الثاليدوميد علاج فعال لتكوينات الأوعية الدموية غير الطبيعية

الثاليدوميد علاج فعال لتكوينات الأوعية الدموية غير الطبيعية

3 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

أماني علاّم

دقق بواسطة:

زينب محمد

إن خاصية الثاليدوميد التي تسبب عيوب خلقية عندما تُعطى للمرأة الحامل، وهي تثبيط تكوين الأوعية الدموية (مضاد لتكوين الأوعية)، هي نفسها التي أدت إلى رغبة استخدامه العلاجي في مجالات أخرى. في المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية لعلم الوراثة البشرية في يوم الأحد، سيقدم الأستاذ ميكا فيكولا من معهد دي دوف، جامعة لوفان الكاثوليكية، بروكسل، بلجيكا، نتائج دراسة عن استخدام الثاليدوميد مع المرضى المصابين بتشوهات شريانية وريدية شديدة. نُشرت النتائج  في مجلة Nature  (نيتشر) لأبحاث القلب والأوعية الدموية، إذ أظهرت انخفاضًا مذهلاً في الأعراض وتحسنًا لنوعية الحياة لاحقًا.

إن التشوهات الشريانية الوريدية تعد تشابكات غير طبيعية للأوعية الدموية التي تربط بين الشرايين والأوردة وتغيير تدفق الدم الطبيعي. تلك التشابكات مؤلمة جدًا وتسبب نزيفًا وتشوهًا في جزء الجسم المصاب بالإضافة إلى المشاكل القلبية. عادةً ما تكون خلقية، وتُلحظ فقط في فترة المراهقة أو البلوغ مع نمو الشخص. علاج الحالات الشديدة غالبًا ما يكون بالجراحة أو الانصمام (وهو حقن مادة تعمل على تدمير الأوعية الدموية في مكان الحقن، وبالتالي إحداث ندبات في الأنسجة)، رغم أن ذلك نادرًا ما يكون فعالاً تمامًا وقد يجعل الأمور أسوأ.

قد يعيش بعض الأشخاص المصابين بالتشوهات الشريانية الوريدية حياة طبيعية نسبيًا، لكن حتى في الحالات الأقل خطورة هناك دائمًا خطر أن التشابكات غير الطبيعية للأوعية الدموية قد تنفجر مسببةً سكتة دماغية عندما تحدث في الدماغ. يعاني واحد من كل مئة من مرضى التشوهات الشريانية الوريدية من سكتة دماغية كل عام.

يقول الأستاذ فيكولا: “كانت مجموعتنا تدرس أسباب التشوهات الوعائية لثلاثين عامًا، وقد حددنا العديد من الأسباب الجينية وتمكنا من إثبات أن هناك طفرات معينة تُنشط الإشارات داخل خلايا جدار الأوعية الدموية، وهذا بدوره يحفز تكوين غير طبيعي للأوعية الدموية (تكوين الأوعية). هذا يقودنا إلى التساؤل عما إذا كان هناك احتمالية لاستخدام الثاليدوميد لتثبيط تكوين الأوعية الدموية غير الطبيعية.

بعد إظهار أنه يمكن تصحيح تشوه الأوعية في نموذج فأر، الأستاذة لورانس بون من مركز تشوهات الأوعية الدموية في مستشفى جامعة سانت لوك في بروكسل، عملت بالتعاون مع الأستاذ فيكولا لمدة ثلاثين عامًا، لقد طوعوا 18 مريضًا يعانون من التشوهات الشريانية الوريدية لدراسة تأثير استخدام الثاليدوميد على حالتهم. كانت أعمارهم تتراوح بين 19 و70 عامًا ويعانون جميعًا من تشوهات خطيرة لا يمكن علاجها بالطرق التقليدية. كان على المرضي الموافقة على استخدام مانع حمل لمدة أربعة أسابيع على الأقل قبل البدء في أخد الثاليدوميد والاستمرار في استخدامه لمدة أربع أسابيع بعد توقف العلاج. ونظرًا لوجود الثاليدوميد في السائل المنوي، كان على الرجال أيضًا الموافقة على استخدام الرفالات أثناء الجماع.

يأخذ المرضي الثاليدوميد بجرعات 50 ملجم أو 100 ملجم أو 200 ملجم في اليوم لمدة تتراوح بين شهرين إلى 52 شهرًا. ثمانية من مرضى التشوهات الشريانية الوريدية كانوا مستقرين بعد توقف متوسط للثاليدوميد مدة 54 شهرًا، وأربعة تكرروا بعد متوسط فترة 11.5 شهرًا. الجمع بين العلاج والإنصمام، حيث تسد الشرايين أو الأوردة الموجودة داخل التشوه الشرياني الوريدي بالعامل الذي يدمر خلايا جدار الأوعية، سمح بتقليل جرعة الثاليدوميد إلى 50 جم في اليوم لخمسة مرضى. يقول الأستاذ فيكولا: “إن تقليل الجرعة إن أمكن مهمًا جدًا، حيث إن جرعة أعلى تعني آثارًا جانبية خاصةً التعب، واعتلال الأعصاب الطرفية، وتلف الأعصاب الموجودة خارج الدماغ والحبل الشوكي والتي تؤدي إلى الضعف والتنميل خاصةً في الأيدي والأقدام”.

وأضاف: “شعر المرضى جميعهم بانخفاض سريع للألم مع توقف النزيف وشفاء القرح حيثما كانت، وحُلت مشاكل ثلاثة من المرضى المصابين بفشل القلب أيضًا وأظهر مريض تشوه الشرايين والأوردة شفاءً تامًا بعد 19 شهرًا من تناول الثاليدوميد وثماني سنوات من المتابعة”.

“نعرف أن الثاليدوميد يعمل من خلال عامل النمو البطاني الوعائي، وهو بروتين يحفز نمو أوعية دموية جديدة. إن مستويات عامل النمو البطاني الوعائي تكون عالية في حالات تشوهات الأوعية، مثل تشوهات الشرايين والأوردة وبالتالي من المحتمل أن يقلل الثاليدوميد الإشارات عبر المسارات التي تحفز تكوين الأوعية. على الرغم من أن دراستنا صغيرة، ولكن النتائج مقنعة، ونأمل أن يتم تأكيدها بتجارب أكبر”.

هناك ميزة أخرى لاستخدام الثاليدوميد في علاج التشوهات الشريانية الوريدية وهي التكلفة، بالإضافة إلى علاجين آخريين طُوروا حديثًا للاستخدام في علاج الأورام، ويُجرى اختبارهما لمعالجة التشوهات الشريانية الوريدية، تصل تكلفتهما اثني عشر ضعفًا بالإضافة إلى آثارهما الجانبية العديدة.

يختتم الأستاذ فيكولا قائلاً: “كنا نفترض أن الثاليدوميد سيعمل مع هؤلاء المرضى لذلك لم تفاجئنا النتائج، ولكن من الجيد الحصول على تأكيد سريري بأننا على حق. تعد هذه نتائج تقدمية من وجهة نظرنا وتوفر أساسًا متينًا لتطوير العلاجات الجزيئية لتشوهات الشرايين والأوردة”.

يقول الأستاذ ألكساندر ريموند، رئيس المؤتمر: “لا تقتصر هذه الدراسة على إظهار الفوائد الصحية والاقتصادية لإعادة استخدام الأدوية، حتى أكثرها ضررًا، فحسب بل أيضُا كيف يمكن للأبحاث الجينية أن تقودنا إلى تقدمات في علاجات الحالات المؤلمة التي يصعب علاجها”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: أماني علاّم

لينكد إن: amany-allam-medical-translator

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!