لماذا تطول أعمار الببغاوات؟

لماذا تطول أعمار الببغاوات؟

26 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

عائشة الضبيعي

دقق بواسطة:

عبد الله صالح

أعمار الببغاوات طويلة للغاية، إذ تصل أعمارها أحيانًا إلى ٧٠ و٨٠  سنة، ورغم أن هناك قاعدة تقول بأنه غالبًا كلما كبر حجم الحيوان طال عمره والعكس صحيح، إلا أن الببغاوات عادةً ما تعيش طويلًا مثل الطيور الكبيرة وأطول بكثير مما يماثلها حجمًا من الطيور.

وهنا يأتي السؤال، لماذا تطول أعمار الببغاوات؟ وهل لقدراتها في المحاكاة أو لألوانها الزاهية علاقة في طول عمرها؟

وجدت دراسة أجريت في مارس ٢٠٢٢ في مجلة: Proceedings of the Royal Society B Biological Sciences أن أعمار الببغاوات الطويلة قد ترجع إلى سمة أخرى من سماتها الشهيرة وهي الذكاء.

تعيش الطيور عادةً لفترة أطول بكثير من الثدييات المماثلة لها في الحجم، إذ يقول المؤلف الرئيسي للدراسة سيمون سميل -وهو عالم في مجال البيئة التطورية في معهد ماكس بلانك للسلوك الحيواني Max Planck Institute of Animal Behavior في رادولفزيل بألمانيا: “قد يعود ذلك إلى قدرتها على الطيران والهروب من الحيوانات المفترسة على عكس الثدييات على الأرض”. ويوضح الأستاذ سيمون: “على سبيل المثال، يمكن لطائر الكوكاتو ذو العرف الكبريتي أن يعيش لما يصل إلى٧٠ – ٨٠ عامًا كحد أقصى. وبالرغم من أن أوزان البشر تعادل ما يقارب ١٠٠ ضعف وزن طائر الكوكاتو ذو العرف الكبريتي (والذي  يتراوح ما بين ٧٠٠ إلى ١٠٠٠ جرام) إلا أن البشر يعيشون أطول لبضعة عقود فقط”.

قد يعيش طائر الكوكاتو ذو العرف الكبريتي حتى ٨٠ عامًا كحد أقصى.

أما أعمار الببغاوات فتطول بشكل استثنائي مقارنةً ببقية الطيور، فمثلاً يعيش طائر روبن الأمريكي (Turdus migratorius) – أحد أكثر الطيور انتشارًا في أمريكا الشمالية – في المتوسط حوالي عامين فقط، أما الببغاء المعروف بطائر الحب الوردي (Agapornis roseicollis) فيعيش حوالي ثماني سنوات، وحجمه أصغر بكثير من طائر روبن الأمريكي.

تعيش الببغاوات الأطول عمرًا ٢٠ – ٣٠ عامًا في المتوسط، ويقول الأستاذ سيمون سميل: “هناك طيور أخرى يمكن أن تطول أعمارها إلى هذا الحد أيضًا، لكن حجمها أكبر بكثير من الببغاوات، فمثلاً، يزن طائر الفلامنغو حوالي أربعة أضعاف وزن الببغاوات وعمره يصل إلى ٣٠ عامًا كالببغاوات”، ومتوسط الأعمار لا يمثل الحد الأقصى من الأعمار، حيث يقول الأستاذ سيمون سميل: “قد تعيش طيور روبين وطيور الفلامنغو والببغاوات لفترة أطول إذا تجاوزت سنتها الأولى”.

وجد بحث سابق أن طول العمر مرتبط بحجم الدماغ لدى بعض الحيوانات، ربما لأن الأدمغة الأكبر تساعد الحيوانات في العثور على الطعام أو الهروب من المخاطر، ورغم أن الببغاوات معروفة بطول أعمارها وسلوكياتها المعقدة إلى أنه لم يثبت بالدراسات أن حجم أدمغتها بالنسبة إلى أجسامها هي السمة المؤثرة والمسببة لطول العمر، وذلك لعدم وجود بيانات عن أعمار أعداد كبيرة من الببغاوات مما يجعل مهمة حساب الأسباب المؤدية لطول العمر صعبة على العلماء.

في الدراسة السابقة، تعاون الباحثون مع مجموعة Species360 غير الربحية -والتي تهدف للحفاظ على الحياة البرية- لجمع بيانات أكثر من ١٣٠ ألف طائر ببغاء في أكثر من ١٠٠٠ حديقة حيوان حول العالم، حيث ساعدتهم قاعدة البيانات هذه على تقدير متوسط عمر ٢١٧ نوعًا من الببغاوات، وهو ما يمثل أكثر من نصف جميع الأنواع المعروفة من الببغاوات.

كشفت النتائج عن تنوع كبير في متوسط العمر المتوقع للببغاء، إذ يصل متوسط عمر ببغاء التين (fig parrot) – ويتكون هذا النوع من جنسين فقط: (Cyclopsitta) و(Psittaculirostris) – إلى عامين، ويصل متوسط الببغاء القرمزي (Ara macao) إلى ٣٠ عام، وهناك أنواع أخرى طويلة العمر، مثل الكوكاتو ذو العرف الكبريتي (Cacatua galerita) في أستراليا، والذي يعيش ٢٥ عامًا في المتوسط.

وجد الفريق أن الأدمغة الكبيرة نسبيًا ارتبطت بزيادة متوسط العمر المتوقع للببغاوات، مما يشير إلى أن الطيور الأكثر ذكاءً يمكنها حل مشكلات البرية والتمتع بعمر أطول، ويقول الأستاذ سيمون سميل: “هذه الملاحظة تشير فعلاً إلى أن الأدمغة الأكبر قد تساعد على العيش عمرًا أطول”.

كان أحد الاحتمالات البديلة التي استكشفها الباحثون هو أن الأدمغة الكبيرة نسبيًا تستغرق وقتًا أطول ليكتمل نموها، وبالتالي فإنها تتطلب عمرًا أطول، ولكن لم يجد الباحثون أي روابط بين طول العمر ووقت النمو أو أي عوامل متعلقة برعاية الوالدين، حيث يقول الأستاذ سيمون سميل: “كنت أتوقع أن تكون رعاية الوالدين أكثر أهمية”. وأشار في المقابل إلى أن التكاليف المتزايدة اللازمة لتطوير دماغ وزيادة حجمه تساهم بطول أعمار الرئيسيات.

يطمح العلماء في المستقبل إلى معرفة ما إذا كانت أنواع الببغاوات التي تعيش في أسراب لديها أدمغة أكبر وتعيش لفترات أطول أم لا، يقول الأستاذ سيمون سميل: “نعتقد أن الأنواع التي تعيش في مجموعات معقدة يمكن أن تتعلم الكثير من المهارات مثل طريقة الحصول على الطعام والسيطرة على السرب، ولكن هذا التعلم سيتطلب دماغًا أكبر وسيستغرق وقتًا أطول”، ويضيف محذرًا: “سيكون من المغري الاستقراء والقول بأن الأشخاص الأكثر ذكاءً يعيشون أعمارًا أطول أيضًا، ولكن لا يمكن التعميم والقياس بهذه الصورة؛ لأن الدماغ الأكبر يحرق مزيدًا من الطاقة، مما قد يسبب ضررًا وقصرًا في العمر، وقد ظهر ذلك في أسماك الغابي (guppies) إذ عاش ذوي الأدمغة الأكبر عمرًا أقصر من البقية”.  

المصدر: https://www.livescience.com

ترجمة: عائشة بنت ناصر الضبيعي

تويتر: @AishaN19_

مراجعة وتدقيق: عبدالله صالح

تويتر: @ASAAlwahaibi


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!