الإبداع هو الوسيلة المتاحة للأطفال للتعويض عن افتقارهم للتركيز التام

الإبداع هو الوسيلة المتاحة للأطفال للتعويض عن افتقارهم للتركيز التام

24 أغسطس , 2022

ترجم بواسطة:

سماح الرفاعي

دقق بواسطة:

زينب محمد

وتظهر الدراسة أن في مقدور الأطفال إيجاد حلولهم الخاصة بفضل تركيزهم الواسع.

يعاني الكثير من الأطفال من المهام التي تتطلب التركيز، ولكنهم عادة ما يكونون بارعين في اكتشاف “حيل” خفية لتسهيل أداء المهمة، ويساعدهم في تحقيق ذلك تغييرات عفوية في الاستراتيجية، وأُجريت هذه الدراسة المعنونة بالسلوك التعليمي للأطفال بواسطة معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية، ونُشرت في مجلة بلوس ون (PloS ONE). 

لا يستطيع الأطفال التركيز كالبالغين، فلا يمكنهم تذكر إلا القليل ويميلون للانتباه لفترة زمنية قصيرة، ويرجع ذلك إلى مرحلة التطور المعرفي. ونتيجة لذلك، وكما يعتقد، لديهم قصور في تنفيذ المهام، إلا أن هناك دراسة أجراها فريق البحث التابع لمعهد ماكس بلانك للتنمية البشرية المسمى نيوروكود NeuroCode، وهي طريقة تعلم تعتمد على الجانب العصبي والحسابي وعلى الذاكرة واتخاذ القرار، وتشير هذه الدراسة أن هذا التركيز الواسع يمكن أن يكون ميزة: فالأطفال قادرون على معالجة نسبة أقل من المعلومات ذات الصلة بالمهمة واستخدامها بعفوية لإيجاد استراتيجيات جديدة وإبداعية عند تنفيذ المهام.  

ويظهر البالغين أيضًا تغييرات استراتيجية عفوية عند تنفيذ المهام تشبه اللحظة التي يطلق عليها “لحظة الإدراك” والتي تسهل أداء المهام، وتبين المقالة التي نُشرت في المجلة أنه في الحين الذي يكون أداء الأطفال سيئًا في تنفيذ المهام باستخدام الاستراتيجيات التقليدية كالتركيز التام، فإنهم مثل البالغين عند إتقانهم للمهام والتغيير بين الاستراتيجيات العفوية.

يقول أخصائي علم النفس والأعصاب نيكولاس شوك قائد مجموعة البحث بمعهد ماكس بلانك المسماة بـ “نيوروكود” للتنمية البشرية: “تظهر نتائج الدراسة التي أجريناها أنه بالرغم من أن الأطفال عادةً ما يكونون أقل تركيزًا وأكثر تشتتًا بسهولة بالغة مقارنةً بالبالغين، إلا أنهم يتمتعون بالمرونة في اكتشاف حلول جديدة بالكامل، وخاصةً فيما يتعلق بقدرة التركيز التي لم تكتمل بعد، وهذه النتائج مهمة في مجال البحث في السلوك التعليمي لدى الأطفال”.  

أُجري البحث في هذه الدراسة – والتي لازالت مستمرة منذ عام 2013 – على النحو التالي:

طُلب من 47 طفلاً – تتراوح أعمارهم بين 8 إلى 10 سنوات، و39 من صغار البالغين تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 35 سنة – بأن يقوموا بنفس مهمة اتخاذ القرار، ففي هذه المهمة، سئلوا بأن يحددوا مكان نمط ما عن طريق الاختيار بين إجابتين، مبدئيًا، لم يكن للون علاقة بالإجابة الصحيحة، ولكن عندما تقدم مستوى المهمة أصبح مرتبطًا بها، وإن لاحظ المشاركين هذا، فسوف يكون بمقدورهم أن ينجزوا المهمة بكفاءة وسهولة، إذ لم يُبلغ المشاركون بوجود عوامل أخرى تؤثر على استراتيجيات الحل المحتملة، ولا يمكن التعرف عليهم إلا بشكل مستقل.

وقد وجد فريق نيوروكود في معهد ماكس بلانك للكيمياء الحيوية النتائج التالية، وذلك بالتعاون مع باحثين من جامعة يوهان فولفغانغ فون غوته وجامعة هاغن وجامعة هومبولدت في برلين وجامعة نيو ساوث ويلز والجامعة الخاصة في غوتينغن: بصفة عامة، كان أداء الأطفال للمهام أسوء بكثير من صغار البالغين، فقد اختاروا إجابات غير صحيحة ولا تنم عن النضج، ولكن نسبة الأطفال البالغة 27.5% الذين اكتشفوا واستخدموا استراتيجية اللون المساعد كانت شبيهة بنسبة صغار البالغين والتي تقدر بمعدل 28.2%.  

وبما أن الأطفال يستخدمون فقط الاستراتيجيات والقوانين الأولية المتوفرة لديهم، والتي تتطلب تركيز ومثابرة، فسوف يكون أداؤهم سيئًا، ولكن نسبة مشابهة من الأطفال ومن صغار البالغين اكتشفوا واستخدموا قانون اللون، ولهذا فإنه بالرغم من الأطفال كان أداؤهم سيئًا في كافة مجالات التحكم الإدراكي، فإن نسبة مشابهة تقريبًا للأطفال مقارنةً بصغار البالغين، كان أداؤهم متحسنًا من خلال “لحظة الإدراك”، ولذلك استطاعوا أن يصلوا إلى أداء متميز مشابه لمجموعة البالغين.

تعتبر المعلومات المكتسبة من “لحظة الإدراك” استنتاجًا مهمًا في هذه الدراسة، وحول هذا الموضوع تقول أنيكا لوي من فريق “نيوروكود” والكاتبة المشاركة لهذه الدراسة: “تدل استنتاجاتنا إلى أنه يجب على التربويين والآباء والمعلمين أن يكونوا أقل إصرارًا على التمسك بالقوانين الصارمة التي تنص على تعليم طريقة واقعية واحدة لحل المشاكل، بل عليهم أن يقدروا ويشجعوا الأطفال على التركيز الواسع، وتظهر استنتاجاتنا أنه يمكننا أن نكون واثقين أكثر بالاستراتيجيات الإبداعية للأطفال لحل المشاكل”.

وعن مستقبل مجال علم النفس التنموي الإدراكي، تضيف أنيكا لوي أنه لابد من أن يكون هناك بحث في الأساليب المبتكرة، بدلاً من أن يكون البحث في قلة التركيز عند الأطفال.     

المصدر: https://www.sciencedaily.com

ترجمة: سماح الرفاعي

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!