كيف يستجيب الدماغ للأحداث المفاجئة؟

كيف يستجيب الدماغ للأحداث المفاجئة؟

31 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

حنين النمري

عندما يحتاج عقلك إلى الانتباه إلى شيء مهم، فإن إحدى الطرق التي تمكنه من ذلك هي إرسال دفعة من النورأدرينالين وذلك وفقًا لدراسة جديدة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

يمكن لهذة العملية العصبية أن تُحدث تأثيرات واسعة في جميع أنحاء الدماغ وذلك في دراسة أجريت على مجموعة من الفئران، حيث وجد فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن أحد الأدوار الرئيسية للنورأدرينالين -المعروف أيضًا بـ النوربينفرين- هو مساعدة الدماغ للتعلم من الأحداث المفاجئة.

كما تقول مريجانكا سور، أستاذة علم الأعصاب في قسم الدماغ والإدراك بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وعضو معهد بيكوير للتعلم والذاكرة التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ومدير مركز سيمونز للدماغ الاجتماعي: “ما يُظهره هذا العمل هو أن الموضع الأزرق –الجزء المسؤول في الدماغ عن الفزع- يشفر أحداثًا غير متوقعة، كما أن الانتباه إلى تلك الأحداث المفاجئة أمر بالغ الأهمية بالنسبة للدماغ لتقييم بيئته”.

وبالإضافة إلى دوره في الإشارة إلى المفاجأة، اكتشف الباحثون أيضًا أن النورأدرينالين يساعد على تحفيز السلوك الذي يؤدي إلى المكافأة، خاصةً في المواقف التي يكون فيها عدم التأكد أو الشك بوجود مردود.

سور هي المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة المنشورة في مجلة Nature ويتكون فريقها في الدراسة المنشورة من: فينسينت بريتون بروفينشر، وهو باحث سابق لما بعد الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يعمل الآن أستاذًا مساعدًا في جامعة لافال، وغابرييل دروموند  طالبة دراسات عليا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

تعديل السلوك

النورأدرينالين هو أحد المُعدِّلات العصبية العديدة التي تؤثر على الدماغ  إلى جانب الدوبامين والسيروتونين والأستيل كولين. على عكس الناقلات العصبية التي تتيح التواصل من خلية إلى أخرى، تُطلق المُعدِّلات العصبية على مساحات كبيرة من الدماغ  مما يسمح لها بتأثيرات أكبر.

تقول سور: “يُعتقد أن المواد المعدلة للأعصاب تروي مناطق كبيرة من الدماغ، وبالتالي تغير الدافع الاستثاري أو المثبط الذي تستقبله الخلايا العصبية بطريقة أكثر من نقطة إلى نقطة، مما يشير أن لديهم وظائف بالغة الأهمية على مستوى الدماغ ومهمة للبقاء على قيد الحياة وتنظيم حالة الدماغ”.

وبينما يدرس العلماء الكثير عن دور الدوبامين في التحفيز ومتابعة المكافأة والمردود، لا يُعرف الكثير عن المعدلات العصبية الأخرى بما في ذلك النورأدرينالين المرتبط بالإثارة وزيادة اليقظة ولكن الإفراط في استخدام النورأدرينالين يمكن أن يؤدي إلى القلق.

أظهرت الدراسات السابقة للموضع الأزرق -المصدر الأساسي للنورأدرينالين في الدماغ- أنه يتلقى مدخلات من أجزاء كثيرة من الدماغ، كما أنه يرسل إشاراته على نطاق واسع. في الدراسة الجديدة شرع فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في دراسة دوره في نوع معين من التعلم يسمى التعلم المعزز أو التعلم عن طريق التجربة والخطأ.

في هذه الدراسة  قام الباحثون بتدريب الفئران على دفع رافعة بعد سماع نغمة عالية التردد، وليس عند سماع نغمة ذات تردد منخفض. عندما استجابت الفئران بشكل صحيح للنغمة عالية التردد تلقوا الماء، لكن إذا ضغطوا على الرافعة عند سماع نغمة منخفضة التردد كانت النتيجة أنهم تلقوا نفخة مزعجة من الهواء.

تعلمت الفئران أيضًا دفع الرافعة بقوة أكبر عندما تكون النغمة أعلى. أما عند الصوت المنخفض كانوا أكثر ثقة بشأن ما إذا كان ينبغي عليهم الدفع أم لا. وعندما قام الباحثون بتثبيط نشاط الموضع الأزرق أصبحت الفئران أكثر ترددًا في دفع الرافعة عند سماع نغمات منخفضة التردد، مما يشير إلى أن النورأدرينالين يشجع على اغتنام فرصة الحصول على مكافأة في المواقف التي يكون فيها العائد غير مؤكد.

يقول سور: “إن الحيوان يقوم بالدفع لأنه يريد مكافأة، ويقدم الموضع الأزرق إشارات مهمة وكأنه يقول قم بالدفع الآن لأن المكافأة ستأتي”.

وجد الباحثون أيضًا أن الخلايا العصبية التي تولد إشارة النورأدرينالين تبدو وكأنها ترسل معظم نواتجها إلى القشرة الحركية، مما يقدم المزيد من الأدلة على أن هذه الإشارة تحفز الحيوانات على اتخاذ الإجراءات.

مفاجأة الإشارات

بينما يبدو أن هذا الاندفاع الأولي للنورأدرينالين يحفز الفئران على اتخاذ ردة فعل، حيث وجد الباحثون أيضًا أن الدفعة الثانية تحدث غالبًا بعد انتهاء التجربة. وعندما تلقت الفئران مكافأة متوقعة كانت هذه الدفعات صغيرة. ومع ذلك عندما كانت نتيجة المحاكمة مفاجأة  كانت الدفعات أكبر بكثير. على سبيل المثال عندما تلقى فأر نفخة من الهواء بدلاً من المكافأة التي كان يتوقعها، أرسل الموضع الأزرق دفعة كبيرة من النورأدرينالين.

وفي التجارب اللاحقة سيكون من غير المرجح أن يدفع هذا الفأر الرافعة عندما يكون غير مؤكد أنه سيحصل على مكافأة. يقول سور: “إن الحيوان يعدل سلوكه باستمرار وعلى الرغم من أن الفئران قد تعلمت المهمة بالفعل  إلا أنها تعدل سلوكها بناءً على ما قامت به مؤخرًا”.

كما أظهرت الفئران أيضًا دفعات من النورأدرينالين في التجارب عندما تلقت مكافأة غير متوقعة. يبدو أن هذه الدفعات تنشر النورأدرينالين إلى أجزاء كثيرة من الدماغ بما في ذلك قشرة الفص الجبهي حيث يحدث التخطيط والوظائف الإدراكية العليا الأخرى.

تقول سور: “يبدو أن وظيفة التشفير المفاجئ للموضع الأزرق أكثر انتشارًا في الدماغ، وقد يكون ذلك منطقيًا لأن كل ما نقوم به يُعدل بشكل مفاجئ”.

ويخطط الباحثون الآن لاستكشاف التآزر المحتمل بين النورأدرينالين والمعدلات العصبية الأخرى -وخاصةً الدوبامين- الذي يستجيب أيضًا للمكافآت غير المتوقعة. كما يأملون في معرفة المزيد حول كيفية تخزين قشرة الفص الجبهي للذاكرة قصيرة المدى للمدخلات من الموضع الأزرق لمساعدة الحيوانات على تحسين أدائها في التجارب المستقبلية.

المصدر: https://www.sciencedaily.com

ترجمة: حنين النمري

تويتر: @7aneen92

مراجعة وتدقيق: د.فاتن ضاوي المحنّا

تويتر: @F_D_Almutiri


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!