم الذي يتوجب علينا طرحه في علم الأحياء التطوري هو كيف يمكن أن يحدث مثل هذا التطور السريع؟

تطورت عصافير داروين في بيئة غير مضطربة نسبيًا؛ فيقع الأرخبيل على بُعد حوالي 1500 كيلومتر غرب البر الرئيسي لأمريكا الجنوبية. ولم تتواجد مستوطنات بشرية دائمة إلا خلال السنوات المئة الماضية، ولم ينقرض أي نوع من عصافير داروين بسبب الأنشطة البشرية.

تنويع تشكيل المنقار

أحد التغييرات التطورية الرئيسية بين هذه الطيور هو تنوع تشكيل المنقار الذي سمح لأنواع مختلفة باستخدام موارد غذائية مختلفة، بما في ذلك البذور بأحجام مختلفة والحشرات وحبوب اللقاح والرحيق من أزهار الصبار وكذلك الدم من الأنواع الأخرى.

يقول بيتر وروزماري جرانت، من جامعة برينستون: “خلال عملنا الميداني في جزيرة دافني ميجور الصغيرة خلال فترة 40 عامًا، وجدنا أدلة كافية على مدى تأثير التباين في شكل المنقار على استخدام الغذاء والبقاء على قيد الحياة بين هذه الطيور، وجمعنا أكثر من 6000 عينة دم من أنواع مختلفة من عصافير داروين على مر السنين. واستخدمت بعضها في الدراسة الحالية”.

بدأ هذا المبحث الجديد من التوصيف الجيني لعصافير داروين برحلة ميدانية إلى جزر غالاباغوس لجمع عينات الدم لاستخدامها في إنشاء خريطة عالية الجودة لكامل جينوم عصافير داروين. أحضر الباحثون أدوات التسلسل المحمولة ونفذوا تسلسل الحمض النووي في الموقع في غالاباغوس.

يوضح كارل يوهان روبين، الباحث في جامعة أوبسالا والكاتب الرئيسي المشترك في الورقة البحثية: “بمساعدة الباحثين المحليين في غالاباغوس، تمكنا من تنفيذ تسلسل الجينوم في المجال الذي جمعنا فيه العينات. ويؤكد هذا بأن لدينا أعلى جودة الحمض النووي لتحليل التسلسل. ستكون هذه الخريطة الجديدة عالية الجودة لجينوم عصافير داروين مرجعًا هامًا لدراسات هذه المجموعة المثيرة للاهتمام من الطيور”.

مقارنة ما بين الجينومات

قارن الباحثون بعد ذلك جينومات العصافير الأرضية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة. وهذه الأنواع الثلاثة متشابهة، ولكنها تظهر اختلافات مذهلة في حجم الجسم والمنقار.

يوضح إريك إنبودي – الذي أجرى هذا التحليل بصفته زميلًا ما بعد الدكتوراه في جامعة أوبسالا : “كشف تحليلنا الجيني عن 28 منطقة جينية أظهرت اختلافات متسقة بين هذه الأنواع الثلاثة”.

وأضاف: “لقد فوجئنا بأن هذه المتغيرات الجينية كانت موجودة أيضًا بين أنواع أخرى من عصافير داروين، مما يعني أن لديهم تاريخًا تطوريًا أطول من الأنواع نفسها. وهذا يعني أن هذه المتغيرات الجينية قد استخدمت وأعيد استخدامها أثناء تطور عصافير داروين”.

وأشار كارل يوهان روبين: “بعد ذلك، اكتشفنا وظيفة الجينات المحددة ولاحظنا أن العديد من هذه الجينات تظهر في المنقار النامي، بما يتماشى مع افتراضنا بأن الجينات التي تؤثر على شكل المنقار يجب أن يكون لها دور بارز خلال تطور عصافير داروين”.

فقدان التنوع البيولوجي

يشكل فقدان التنوع البيولوجي، الذي يقاس بازدياد عدد الأنواع التي انقرضت بسبب فقدان الموائل الطبيعية والأنشطة البشرية، مصدر قلق كبير في الوقت الحاضر.

يوضح ليف أندرسون من جامعة أوبسالا، وجامعة تكساس إيه آند إم التي قادت الدراسة: “تشير دراستنا إلى أن الوضع أكثر إثارة للقلق مما يُفترض عمومًا لأن استنتاجنا الرئيسي هو أن التطور السريع لعصافير داروين كان يعتمد على المتغيرات الجينية التي تطورت على مدى مئات الآلاف من السنين”.

 وأضاف: “من أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي للأجيال القادمة، من المهم الحفاظ على أعداد كبيرة من الأنواع الشائعة بقدر أهمية إنقاذ الأنواع النادرة من الانقراض، لأن الحفاظ على الأنواع الشائعة هو الحل الأفضل تجهيزًا للتكيف مع التغيرات المستقبلية في البيئة”.

المصدر: https://phys.org

ترجمة: عبير عبد الله الحقبي

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!