بصمات دماغ المراهقين قد تكون قادرة على التنبؤ بمشاكل الصحة العقلية على المدى البعيد

بصمات دماغ المراهقين قد تكون قادرة على التنبؤ بمشاكل الصحة العقلية على المدى البعيد

11 سبتمبر , 2022

ترجم بواسطة:

آلاء ياقوت

دقق بواسطة:

زينب محمد

يمكن أن تساعد السمات الفريدة لدماغ المراهق في التنبؤ بمخاطر الإصابة بمشاكل الصحة العقلية على المدى البعيد.

بالرغم من الجهود التي بذلها الأطباء والباحثون لعقود من الزمن، إلا أننا مازلنا تنقصنا المعرفة حول السبب الذي أدى إلى إصابة العديد من الناس باضطرابات نفسية دونًا عن غيرهم. ومع ذلك، من المحتمل جدًا أن تكون التغيرات في الدماغ هي أفضل أدلتنا على نتائج الصحة العقلية المستقبلية.

إن دماغ المراهق مهم بشكل خاص في هذا السعي لأن التغيرات خلال هذه الفترة سريعة ومتقلبة، وتُنقش ميزاتنا الفريدة من نوعها. إضافةً إلى ذلك، أغلب الاضطرابات النفسية تحدث خلال فترة المراهقة، حيث قُدرت نسبة المصابين باضطرابات نفسية ممن أعمارهم 14 عامًا بمعدل النصف، بينما كانت النسبة ثلاث أرباع المراهقين البالغين 25 عامًا.

من خلال مراقبة وتتبع تغيرات الدماغ عند حدوثها، تبين أننا يمكننا معالجة المشاكل الصحية العقلية الناشئة في مرحلة المراهقة واستهداف العلاج المبكر. يتمثل التحدي في التنبؤ بدقة باحتمالية إصابة الشخص باضطراب نفسي قبل حدوثه بوقت طويل.

أجرى الباحثون أول مشروع بحثي في العالم عن دراسة طويلة لدماغ المراهقين (lABS). حيث تُتبع نمو دماغ المراهقين باستخدام الرنين المغناطيسي لعدة سنوات. وكان بحثهم الأخير هو أول ما يظهر تفرد دماغ المراهق أو ما يجعل لهم بصمة دماغية متفردة تمكنهم من التنبؤ بنتائج الصحة العقلية.

يمكن أن تكون بصمات الدماغ هي مستقبل الوقاية من الاضطرابات النفسية، مما يسمح لنا بتحديد علامات القلق لدى المراهقين من خلال تصوير الدماغ، والتدخل المبكر قبل تطور المرض.

آلية تنشيط أدمغتنا المميزة

من منطلق أن البصمة تميز الشخص، فإن لكل عقل بشري ملف تعريف فريد من الإشارات بين فصوص الدماغ التي تصبح أكثر فردية وتخصصًا مع تقدم الناس في العمر.

حتى الآن، تشمل دراستنا 125 مشاركًا من سن 12 عامًا، لمسح أكثر من 500 دماغ من بينهم. يدور بحثنا حول تطور الدماغ والصحة العقلية لدى المراهقين على مدى خمس سنوات ويستخدم تصوير الدماغ لمدة أربعة أشهر (التصوير بالرنين المغناطيسي وتخطيط كهربية الدماغ)، والتقييمات النفسية والمعرفية.

نظرنا إلى الشبكة العصبية الوظيفية لكل فرد ووجدنا أنه تم تنشيط المسارات العصبية في أنظمة أدمغتهم، واكتشفنا أن مدى تفرد هذه الخصائص يرتبط بشكل كبير بالضيق النفسي الجديد الذي أُبلغ عنه في وقت الفحوصات اللاحقة بعد أربعة أشهر. وبعبارةٍ أخرى، يبدو أن مستوى التفرد ينبئ بنتيجة الصحة العقلية.

أُجريت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي أثناء حالة الراحة، على عكس التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي القائم على المهام. لا يزال يخبرنا الكثير عن نشاط الدماغ، مثل كيفية استمرار الدماغ في تشغيل الاتصالات أو الاستعداد للقيام بشيءٍ ما. يمكنك مقارنة ذلك بميكانيكي، يستمع إلى محرك خامل قبل البدء في تشغيله.

درسنا واكتشفنا وجود شبكات عصبية وظيفية فريدة من نوعها في الدماغ بأكمله في الأطفال الذين يبلغون من العمر 12 عامًا، لكن الشبكة الأكثر تحديدًا، والتي تتضمن التحكم في السلوك الموجه نحو الهدف، أقل تفردًا وتميزًا في مرحلة المراهقة المبكرة. بعباراتٍ أخرى، لا تزال هذه الشبكة متشابهة تمامًا عند أشخاص مختلفين. وجدنا أن مدى تفرده يمكن أن يتنبأ بأعراض القلق والاكتئاب التي تظهر لاحقًا. لذلك كان لدى أولئك الذين لديهم أدمغة أقل تفردًا مستويات أعلى من الضيق على المدى البعيد.

نتائج أعمق

نشك في أن مستوى النضج في شبكة الدماغ هذه – الجزء الذي ينطوي على التحكم التنفيذي أو السلوكيات الموجهة نحو الهدف – قد يوفر تفسيرًا بيولوجيًا لسبب تعرض بعض المراهقين لخطر متزايد من الاضطراب العقلي. قد يؤدي تأخير “الضبط الدقيق” لشبكات الوظائف التنفيذية هذه إلى زيادة مشاكل الصحة العقلية.

من خلال إجراء مسح الأدمغة والتقييمات الأخرى على فترات منتظمة – ما يصل إلى 15 مرة لكل مشارك – لا توفر (LABS) معلومات دقيقة حول نمو دماغ المراهقين فحسب، بل يمكنها أيضًا تحديد ظهور وبداية اعتلال الصحة العقلية بشكل أفضل.

يسمح لنا نهجنا بتحديد حدوث وتسلسل التغييرات في الدماغ بشكل أفضل (وفي السلوكيات وعوامل نمط الحياة والتفكير) ومخاطر ومشاكل الصحة العقلية.

بالإضافة إلى توقيعات الدماغ الفريدة للتنبؤ بالضيق النفسي، نتوقع أن تكون هناك طرق أخرى (باستخدام التعلم الآلي) يمكننا من خلالها تفسير المعلومات حول دماغ الشخص. هذا سيقربنا من التنبؤ بدقة بنتائج صحتهم العقلية ورفاهيتهم. الدراسات الوافرة بالبيانات على مدى فترة زمنية طويلة هي المفتاح للعثور على جوهر علم الأعصاب.

إن تحديد أخطار الصحة العقلية لدى المراهقين يعني أننا قد نكون قادرين على التدخل قبل مرحلة البلوغ، عندما تصبح العديد من اضطرابات الصحة العقلية جزءًا لا يتجزأ من ذلك وأكثر صعوبة في حلها.

توفر هذه الرؤية لمستقبل رعاية الصحة النفسية الأمل في أعقاب الإحصاءات الأخيرة من الدراسة الوطنية للصحة العقلية والرفاه. وكشف الباحثون أن اثنين من كل خمسة أستراليين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا يعانون من اضطراب عقلي خلال العام السابق، وهو أعلى معدل في أي فئة عمرية. وهذه قفزة بنسبة 50٪ منذ آخر مسح وطني في عام 2007. حيث مع إنفاق 11 مليار دولار أسترالي على الخدمات المتعلقة بالصحة العقلية في أستراليا سنويًا، يجب أن يكون تحسين سبل الوقاية إلى الأفضل من خلال الكشف المبكر عن هذه الاضطرابات أولوية قصوى.

المصدر: https://neurosciencenews.com

ترجمة: آلاء أسامة عبد الرحمن ياقوت

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!