هل من الممكن أن تضر أبوتك المفرطة بنمو طفلك؟

هل من الممكن أن تضر أبوتك المفرطة بنمو طفلك؟

11 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

سهير محمد

دقق بواسطة:

إيمان رمضان

خطواتك لتعرف إن كنت تبالغ في تربية أبنائك أم لا.  

كآباء نريد أن نفعل كل ما بالإمكان لنحافظ على سلامة أطفالنا، وهو رد فعل طبيعي. لكن هل من الممكن أن تحدث الأبوة المتسلطة مشاكل لطفلك في المستقبل؟ نعم من الممكن، وفقًا لدراسة أجريت عام 2018. إذ راقبت الدراسة 422 طفلًا على مدار ثمانية أَعوام بعمر عامين، وخمسة أعوام، وعشرة أعوام.

اكتشف الباحثون أن الأبوة المتسلطة لطفل بعمر عامين كان لها تأثير في إضعاف عواطفه وتنظيم سلوكه بعمر الخامسة. إضافةً إِلى ذلك، كان الأطفال الأفضل بتنظيم عواطفهم بعمر الخامسة أقل عرضة للمشاكل العاطفية أو الاجتماعية بعمر العاشرة وكان أداءهم أفضل في المدرسة. تقول دكتورة فانيسا كيه جينسين، التي لم تشارك في الدراسة، والحاصلة على درجة الدكتوراه في علم النفس من البورد الأمرِيكي لعلم النفس التخصصي، “يجب أن يترك الآباء الفرصة لأبنائهم ليخطئوا، في حدود المعقول”.

ما هي الأبوة المفرطة؟

تشير الأبوة المفرطة إلى الآباء الذين يفرضون آراءهم على أبنائهم دائمًا في كل خطوة يخطُونها. فإذا كنت مُتيقظًا طُوال الوقت مع كل فعل واختيار يقوم به طفلك، وَتولي انتباهًا كبيرًا لكل نشاط وردة فعل له، إِذًا فأنت تمارس الأبوة المفرطة. وبينما نرى مراقبة أطفالنا شيئًا نافعًا، ترى الأبحاث وكذلك الأطباء أنها قد تعيق نموهم إِذا زادت عن حدها. ويراقب بعض الآباء أطفالهم أكثر من غيرهم، لكن تحذر دكتورة جينسين أَيضًا من الإسراع في إطلاق اسم الأبوة المفرطة على من يحاولون الاستجابة لاحتياجات أطفالهم.

وتُوضح قائلة: “في أغلب الأوقات، نجد أبًا يستجيب لسلوك طفله واحتياجاته الخاصة ببساطة، ومن المهم أَن نحميهم في بعض الأوقات وأَن نكون حذرين، خاصة في البيئة التي نعيش بها الآن”. والأبوة المفرطة هي الحاجة للمساعدة فِي دعم أطفالنا أثناء نموهم، لكن ما يهم هو الوصول للموازنة.

هل تمارس الأبوة المفرطة؟

علامات يجب أن تبحث عنها

من الطبيعي أن تراقب أطفالك جيدًا. ويتوقف مدى انتباهك على أسلوبك الخاص واحتياجات كل طفل. وفي الحقيقة، مع ظهور شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، هناك فوائد لوضع الحدود مثل الإغلاق على الأطفال ووضع حدود على هذه الوسائل. وتتابع دكتورة جينسين قائلة: “لم أكن أشترك في وسائل التواصل الاجتماعي، منذ 10 سنوات، إلا لشيء مهم مثل عملي الحالي. ففي عالمنا، يستطيع أطفالنا الوصول إلى أَي قدر من المعلومات عبر الإنترنت. لذلك أدرك أن الآباء يجب أن يتدخلوا بسن مبكرة. ومن الممكن استخدام العديد من الفرص التعليمية في هذه السن المبكرة ليتعلم الأطفال التفرقة بين المحتوى المناسب وغير المناسب لهم”.

لذلك بينما من المهم الانتباه إلى ما يفعله أطفالك ويشاهدونه، توجد العديد من العلامات التي تدل على أن مراقبتك لهم تفوق الحد. فقد تكون تتجاوز الحد وتكون متجهًا نحوالأبوة المفرطة الضارة في الحالات التالية:

• إِذا كان طفلك مترددًا في إخبارك أمر ما أو تقديمك لأصدقائه.

• إِذا كان عاجزًا عن مواجهة المشكلات المناسبة لعمره بمفرده.

• إِذا بدأ طفلك بالاستعانة بك في أداء مهام صعبة.

• إِذا عجز طفلك عن التعامل مع مواقف بها تحديات بنفسه.

• إِذا أصبح طفلك غير اجتماعي ولا يشعر بالراحة في التعامل مع الأشخاص الجدد.

تأثير الأبوة المفرطة على نمو الأطفال

قد تؤَثر حمايتك المفرطة لأطفالك على نموهم وتطورهم، رُغم عدم ملاحظتك ذلك في البداية. فقد يفقد أطفالك أشياءًا معينة إذا بالغت في أبوتك كما من الممكن أن يفقدوا الكثير من الأشياء المهمة في مراحل نموهم لأن أسلوبك في التربية لا يوفر لهم المساحة الكافية للنمو.

التعلم من الأخطاء

عندما نفكر فِي نمو أطفالنا، نتمنى أَن ينجحوا فِي العديد من التحديات عَلَى مدار حياتهم. لَكِن من المهم أيضًا أَن نسمح لهُم بارتكاب الأخطاء وتعلم مهارات حل المُشكلات من خلال التجربة والخطأ. وتكمل جينسين حديثها قائلةً: “من المهم أَن تسمح لطفلك بارتكاب الأخطاء، وإِذا كنت تعيد جوان أو جينيفر الصغيرة إليك كلما ابتعدوا عنك كما يبتعد العصفور عن عشه، فلم تعطيهم الفرصة ليرتكبوا أخطاءً صغيرةً ويتعلموا منها”. بمعنى آخر، إِذا أصلح الأَب أَخطاء أطفاله باستمرار، فلن يعطيهم الفرصة ليفشلوا أَو يتعلموا من أَخطائهم. فالتعلم مِن الأخطاء جزء طبيعي من النمو. وقد يبدو مخيفًا في البِداية، لكن الأطفال يتعلمون الكثير من أخطائهم. تقول دكتورة جينسين: “نعلم جميعًا أَننا نتعلم من أخطائنا”. كما تشجعنا على السماح لأطفالنا أن يفعلوا نفس الشيء.

مهارات المُناصرة الذاتية

من المهم أيضًا أن يتعلم الأطفال كيف يعتمدون على أنفسهم بالمواقف الصعبة، مثل مهارات حل المشكلات. فبينما يشعر العديد مِن الآباء بالحاجة الطبيعية إِلى إِصلاح مشاكل أطفالهم، يأتي وقت يتعلم فيه الطفل كيف يفعل ذلك بنفسه. ومن الشائع لدى الآباء المتسلطين أن ينتهزوا الفرصة ليشاركوا أطفالهم في صراعاتهم. وإذا كان طفلك يتعرض للمضايقات في المدرسة، نتفهم جيدًا رغبتك في الإسراع لإنقاذه. من المهم أن تتدخل عند الحاجة لتضمن سلامة طفلك، لكن الأهم أن تستخدم مواقف حقيقية بالحياة ليتعلم أطفالك التعامل مع مواقف حقيقية بأنفسهم.

كيف تتخلص من الأبوة المفرطة؟

إذا تعرفت على بَعْض المميزات في أسلوبك في التربية، فهناك خطوات يجب أن تتبعها للتخلص من هذا الأسلوب. قد يكون التغيّير صعبًا، لكن بناء الاستقلال داخل طفلك هو جزء قيّم من نموه. ووفقًا لرأي دكتورة جينسين، ستظل مراقبتك لهم مهمة. لكنها توصي أن نكون أَكثر حذرًا فِي مرحلة الطفولة المبكرة ثم نقلل مُراقبتنا تدريجيًا.

وإليكم بعض الخطوات للتخلص من الميل نحو الأبوة المفرطة:

1. كن حذرًا بالسن المبكرة

إذا كُنت تحاول تقليل سيطرتك كأب، فلا يعني ذلك أن تتركها جملةً واحدة. إذ توصي دكتورة جينسين بمراقبة أنشطة أطفالنا عن قرب وسلوكهم خلال المرحلة الأصغر عمرًا، لأنك تعلمهم مهارات مهمة. وكلما كبروا، يجب أن تقل مراقبتك المستمرة لهم وتتخلص من حاجتك لمراقبتك لهم طيلة الوقت تدريجيًا. وبهذه الطريقة سيتمكن أطفالك من معرفة توقعاتك في الإطار الاجتماعي ووسائل التواصل الاجتماعي والقيام بالأمور بأنفسهم. تتابع دكتورة جينسين قائلةً: “ما لا نريده هو ما أرى الكثير من الآباء يفعلونه، حيث لا يبالغون في مراقبة أطفالهم في طفولتهم المبكرة ثم ينتقلون من مرحلة الطفولة إلى المراهقة ويُفاجئوا بتضييق الخناق عليهم. ويكون رد الأطفال في ذلك الحين، لم تفعلوا ذلك من قبل، فلماذا تفعلُوه الآن؟”

2. راقب جميع الأمور في نفس الوقت

عندما يتعرف أولادك على التلفاز والكمبيوتر ووسائل التواصل الاجتماعي، يجب أن تنتبه إلى عاداتهم الرقمية وما يبحثون عنه ويشاهدونه واستغل هذه الفرصة لتتعلمُوا سويًا. سوف يُحاط أطفالك بمختلف أشكال وسائل التواصل، ومن المهم أن تعلمهم التمييز بين الأنشطة الرقمية المناسبة لمشاركتهم وغير المناسبة. فهذه الطريقة أفضل كثيرًا من انتقادهِم بعد أن يصبح الخطأ أمرًا واقعًا. وتنصحنا دكتورة جينسين قائلةً: “استغل هذه الفرص التعليمية لتراقبوا المحُتوى سويًا”.

3. التواصل المفتوح

 يجب أن تبذل مجهودًا لتعرف من يرافق أطفالك في الخارج، لكن بطريقة غير متسلطة. وتأكد من توفير تواصل مفتوح وتفاهم متبادل مع طفلك وتعرف على من يقضي معه أوقاته. وتوصي دكتورة جينسين أنك يجب أن تعرف من يتواصلون مع أطفالك اجتماعيًا، لكن دون أن تُشعرهم أنك تقتحم خصوصيتهم. تقول دكتورة جينسين: “أهم ما أوصي به هو التواصل البسيط. والبدء بالتعرف عَلى أصدقائه مبكرًا”. فالفضول حول أصدقائه سيوضح لك الأمور عمن يقضي معهم أوقاته. توصي دكتور جينسين بطرح الأسئلة التالية: “من يرافقك في فصلك هذا العام؟ من يتناول معك الغداء؟ هل هناك أطفال تحبهم أكثر هذا العام؟

4. تجربة أساليب جديدة في التربية

 لا يناسب أسلوب التعليم جميع الأطفال أو لن يستجيبوا لنفس أشكال التربية. وكما توضح دكتورة جينسين، يحتاج مختلف الأطفال أساليب تربية مختلفة حتى الأخوات بالعائلة الواحدة. وتتابع قائلةً: “إذا كَان الطفل خارج عن السيطرة وأكثر اندفاعية وعُرضة للتورط في المشاكلِ، فسوف تحتاج لوضع حُدود أكثر. أما إِذا كان ابنك أكثر حذرًا وقريب منك، يجب أن تتصرف عكس ذلك وتشجعه على خوض مخاطر أكبر”. تعلم أثناء مضيك في كل خطوة بينما يكبر أطفالك يتعلمون مِن أخطائهم، وكذلك أنَت. فإذا كنت قلقًا من أسلوب التربية الجديد الذي تحاول تطبيقه، فأطلب المساعدة إذا احتجت لذلك. إذا تواصلت مع آباء آخرين لطلب النصيحة، فسيكون ذلك مفيدًا، خاصةً إذا كُنت أب لأول مرة، لكن دون إصدار أحكام. وإذا كنت أبًا قلقًا بشأن حمايته المفرطة أو تدليله الشديد، فمن الممكن أن تستفيد من التحدث إلى آباء زملاء أطفالك عما يسمحون به لأبنائهم بأعمار معينة.

وفي النهاية، ستجد أن كل أب يتبع أسلوبًا مُختلفًا فِي تربية أطفاله. فكُل أب يُريد حماية أطفاله وإعدادهم للعالم الواقعي، لكن جزء من هذا الإعداد هو إخراجهِم من ظلك بطرق بسيطة. وباستخدام التواصل المفتوح والمراقبة اللطيفة، من الممكن أن تصل إِلَى توازن صحي لا يضر بنمو أطفالك ويحسّن علاقتك بهم. توضح دكتورة جينسين قائلةً: “ستصل إلى مرحلة الثقة في أطفالك، إِذا شعرت أنهم جديرون بالثقة، فأعطِهم مساحتهم”.

المصدر: https://health.clevelandclinic.org

  ترجمة: سهير محمد

مراجعة وتدقيق: نجلاء أحمد – إيمان رمضان 


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!