الحيوانات المفضلة لدى علماء علم النفس المقارن

الحيوانات المفضلة لدى علماء علم النفس المقارن

3 سبتمبر , 2022

ترجم بواسطة:

Norah Suhluli

دقق بواسطة:

رنا الحامد

لماذا بعض الحيوانات تحظى بكل هذا الاهتمام؟

النقاط الرئيسية

1. يقارن علماء النفس المقارن القدرات المعرفية والتي تعرف بالإدراكية لشتى أنواع الحيوانات بالنسبة لمثيلاتها لدى البشر.

2. تعتبر الحيوانات الاجتماعية مثيرة للاهتمام على نحوٍ خاص لعلماء النفس المقارن حيث يتعين عليهم التعامل بمرونة مع المواقف الاجتماعية.

3. لعدة أسباب تعتبر الحيوانات الرئيسية، والكلاب، والغربان مثيرة للاهتمام على نحوٍ خاص لعلماء النفس المقارن.    

كما يوحي الاسم فإن الشغل الشاغل لعلم النفس المقارن، هو مقارنة القدرات المعرفية لشتى أنواع الحيوانات مع مثيلاتها لدى البشر. ولكن كيف نختار مواضيعنا؟ ولماذا في هذا المقال سأتحدث أكثر عن الرئيسيات، والكلاب، والغربان أكثر من الدببة والفهود والسلاحف مثلاً؟

الإدراك هو التكيف

السبب في اختيارنا لحيوانات معينة لدراستها ليس لأننا نحبها، ولكن هناك بالطبع أسباب علمية تجعل هذه الأنواع موضوعًا رائعًا، بالإضافة إلى المهارات المعرفية التي عرفها علماء الأحياء، استنادًا إلى العالم داروين، على أنها حيوانات متكيفة. وهذا يعني أن هذه المهارات تخضع لقوانين التطور مع بعض ضغوط الاختيار التي تفضل تطوير بعض القدرات. وتنطبق هذه الاستجابة التطورية التكيفية على القدرة على الطيران، وكذلك القدرة المعرفية على التخطيط للمستقبل.

نظرًا لأن الحيوانات الاجتماعية تفرض ضغوطًا على المهارات المعرفية، فإن الحيوانات الاجتماعية مثيرة للاهتمام على نحو خاص لعلماء النفس المقارن. فتخيل حيوانات تعيش في مجموعة اجتماعية معقدة مع أفراد لهم علاقات مختلفة. يجب على أعضاء مثل هذه المجموعة معرفة من يرتبط بهم من أجل تكوين تحالفات والتغلب على النزاعات. فقد يكون المرء قادرًا على الضغط على الأعضاء ذوي الرتب المنخفضة في المجموعة، ولكن فقط إذا كانوا يعرفون من يرتبط به العضو الأقل مرتبة، سيكون من المفيد التأكد من عدم وجود أنثى قائدة إذا كنت تريد مضايقة ابنتها.

وفي البيئات الاجتماعية المعقدة، يفضل الانتقاء الطبيعي للأفراد الذين لديهم القدرة على التعامل بمرونة مع الحيوانات الاجتماعية، والتفاعل بمرونة هو في حقيقة الأمر جانب نموذجي من الإدراك. وهذا هو السبب في أن الدراسات التي أجريت على الأنواع الوحيدة، مثل: الدببة، والفهود، أقل شيوعًا من دراسات الحيوانات الاجتماعية. أدت النزعة الاجتماعية إلى تطور السمات المعرفية التي تحمل رؤى عظيمة لعلماء النفس المقارن.

القرود والكلاب والغربان

نحب اختبار الرئيسيات، ولا سيما القردة العليا، كأقرب أقرباء لنا على قيد الحياة فهم لا يختلفون عنا كثيرًا بما في ذلك في مهاراتهم المعرفية. ويمكن للشمبانزي إنتاج الأدوات، وفهم العلاقات السببية، والتخطيط للمستقبل، وإجراء الإحصائيات، وتقييم نوايا الآخرين ووجهات نظرهم.

أما الكلاب هي موضوع مفضل آخر لعلماء النفس المقارن. ليس لأن الكلاب وثيقة الصلة بنا، ولكن بسبب المكانة البيئية التي يعيشون فيها منذ حوالي ٣٠٠٠٠ عام. كذلك للبقاء على قيد الحياة في هذا المكان، أي في البيئة البشرية، طورت الكلاب بعض المهارات الفريدة. فمثلاً تتفوق الكلاب على القرود في بعض المهام، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالتواصل مع البشر.

وفي علم الأحياء، تسمى العملية التي تشرح هذه القدرات في الكلاب بالتطور التقاربي: ولقد تطورت السلوكيات والمهارات المماثلة بشكل مستقل في الكلاب والبشر؛ لأن كلاهما واجه ضغوط اختيار مماثلة. ويبدو هذا المفهوم صعبًا، ولكنه مشابه جدًا لتطور الأجنحة. فطورت الطيور والحشرات أجنحة للتغلب على مكانة المجال الجوي.

إن وظيفة الأجنحة هي نفسها في الطيور والحشرات، إلا أن أصولها وهياكلها مختلفة، ثم تطورت أجنحة الطيور من إعادة تشكيل أطرافها الأمامية. ومن ناحية أخرى، تطورت أجنحة الحشرات من نتوءات الجلد، وتلك التطورات تؤدي إلى نفس القدرة الفريدة وهي الطيران.

وعلى غرار ذلك يعيش البشر والكلاب أيضًا في نفس المكانة البيئية، وقد طوروا مهارات مماثلة في بعض المناطق. ولكن هذا لا يعني أن الكلاب لديها عقول كالبشر كما يزعم بعض أصحاب الكلاب. وأظهرت الدراسات أنه في بعض الأحيان يبدو أن الكلاب والبشر فقط يتصرفون بالمثل، وفي الحقيقة تفعل الكلاب أحيانًا نفس الأشياء لأسباب مختلفة.

بالإضافة إلى الأنواع الأخرى التي يهتم بها علماء النفس المقارن وهي الغربان، كما وصفت في آخر مشاركة لي، فمن الواضح أنها لا ترتبط بنا ارتباطًا وثيقًا، ولم تعِش معنا منذ ٣٠٠٠٠ عام. ولكن هناك عامل مشترك آخر يربطهم بالكلاب، والقردة، والبشر ألا وهو أنهم يعيشون في مجموعات اجتماعية معقدة. بالإضافة إلى ذلك،  يبدو أن البعض منهم على الأقل يعيشون في بيئات قاسية حيث يصعب عليهم الحصول على الطعام مما يضطرهم إلى تطوير بعض المهارات المعرفية التي من شأنها مساعدتهم على البقاء على قيد الحياة.

وتقدم الغربان أيضًا مثالًا عمليًا آخر للتطور المتقارب. فلقد بدأنا للتو في فهم كيفية عمل الدماغ عند البشر. ولكن هناك شيء واحد مؤكد تمامًا أن قدراتنا المعرفية المعقدة تنبع من القشرة المخية الحديثة وهي: منطقة هائلة في دماغ الإنسان.

لذلك، نفترض أن هذا هو الحال أيضًا بالنسبة للحيوانات ذات المهارات المعرفية المتطورة. ولكن الغربان ببساطة لا تمتلك قشرة مخية جديدة، وبالتالي فقد طورت ما وصفتهُ في ورقة بحثية شهيرة بالإدراك بدون القشرة المخية.  

ومجددًا كانت الطيور تفعل ذلك بطريقتها. فلقد طوروا أجنحة الطيور، ولكنها مختلفة عن الحشرات. وطوروا مهارات معرفية باستخدام بنية دماغية مختلفة عن البشر.

لذلك على الرغم من أن علماء النفس المعرفي يحبون الحيوانات التي ندرسها، فإننا لا نختار المواضيع “المحببة”، إنما نختارهم بناءً على السمات المعرفية التي يظهرونها سواء طُوروا عبر آلاف السنين من التعاون مع البشر، أو من خلال التاريخ الجيني الذي نشاركه، أو من ضغوط التفاعل الاجتماعي.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: نوره صهلولي

مراجعة وتدقيق: رنا الحامد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!