استمرار استجابة الدماغ للصوت أثناء النوم مع غياب أهم سمة مؤثرة للوعي

استمرار استجابة الدماغ للصوت أثناء النوم مع غياب أهم سمة مؤثرة للوعي

30 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

نوره البحيري

دقق بواسطة:

زينب محمد

يعتبر النوم مفتاحًا رئيسيًا لغموض الوعي.

قد يوفر اكتشاف علمي جديد مفتاحًا للغز علمي عظيم: كيف يحول الدماغ المستيقظ المدخلات الحسية إلى تجربة واعية؟ اعتمدت الدراسة الرائدة على البيانات التي جُمعت من الأقطاب الكهربائية المزروعة، للأغراض الطبية، في أعماق الدماغ البشري. اُستخدِمت المعلومات لفحص الاختلافات بين استجابة القشرة المُخية للأصوات في النوم مقابل اليقظة، بدقة الخلايا العصبية المفردة.

فوجئ الباحثون بأن استجابة الدماغ للصوت تظل قوية أثناء النوم في جميع المعايير باستثناء واحدة: مستوى موجات ألفا بيتا المرتبطة بالانتباه للمدخلات السمعية والتوقعات ذات الصلة. هذا يعني أنه أثناء النوم، يقوم الدماغ بتحليل المدخلات السمعية ولكنه غير قادر على التركيز على الصوت أو التعرف عليه، وبالتالي لا يترتب على ذلك أنه واعي.

قاد الدراسة الدكتورة هنا حياة وبمساهمة كبيرة من الدكتور أميت مارملشتاين، في مختبر البروفيسور يوفال نير من كلية الطب، وكلية ساجول لعلوم الأعصاب، وقسم الهندسة الطبية الحيوية، وشارك في الإشراف البروفيسور اسحاق فريد من المركز الطبي بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. ومن بين المشاركين الآخرين: الدكتور آرون كروم والدكتور يانيف سيلا من مجموعة البروفيسور نير، والدكتور إيدو شتراوس والدكتور فراس فاهوم ونُشرت الورقة في مجلة نيتشر نيوروساينس.

قال البروفيسور نير: “هذه الدراسة فريدة من نوعها من حيث إنها تعتمد على بيانات نادرة من أقطاب كهربائية مزروعة في أعماق الدماغ البشري، مما يتيح مراقبة عالية الدقة، وصولاً إلى مستوى الخلايا العصبية الفردية، للنشاط الكهربائي للدماغ. لأسباب مفهومة، لا يمكن زرع الأقطاب الكهربائية في دماغ البشر الأحياء فقط من أجل البحث العلمي. لكن في هذه الدراسة، تمكنا من استخدام إجراء طبي خاص زُرع فيه أقطاب كهربائية في أدمغة مرضى الصرع، ومراقبة النشاط في أجزاء مختلفة من دماغهم لأغراض التشخيص والعلاج. تطوع المرضى للمساعدة في فحص استجابة الدماغ للتحفيز السمعي في اليقظة مقابل النوم”.

وضع الباحثون مكبرات صوت تنبعث منها أصواتًا مختلفة بجانب سرير المرضى وقارنوا البيانات من الأقطاب الكهربائية المزروعة – النشاط العصبي والموجات الكهربائية في مناطق مختلفة من الدماغ – أثناء اليقظة مقابل مراحل النوم المختلفة. إجمالاً، جمع الفريق بيانات من أكثر من 700 خلية عصبية، حوالي 50 خلية عصبية في كل مريض، على مدار 8 سنوات.

الدكتورة حياة: “بعد استقبال الأذن للأصوات، تُنقل الإشارات من محطة إلى أخرى داخل الدماغ. حتى وقت قريب كان يعتقد أن هذه الإشارات تتحلل بسرعة أثناء النوم بمجرد وصولها إلى القشرة المخية. لكن بالنظر إلى البيانات من الأقطاب الكهربائية، فوجئنا باكتشاف أن استجابة الدماغ أثناء النوم كانت أقوى وأغنى بكثير مما توقعنا. علاوةً على ذلك، انتشرت هذه الاستجابة القوية إلى العديد من مناطق القشرة المخية. كانت قوة استجابة الدماغ أثناء النوم مشابهة للاستجابة التي لوحظت أثناء اليقظة، في جميع الميزات المحددة باستثناء ميزة واحدة، حيث سُجل اختلاف كبير بمستوى نشاط موجات ألفا بيتا”.

أوضح الباحثون أن موجات ألفا بيتا (10-30 هرتز) مرتبطة بعمليات الانتباه والتوقع التي يتحكم فيها من خلال ردود الفعل من المناطق العليا في الدماغ. عندما تنتقل الإشارات «من أسفل إلى أعلى» من الأعضاء الحسية إلى مناطق أعلى، تحدث أيضًا حركة «من أعلى إلى أسفل»: المناطق العليا، التي تعتمد على المعلومات السابقة التي تراكمت في الدماغ، تعمل كدليل، وترسل إشارات لإرشاد المناطق الحسية حول المدخلات التي يجب التركيز عليها، والتي يجب تجاهلها، إلخ وهكذا. فعلى سبيل المثال، عندما تستقبل الأذن صوتًا معينًا، يمكن للمناطق العليا معرفة ما إذا كان جديدًا أم مألوفًا، وما إذا كان يستحق الانتباه أم لا. يتجلى هذا النوع من نشاط الدماغ في قمع موجات ألفا بيتا، وفي الواقع، أظهرت الدراسات السابقة مستوى عالٍ من هذه الموجات في حالات الراحة والتخدير. وفقًا للدراسة الحالية، فإن قوة موجات ألفا بيتا هي الاختلاف الرئيسي بين استجابة الدماغ للمدخلات السمعية في حالات اليقظة مقابل النوم.

يلخص البروفيسور نير قائلاً: النتائج التي توصلنا إليها لها آثار واسعة  تتجاوز هذه التجربة المحددة. أولاً، إنها توفر مفتاحًا مهمًا للغز قديم ورائع: ما هو سر الوعي؟ ما هو «العامل س»، نشاط الدماغ الفريد للوعي، الذي يسمح لنا بأن نكون على دراية بالأشياء التي تحدث من حولنا عندما نكون مستيقظين وتختفي عندما ننام؟ في هذه الدراسة اكتشفنا قائدًا جديدًا، وفي البحث المستقبلي نعتزم مواصلة استكشاف الآليات المسؤولة عن هذا الاختلاف.

بالإضافة إلى ذلك، بعد تحديد ميزة دماغية معينة تختلف بين حالات الوعي وفقدان الوعي، لدينا الآن مقياس كمي مميز – الأول من نوعه – لتقييم وعي الفرد بالأصوات الواردة. نأمل أنه في المستقبل، مع التقنيات المحسنة لقياس موجات الدماغ ألفا بيتا، وطرق المراقبة غير الغازية مثل مخطط كهربية الدماغ، سيكون من الممكن تقييم حالة وعي الشخص بدقة في مواقف مختلفة: التحقق من أن المرضى يظلون فاقدين للوعي طوال العملية الجراحية، أو مراقبة وعي الأشخاص المصابين بالخرف، أو تحديد ما إذا كان الفرد المزعوم أنه في غيبوبة غير قادر على التواصل وغير مدرك حقًا لمحيطه/ها. في مثل هذه الحالات، يمكن أن تشير المستويات المنخفضة من موجات ألفا بيتا استجابة للصوت إلى أن الشخص الذي يعتبر فاقدًا للوعي قد يدرك ويفهم الكلمات التي تُقال من حوله. نأمل أن تكون النتائج التي توصلنا إليها بمثابة أساس لتطوير طرق جديدة فعالة لقياس مستوى وعي الأفراد الذين يُفترض أنهم في حالات مختلفة من فقدان الوعي.

المصدر:  https://www.sciencedaily.com

ترجمة: د. نورا البحيري

تويتر: n_elbhery

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!