يساعدنا فهم الدوبامين على خلق عاداتٍ أفضل

يساعدنا فهم الدوبامين على خلق عاداتٍ أفضل

25 سبتمبر , 2022

ترجم بواسطة:

ياسمين إسماعيل

دقق بواسطة:

أماني نوار

الكيفية التي يعالج بها الدماغ المكافآت من الممكن أن تدفعنا نحو الأهداف أو تبعدنا عنها.

النقاط الرئيسية                                          

  • الدوبامين هو ناقل عصبي يدير نظام المكافأة في الدماغ.
  • تكافئنا المتع المندفعة بالمزيد من الدوبامين اللحظي أكثر من الأهداف طويلة المدى، الأكثر معنى، والأكثر صعوبة.
  • إعادة ضبط الدوبامين وتأجيل الإشباع هما المفتاح لشعور مثالي بالمكافأة تجاه الأهداف طويلة المدى.

الدوبامين هو ناقل عصبي معنيّ بأنظمة معالجة المكافآت لدى أدمغتنا. عندما تفعل شيئًا يشعرك بالتحسن فهذا- عادةً- بسبب مكافأة استباقية أو نهائية مفّعلة من قبل الدوبامين.

(الشعور المستقر بالمزاج الجيد يُنظَم أكثر عن طريق ناقل عصبيّ آخر هو السيروتونين، والمشاعر الجيدة المتعلقة بالآخرين مثل الحب تُنظم بقوة أكثر عن طريق ناقل عصبيّ آخر هو الأوكسيتوسين).

المكافأة الاستباقية

المكافأة الاستباقية هي الشعور الجيد الذي تحصل عليه عندما تتحرك ناحية هدف. هل لاحظت قبل ذلك أنه- أحيانًا- الشعور الذي يتولد عندما تكون على مقربة من تحقيق هدف هو الأكثر إثارةً من الشعور الذي تحصل عليه عندما تُحقق الهدف فعليًا؟ أو ربما شعور الإنجاز قصير المدى وسرعان ما تنتقل إلى هدفك التالي؟

ربما تتساءل هل- ببساطة- اخترت الهدف الخطأ في سعيك للسعادة؟ لكن في الأغلب لا. من منظور تطوري؛ يمتلك دماغك كل الحافز لتشجيعك بالمشاعر الجيدة وأنت تتقدم، بينما يمتلك حافزًا أقل للمحافظة على مكافئتك بإفراز المواد الكيميائية المسببة للسعادة بمجرد تحقيقك للهدف. المكافأة الاستباقية لهدف جديد آخر هي الأكثر إثارة من منظور الدوبامين.

المكافأة النهائية

ليس من الممكن القول بأن تحقيق هدفٍ ما لن يشعرك بالسعادة أبدًا، على العكس؛ يكافئنا دماغنا بالدوبامين عند تحقيق الهدف أيضًا، ولهذا السبب نشعر مَثَلاً بالمذاق الجيد للأشياء، ولكن المكافأة قصيرة المدى. بمجرد أن تحصل على الطاقة التي يرغب بها دماغك، فما هو الحافز الأكبر الذي يمتلكه للحفاظ على سعادتك؟!

آنا ليمكي، مؤلفة كتاب أمة الدوبامين، وأستاذ طب الإدمان في جامعة ستانفورد، تصف كيف تؤدي هذه المكافأة النهائية بالتحديد إلى ما يعرف باسم “متلازمة الأريكة والبطاطس”. لو أنك استليقت للتوّ على الأريكة، فأنت تشعر غالبًا بمشاعر محايدة، لكن في الثواني القليلة التي تمضغ فيها رقائق البطاطس، يرتفع مستوى الدوبامين لديك ناتجًا للمكافأة النهائية.

لا يتعلق الأمر فقط بارتفاع الدوبامين، إن مكافئة الدوبامين المستقبلية تعتمد على مكافأة الدوبامين السابقة حيث يرغب جهازنا العصبيّ في المزيد من هذا المحفز السابق. وهذا يؤدي إلى تراجع في شعورنا بالمتعة عند التعرض المتكرر لنفس المحفز، وأيضًا تراجع في مستوى الدوبامين إذا فقدنا –فجأة- الوصول إلى المحفز المسبب للمكافأة.

ولهذا السبب تستمر متلازمة الأريكة والبطاطس حتى إن لم تعد جائعًا. ترفع المضغات القليلة الأولى مزاجك قليلاً عن الحياد وبمجرد أن يعتاد الدماغ الحصول على هذه الزيادة القليلة، فإن تراجع الدوبامين نتيجة العودة إلى المشاعر الحيادية يظهر كرغبة في المزيد.

إدمان المخدرات

تصبح الأشياء أكثر ضررًا عندما نتحدث عن أشكال المكافأة النهائية التي تؤثر على نظام المتعة لدى أدمغتنا؛ حيث تُكّون أشباه الأفيونيات مَثَلاً روابط قوية للغاية مع الخلايا العصبية المثبطة، حاجبةً بذلك النشاط الطبيعي الذي يخبر أدمغتنا بالتوقف عن إفراز الدوبامين. نصبح حينها غارقين في المزيد والمزيد من المشاعر الإيجابية التي لن تكون طبيعيةً أبدًا. تذكر؛ الدوبامين معنيُّ بأن يكون مضبوطًا بدقة لكي يكافئك بالكمية المناسبة ليدفعك للسعي نحو هدفك.

المخدرات ليست مشكلة لأنها تجعل الناس يشعرون بالتحسن، المخدرات مشكلة عندما تُسبب الإدمان.

مكافآت الدوبامين السلوكية  

كما قلنا أن أدمغتنا لم تتطور لتواكب مستويات الدوبامين الهائلة التي تسببها أشباه الأفيونيات؛ لم يؤهلنا التطور للمتع الكثيرة الموجودة في العالم اليوم.

لقد نشأنا على الحصول على ارتفاع في اللذة عندما نتناول الطعام المحلى طبيعيًا، مثل الفاكهة، لاحتوائها على كميات عالية من الطاقة، لن تستطيع الفاكهة منافسة كميات السكر (وبالتالي مكافأة الدوبامين) في الأطعمة المعالجة الحديثة، مثل الحلوى والآيس كريم. بالطبع؛ تجعلنا المعالجات غير الصحية نشعر بمذاقٍ أفضل “على المدى القصير” صُممت أدمغتنا على مضاعفة الحوافز تجاه الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية.

بالمثل؛ فإن الجلوس ولعب لعبة على هاتفك أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي يُشعرنا بالمتعة أكثر بكثير من بذل الكثير من الجهد في هدف طويل المدى. نحن نشعر بأننا نحقق شيئًا ذا معنى عندما نشاهد تزايد النقاط في اللعبة، ونشعر بالثقة عندما نحصل على إعجاب على منشور. فلماذا نكدح من أجل بعض الدوبامين لاحقًا بينما نستطيع الحصول على المزيد والمزيد الآن؟!

إعادة ضبط الدوبامين  

إنه ليس شيئًا سيئًا أننا نشأنا على تعقب المصادر الكبرى للدوبامين في حياتنا؛ لقد طورنا هذه الطريقة لأنها تكيفية. الشيء غير التكيّفي هو عندما نحصل على مستويات عالية من الدوبامين من مصادر خارجية ليست جيدةً أبدًا لنا.

تؤيد لميكي ممارسة إعادة ضبط الدوبامين في حياتنا للعودة مُجَدَّدًا لمستوى الحافز. فمثَلاً، إذا انقطعت عن تناول السكر لمدة شهر فإن تناول قطعة من الفاكهة سيتسبب في ارتفاع كبير مفاجئ في الدوبامين ناتج عن المكافأة النهائية. لكن، على النقيض؛ لو أن كل ما تأكله هو الحلوى، لن يكون مذاق الفاكهة حلوًا إطلاقًا. وربما تكون المتع البسيطة في الحياة مملة قليلاً أيضًا.

يجعلنا الدوبامين نتوق إلى المتع قصيرة المدى، لكن ليس من الضروري ذلك. يسمح لنا التوقف أو حتى أخذ استراحة دورية من المتع قصيرة المدى في حياتنا، بالشعور بمكافأة أكبر تجاه السعي نحو الأهداف طويلة المدى.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: ياسمين إسماعيل

فيسبوك: yasmein.ismaeil

 مراجعة وتدقيق: أماني نوار

تويتر: amani_naouar


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!