هل تخشى التقدم في السن؟

هل تخشى التقدم في السن؟

3 أكتوبر , 2022

ترجم بواسطة:

نسرين الحمد

دقق بواسطة:

زينب محمد

وجد الباحثون طريقة تساعدك في التخلص من هاجس التقدم في السن.

النقاط الرئيسية

  • الكثير من الناس يخشون التقدم في السن.
  • على الرغم من أن التقدم في السن يصاحبه بعض الصعوبات الحقيقية، إلا أن الأبحاث تقول أن العديد من كبار السن يشعرون بسعادة أكبر من أولئك الأصغر سنًا.
  • باتباع تقنية بسيطة ستتغير نظرتك حول التقدم في السن وتجنبك القلق بشأنه.

تاشوان، والذي بلغ أواخر الثلاثينات من عمره يقول: أنا بانتظار قدوم عيد ميلاد مهم بالنسبة لي ينبأ بدخولي في سن الأربعين، و ها أنا أحاول أن أخبر نفسي أن ما من شيء سيتغير، وأني لست أتغير، لكنني بالحقيقة لست متأكدًا، فنحن نسمع الكثير عن التغيرات التي تطرأ على أجسادنا وأذهاننا بعد الدخول في سن الأربعين، ويقال أيضًا أن سن الأربعين ينبأ بتدهور الحالة الجسدية والذهنية، وأنا مازال لدي الكثير من الأشياء لأفعلها قبل أن يدركني الوقت”.

كيم “31 عامًا” تقول: “كنت خائفة جدًا من فكرة بلوغي سن الثلاثين. لا أعرف ممَّ كنت خائفة بالتحديد، لكن حينئذٍ بدى الأمر كأنه أسوأ شيء قد يحصل لي، وبأنه لم يتسنى لي بعد أن أنجز الكثير كما أن صحتي ليست في أحسن حال، ولم أمارس الرياضة بما فيه الكفاية ولم أعر اهتمامًا لنوعية طعامي، ظننت حينها أن جسدي سوف ينهار، ولكنه لم يفعل، والآن أنا قلقة إزاء دخولي في سن الخامسة والثلاثين”.

أما أمبر التي اقترب عيد ميلادها السبعون تصف سنوات الستينات من عمرها بأنها الأفضل إذ قالت: “في الستينات تصالحت مع نفسي فقد بدأت أتصرف على سجيتي، بالطبع واجهتني بعض الصعوبات وبعض اللحظات الجميلة أيضًا، لكني شعرت بسعادة غير منقطعة لم أشعر بها من قبل، لكن ما من شيء يدوم إلى الأبد وأخشى أن أفقد كل هذا في العشر سنوات القادمة”.

أعياد الميلاد المصيرية هي تلك السنوات التي تأتي في بداية عقد جديد أو بداية النصف الثاني من العقد الحالي، وعادةً ما تأجج مشاعر الخوف من التقدم في السن، ولا شك أن المخاوف المصاحبة للتقدم في السن تقض مضجع الكثيرين بغض النظر عن سنّهم، كما ليس هناك شك بأن هذه المواقف السلبية تجاه التقدم في السن تحتل جزءً من بعض الثقافات في أيامنا هذه.

أما أسباب انعدام رغبتنا في التقدم بالسن، فترجع إلى الخوف من فقدان استقلالنا و فقدان أحبائنا وقدراتنا الذهنية والجسدية وفقدان حياتنا بحد ذاتها، وهي لأسباب واقعية تمس حياتنا بما ليس فيه مجال للنقاش، وبالرغم من هذا كله، إلا أن هذه المخاوف ليست حصرًا على العمر المتقدم، فهي غالبًا تخضع للنظرة النمطية في ثقافة معينة أو إلى تحيزات معينة يتبناها أصدقائنا أو زملائنا أو أفراد عائلتنا، وتتجلى في كثير من جوانب الحياة المختلفة.

 في هذا الموضوع قالت الدكتورة بيكا ليفي الأستاذة في جامعة “يال Yale” ومؤلفة الكتاب الذي حقق أكبر نسب مبيعات بعنوان (كسر حاجز العمر: كيف تؤثر نظرتنا حول العمر على جودة حياتنا وطولها) في مقابلة لها: “إن تلك التحيزات نابعة من مجموعة مخاوف داخلية اجتماعية”.

وعلقت قائلةً: إن كلا النوعين تعززه الشركات الكبرى عن طريق الحملات الإعلانية مثلاً، أو في وسائل التواصل الإجتماعية وأيضًا في صناعة مكافحة الشيخوخة وهي صناعة تولّد مليارات الدولارات من الأرباح من خلال تشويه سمعة التقدم في السن وخلق مخاوف حوله”.

من جهة أخرى، هناك بعض الحلول لمواجهة هذه المخاوف التي يفرضها المجتمع، أهمها هو تغيير نظرتك حول التقدم في السن، إذ أظهرت دراسات تناولت التقدم في السن أجراها الباحثون في مركز الأبحاث في جامعة “يال” وبمشاركة الدكتورة “بيكا ليفي”، أن المسنين الخاضعين للدراسة الذين تلقوا معلومات إيجابية حول التقدم في السن أظهروا تحسنًا في وظائفهم الجسدية إلى جانب تحسن تصورهم حول أنفسهم، أما المشاركون ممن تلقوا خلاف ذلك لم يظهروا أي تحسن.

ولكن كيف تستطيع أن تفعل ذات الشيء من غير مساعدة بينما تنهمر عليك الأفكار السلبية بأن الوقت يفوتك وأن صحتك وصحة دماغك وقدراتك الجسمانية في تدهور مستمر؟ الجواب سهل  ويكمن في تغيير مفهوم التقدم في السن لديك من خلال البحث المستمر عن المعلومات الإيجابية التي تنفي صحة جميع الأفكار السلبية المحيطة بالتقدم في السن.

بالتأكيد، لا يمكننا إنكار وجود صعوبات حقيقية والألم وشعور الفقد بانتظار كبار السن، ولكن وبالرغم من تمنينا للعكس، إلا أن  مواجهة صعوبات مماثلة خلال أي مرحلة من حياتنا أمر محتمل جدًا، فقد يحصل مكروه لأصدقائنا أو أفراد عائلتنا وحتى أولادنا في أي وقت وليس بالضرورة ونحن طاعنون في السن، كذلك قد نصاب بخيبات الأمل من العمل أو ظروفنا المعيشية والآخرين وأنفسنا في أي مرحلة من حياتنا.

بيد أن المخاوف المحيطة بالتقدم في السن تشمل الخوف من التعرض للألم والقلق من المرض والموت، لكن الأبحاث أظهرت أن العديد من كبار السن يشعرون بسعادة أكبر من تلك التي يعيشها الشباب. إذ أظهر بحث لمديرة مركز ستانفورد لأبحاث طول العمر (لورا كارستينسين) أن أهداف الأشخاص وتفكيرهم المنطقي يتغير كليًا عندما يتقبلون فكرة الفناء وأن الحياة زائلة، فحين يواجهون ذلك يميلون إلى التخلي عن أهدافهم في الاستكشاف وتوسيع مداركهم وتبني أهدافًا أخرى تساعدهم في الاستمتاع بالعلاقات الاجتماعية الخاصة بهم والقيام بنشاطات ذات مغزىً حقيقي.

وحين سألتُ آمبر عن السبب الذي جعل من فترة الستينات من عمرها فترة مميزة قالت: “بدأت أركز على ماهو مهم بالنسبة لي، فسعيت إلى توطيد علاقاتي بأولادي وأحفادي كما شاركت في بعض المشاريع التي لها تأثير إيجابي على الكوكب مهما بلغ من الصغر، مما وهبني شعورًا عارمًا بالرضى بشكل يومي”.

وفي نفس السياق، تقول الكاتبة لورا في كتابها “مستقبل مشرق مديد” عن أهمية استغلال صعوبات التقدم في السن في قضاء وقت قيّم وممتع ومثمر على صعيد المجتمع، وبالرغم من أن التركيز على التجارب الإيجابية لن يخلصنا من السلبية منها، لكنه بالتأكيد سوف ينقل تركيز الدماغ نحو المتعة العظيمة والسعادة والرضى التي تنتظرنا مع تقدمنا في السن.

وتتابع  آمبر بعد أن اكتشفت أنه ليس هناك ما يمنعها من الاستمرار في التركيز على نفس الأهداف القيّمة عاطفيًا عندما تبلغ السبعين من عمرها قائلةً: “أستطيع أن أفعل ما أفعله الآن مهما بلغت من العمر، قد تصبح الأمور أكثر صعوبة لكن بتوجيه تركيزي على علاقاتي وما هو مهم بالنسبة لي لن أقلق حيال الصعوبات أبدًا”.

ختامًا، يمكنك تطبيق هذه التقنيات مهما كان سنك، وبدلاً من الخوف من التقدم في السن والقلق مما ستفقده في كل الأحوال، حاول أن تعيد ترتيب أفكارك وتحويل تركيزك نحو  الأهم بالنسبة لك الآن، واستمتع بالنشاطات والعلاقات التي تمنحك المتعة والسعادة والرضا، واليقين أنه عند تطبيق هذه الخطوات لن تختفي الأشياء السيئة من الحياة ولكنها بالتأكيد ستشغل حيزًا أقل من مساحة تفكيرك. وستجد أن تغيير طريقة تفكيرك حول التقدم بالسن سيجعلك أكثر سعادةً وأنت مازلت شابًا.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: نسرين الحمد

لينكد إن: nisreen-alhamad

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!