إعادة تقييم دور خلايا (الزومبي) التي سعى الطب المقاوم للشيخوخة للقضاء عليها

إعادة تقييم دور خلايا (الزومبي) التي سعى الطب المقاوم للشيخوخة للقضاء عليها

29 أكتوبر , 2022

ترجم بواسطة:

أميرة الشرقاوي

دقق بواسطة:

زينب محمد

لا تعد كل الخلايا الهرمة والذي يطلق عليها (الزومبي) ضارةً، ولا يجب التخلص منها للوقاية من الأمراض المتعلقة بتقدم العمر. ووفقًا لبحثٍ جديدٍ من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو الذي وجد أن بعض هذه الخلايا مُضمنةً في الأنسجة اليافعة والصحية تعزز الإصلاح الطبيعي من التلف.

لقد لاحظ العلماء مؤخرًا نشاط هذه الخلايا في أنسجة الرئة، بالإضافة إلى أعضاء أخرى تعمل كحواجز في الجسم، مثل الأمعاء الدقيقة، والقولون، والجلد. عند استخدام العلماء أدوية محللات الشيخوخة (senolytics) للقضاء على خلايا الزومبي، كانت الإصابات في خلايا الرئة تلتئم ببطء كبير.

أوضح تيان بينغ ، الحاصل على درجة الدكتوراه في الطب وأستاذ مساعد في أمراض الرئة والرعاية الحرجة والحساسية وطب النوم، وهو كبير مؤلفي الدراسة التي نُشرت في مجلة ساينس (science) في أكتوبر 2022: “يمكن لخلايا الزومبي أن تحتل منافذ بمواقع متميزة وتعمل كحراس لمراقبة الأنسجة بحثًا عن الإصابة والاستجابة من خلال تحفيز الخلايا الجذعية القريبة لتنمو وتبدأ في الإصلاح”.

الخلايا الهرمة قد تتلف وتلتئم

وصرّح بينغ، من المفهوم أن العلماء نظروا في بداية الأمر إلى الخلايا الهرمة على أنها ضارةٌ بحتةٌ. فمع تقدم الأشخاص في العمر، تتراكم خلايا زومبي التي تحمل خصائص الخلايا القديمة البالية، بالإضافة لعدم قدرتها على تكوين خلايا جديدة. وبدلًا من الموت كالخلايا الهرمة الطبيعية، تعيش وتقذف مزيجًا من المركبات المسببة للالتهاب، التي تسمى النمط الظاهري الإفرازي المرتبط بالشيخوخة (SASP).

ترتبط هذه المركبات بمرض الزهايمر والتهاب المفاصل والأمراض الأخرى ذات الصلة بتقدم العمر بما في ذلك السرطان، لذلك صيغ هذا الاسم الجذاب “خلايا الزومبي” ليلائم خصائص هذه الخلايا.

باستخدام أدوية (senolytics) التي تستهدف وتقتل (خلايا الزومبي)، توصل الباحثون إلى اكتشافٍ مثيرٍ يفيد بأن إزالة هذه الخلايا من الحيوانات يقلل أو يمنع الأمراض المرتبطة بتقدم العمر ويطيل عمر الحيوانات. تبع ذلك، حدوث طفرة نشاط في معامل البحوث وشركات الأدوية التي ركزت على اكتشاف وتحسين إصدارات أكثر فاعليةً من هذه الأدوية.

ولكن التخلص من خلايا الزومبي خطر، على حد وصف بينغ، لسببٍ واحدٍ. حيث أظهرت الدراسة الحالية أن الخلايا الهرمة تمتلك القدرة على تعزيز التعافي الطبيعي من خلال تنشيط إصلاح الخلايا الجذعية. أفاد بينغ: “تشير دراستنا إلى أن أدوية (senolytics) يمكن أن تؤثر سلبًا على الإصلاح الطبيعي، ولكن لديها أيضًا القدرة على استهداف الأمراض حيث تقود الخلايا الهرمة سلوك الخلايا الجذعية المرضية”.

إضاءة الخلايا الهرمة

أحد التحديات الرئيسة لدراسة الخلايا الهرمة هو أن الدلائل الحيوية للشيخوخة مثل جين (p16) غالبًا ما تكون قليلة للغاية، مما يُصعب اكتشاف هذه الخلايا. في التجارب الأولى، استخرج الباحثون خلايا تسمى الخلايا القاعدية الليفية في أطباق الاستنبات، وسمحوا لها بالنمو وإنتاج ما يكفي من الخلايا لتجربتها، ثم أضافوا على الخلايا مواد كيميائية تُحثها لتصبح هرمة.

لكن تتفاعل هذه الخلايا في الكائنات الحية مع الأنسجة المحيطة بها وتؤثر بقوة في نشاط  جين الخلايا. يُقصد من هذا أن خصائص الخلايا المعزولة التي نمت  في طبق زجاجي، تختلف تمامًا عن خصائص الخلايا في بيئتها الطبيعية.

حيث استحدثوا أداة تعزز دراساتهم، لذلك حسنت الباحثة ما بعد الدكتوراه نابورا رييس دي باربوزا وزملاؤها تقنية شائعة في هذه الحالة لدمج جين ذي صلة، وهو جين ((p16 الذي ينشطُ نشاطًا مفرطًا في الخلايا الهرمة مع بروتين الفلوري الأخضر (GFP)؛ وهو يُستَخدم كعلامة يمكن الكشف بها عن موقع الخلايا عند التعرض للأشعة فوق البنفسجية، من خلال تعزيز كمية وثبات هذا البروتين في الخلايا الهرمة.

ضخمت رييس الإشارة الفلورية تضخمًا كبيرًا، فتمكن الباحثون في نهاية الأمر لرؤية الخلايا الهرمة في بيئاتها الطبيعية للأنسجة الحية.

تحفيز “الزومبي” للخلايا الجذعية بعد وقت وجيز من الولادة

وباستخدام تلك الأداة – المذكورة مسبقًا – ذات الحساسية العالية؛ اكتشف الباحثون وجود الخلايا الهرمة في الأنسجة السليمة والصغيرة بقدر أكبر مما اعتقدوه سابقًا، حيث تبدأ في الظهور بعد فترة وجيزة من الولادة.

حدد العلماء أيضًا عوامل نمو خاصة تُفرزها الخلايا الهرمة لتحفيز الخلايا الجذعية للنمو وإصلاح الأنسجة التالفة. كل ما يتعلق بالشيخوخة وإصابة الأنسجة هو اكتشاف قدرة الخلايا المناعية مثل البلعمية الكبيرة ووحيدات النوى على تنشيط الخلايا الهرمة، ويُرجح أن يكون الالتهاب الموجود في الخلايا المسنة أو التالفة هو بمثابة المُعدِّل الحيوي لنشاط هذه الخلايا وتجديدها.

لاحظ فريق بينغ عند دراستهم لأنسجة الرئة وجود خلايا هرمة خضراء متوهجة بالقرب من الخلايا الجذعية على الغشاء السفلي الذي يعمل كحاجز لمنع دخول الخلايا الغريبة والمواد الكيميائية الضارة للجسم، بالإضافة لسماحه بانتشار الأكسجين من الهواء الموجود في الرئتين إلى الأنسجة الأساسية الكامنة.

يمكن حدوث التلف في هذه الواجهة الديناميكية. رأى الفريق خلايا هرمة بمواقع مماثلة في الأعضاء الأخرى التي تعمل كحواجز مثل الأمعاء الدقيقة، والقولون، والجلد. حيث أكدت تجاربهم عند قتل هذه الخلايا باستخدام (senolytics)، فإن الخلايا الجذعية الرئوية لم تستطع إصلاح سطح الحاجز على نحو سليم.

وقد أشاد كلٌ من ليان جونز الحاصلة على درجة الدكتوراه، ومديرة معهد بحوث الشيخوخة في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (The UCSF Bakar Aging Research Institute)، وأستاذ ستيوارت ليندسي الموهوب في علم الأمراض التجريبي لدراسة بينغ المهمة حقًا في مجال بحوث الشيخوخة، حيث الهدف منها هو مساعدة الأفراد على العيش حياة أطول وبصحة أفضل.

وأوضحت قائلةً: “تفيد الدراسات في وجوب تمركز اهتمام بحوث (senolytics) حول التعرف على الخلايا الهرمة الضارة واستهدافها بدقة، ربما في أثناء العلامات المبكرة للمرض، وترك النافعة منها سليمة. وتؤكد هذه الاستنتاجات الحاجة لتطوير عقاقير أفضل وجزيئات صغيرة قادرة على استهداف مجموعات محددة من الخلايا الهرمة المتورطة في حدوث المرض وليست القادرة على التجديد”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: د. أميرة الشرقاوي

لينكدإن: amira-elsharkawy

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!