الحضارة الهندية بنيت عبر العصور على تاريخٍ وأرث عظيم مما جعلها أكثر الثقافات عراقةً.  ترجع جذور الحضارة الهندية إلى قرونٍ مضت وتتمتع ببعض عجائب العالم مثل تاج محل. تعد الثقافة الهندية من بين الأقدم في العالم حيث يمكن للشعب الهندي تتبع جذور حضاراتهم إلى ما يقارب 4500  عام، كما وصفتها العديد من المصادر بأنها الثقافة الأولى والأعلى في العالم.



وفقًا لكريستينا دي روسي، عالمة الأنثروبولوجيا في كلية بارنت وساوث جيت في لندن: “المجتمعات الغربية تقلل من أهمية الثقافة الهندية كونها من الثقافات التي تفتقر إلى التطور والتحضر، مثل الثقافات الإفريقية، والشرق الأقصى التي لا تتبع نظام الحياة الأوروبي أو الغربي”. كما نصّ على ذلك مجموعة من علماء الأنثروبولوجيا بأن الحضارة هي عملية تطور مستمرة.

ورغم ذلك، حقق الهنود تقدمًا كبيرًا في الهندسة المعمارية عند بنائهم (تاج محل)، وفي الرياضيات عند (اختراع الصفر)، وفي الطب بإنشاء أقدم مدارس الطب وأعرقها (الأيورفيدا) وفي ذلك سبقت الهند العديد من الحضارات الغربية وتجاوزتهم.

التركيبة السكانية في الهند

في عصرنا الحالي تعتبر الهند أكثر الدول تنوعًا في التركيبة السكانية وتحتل المرتبة الثانية بعد الصين. ووفقًا لكتاب حقائق العالم نجد أن سكان الهند البالغ عددهم 1.3  مليار ينقسمون إلى عدة فئات منهم 72٪ اندوريين (مصطلح شامل للأشخاص المنحدرين من آسيا الوسطى)،  و25 ٪ هم دارفيدان (أي الأشخاص الذين ينحدرون من جنوب آسيا).

كما نجد أيضًا أن ما يقارب 35٪ من سكان الهند يعيشون في بيئة حضرية مع تزايد عدد المنتقلين للمدن بنسبة 2٪ كل عام. تعتبر مدينة نيودلهي هي الأكثر اكتظاظًا بالسكان حيث يبلغ عدد قاطنيها 31.18  مليون نسمة، وتليها مدينة مومباي والتي يبلغ عدد سكانها 20.67 مليون نسمة، وتليها كولكاتا، وبنغالور، وتشيناي، وحيدر آباد، وكلها تضم أكثر من 10  ملايين شخص.

توضح الإحصائيات المأخوذة في عام 2020، أن 26.16٪ من سكان الهند هم تحت سن 14 عامًا، و67٪ من السكان تتراوح أعمارهم بين 15  و64 عامًا، بينما الأشخاص الذين كانت أعمارهم 65  أو أكبر شكلوا النسبة الأقل من السكان بمعدل 6.57٪.

لغات الهند

تتكون الهند من 28  ولاية و7 أقاليم، ومع ذلك وفقًا لتصريح منظمة الصحة العالمية، فالهند لا تملك لغة واحدة رسمية. ووفقًا لحكم محكمة غوجارات العليا في عام 2010، أن اللغة الهندية هي اللغة الرسمية للحكومة وتعتبر اللغة الإنجليزية لغة رسمية فرعية إلا أن الدستور الهندي يعترف أيضًا بعدد 23  لغة رسمية.

العديد من سكان الهند يكتبون بالخط الديفاناغاري.  ومن المعتقدات الخاطئة الشائعة أن جميع سكان الهند يتكلمون اللغة الهندية وهذا في الواقع غير صحيح وفقًا لكتاب حقائق العالم نجد أن 56٪ على الأقل من سكان الهند يتحدثون بلغة أخرى غير الهندية منها البنغالية، والمهاراتية،و التيلجو التاميلية، والغوجاراتية، والأردية.

جاءت لغة السانسكريت، وهي لغة هندو أوروبية قديمة من شمال الهند، وقد كانت نشأتها نقطة جدل بين اللغويين فهي تتشارك الكثير من الخصائص اللغوية مع الإنجليزية، والفرنسية، والفارسية، والروسية.

وجد بحث جديد للحمض النووي في عام 2017  أن الهجرة الآرية ربما تكون السبب في دخول اللغة السنسكريتية إلى الهند.  كما قال المؤلف المشارك للدراسة مارتن ريتشارد، عالم الآثار بجامعة هيدرسفيلد في إنجلترا: “ظل الناس يناقشون وصول اللغات الهندو أوروبية إلى الهند منذ مئات السنين وكان هناك نقاش طويل جدًا حول ما إذا كانت اللغات الهندو أوروبية قد تم جلبها من الهجرات الخارجية، وهو ما قد يؤيده معظم اللغويين، أو ما إذا كانت قد تطورت محليًا” .

أديان الهند 

الهند هي مسقط رأس الديانة الهندوسية والديانة البوذية وهي ثالث ورابع الديانات الأكثر انتشارًا في العالم.  يُعرف حوالي 84 % من السكان بأنهم هندوس، وفقًا لـ “دليل البحث في التنمية والدين”، الذي حرره ماثيو كلارك.
الهندوسية كما نعرفها اليوم يمكن تقسيمها إلى عدة تيارات، ومن بين الفلسفات الست التاريخية لم يبق منها إلا مدرستين وهما:  فيدانتا، واليوجا،  والتقسيمات الهندوسية اليوم هي:  الشيفية، و الفايشناتية، و الإسماريتية، و الشيكية.

وفقاً للدليل حوالي 13% من الهنود مسلمون، مما يجعلها واحدة من أكبر الدول الإسلامية في العالم. يشكل المسيحيون والسيخ نسبة صغيرة من السكان، وهناك عدد أقل من البوذيين والجاينيين.

واستشهدت وكالة المخابرات المركزية بأرقام مماثلة. وفقًا لكتابها حقائق العالم، فإن حوالي 80 % من السكان هم من الهندوس، و14.2% من المسلمين، و2.3 % من المسيحيين، و1.7 % من السيخ، و2 % غير محددة.

أطعمة الهند

عندما قامت الإمبراطورية المغولية بغزو الهند في القرن السادس عشر تركوا بصمة على المطبخ الهندي. كما قال الكاتب كريشنا جوبال دوبي في كتابه المطبخ الهندي: “إن تأثير حكام المغول الذين حكموا الهند واضح في أسلوب الطهي الذي اشتهروا به وهو مزيج من المطبخ التركي والفارسي، حيث تستخدم في الغالب التوابل المطحونة في إعداد نكهة ومذاق فريد من نوعه”.  يتأثر أيضًا المطبخ الهندي بالعديد من البلدان الأخرى المجاورة، كما تختلف أنماط الطبخ من منطقة إلى أخرى.

يعتبر القمح والأرز البسمتي والبقوليات من العناصر الأساسية المهمة في النظام الغذائي الهندي كما أن طعامهم غني بالبهارات، مثل الكاري، والتوابل، والزنجبيل، والكزبرة، والهيل، والكركم، والفلفل الحار المجفف، والقرفة، وغيرها.  ولا يخلو طعامهم من الصلصات القابلة للدهن المصنوعة من الفواكه والخضروات المتنوعة، مثل التمر الهندي، والطماطم، والنعناع، والكزبرة، والأعشاب الأخرى بل وتستخدم بسخاء في الطبخ الهندي.
ذكرت صحيفة الغارديان: “إن ما بين 20  إلى 40 % من سكان الهند نباتيين كما يبدو أنه تقليد يعود إلى الماضي القديم”.  وقال دوبي: “ربما كانت الهند نباتية خلال حضارات الموهينجودارو وهارابان، لكننا لا نعرف على وجه اليقين لأن نصفها لم يتم فتحه بعد ولكن ثبت أن حضارة الدرافيدية القديمة كانت نباتية بالفعل”.  أما بالنسبة للأشخاص غير النباتيين يعتبر الدجاج ولحم الضأن من الأطعمة الشائعة عندهم.

يتم تناول الطعام في الهند باليد أو بالخبز، فهناك أنواع كثيرة من الخبز الذي يتم تقديمه مع وجبات الطعام، بما في ذلك خبز النان المخمر، والخبز المخبوز بالفرن، وخبز الباهتورا وهو خبز مقلي ورقيق شائع في شمال الهند ويؤكل مع كاري الحمص.


الهندسة المعمارية والفن الهندي

يُرى تاج محل على أنه أبرز الأمثلة على جمال العمارة الهندية، والذي قام ببنائه الإمبراطور المغولي شاه جهان تقديرًا لزوجته الثالثة ممتاز محل. كما يمتاز تاج محل بتصميمه الفريد الذي يجمع بين عناصر مميزة من الطرز المعمارية الإسلامية، والفارسية، والتركية العثمانية، والهندية.  كما أن الهند لديها أيضًا العديد من المعابد القديمة.
بالنسبة للفن تشتهر الهند بصناعة الأفلام والتي يشار إليها عادةً باسم بوليوود.  ووفقًا لجولدن غلوب بدأ تاريخ السينما في البلاد في عام 1896 عندما أظهر الأخوان لوميير فن السينما في مومباي.  حاليًا تشتهر الأفلام الهندية بالرقص والغناء المتنوع، بالإضافة إلى تسلسل الأحداث والحركات المتقنة.

تعود تقاليد الرقص والموسيقى والمسرح الهندي إلى أكثر من 2000  عام، وفقًا لنيليما بهادبادي مؤلفة كتاب “قانون العقود في الهند:” “تعتمد تقاليد الرقص الكلاسيكي الرئيسية – بهاراتا ناتيام، وكاثاك، وأوديسي، ومانيبوري، وكوتشيبودي، وموهينياتام، وكاثاكالي – على موضوعات من الأساطير والأدب ولديها قواعد عرض صارمة”.

وجدت دراسة نُشرت في أبريل 2016  في مجلة علم آثار المحيط الهندي أن بعض القرون الهندية لها العديد من أوجه التشابه مع القرون المصنوعة في أيرلندا.   قد يشير هذا البحث إلى أن البلدين ربما تبادلا الأفكار والتقنيات في صنع الآلات الموسيقية خلال العصر البرونزي.

قال مؤلف الدراسة بيلي فوغلو، عالم الآثار وطالب الدكتوراه في الجامعة الوطنية الأسترالية في كانبيرا:  “بعض القرون متشابهة بشكل صادم كمشاهدة السفر عبر الزمن، إذا وجدت إحدى هذه الأدوات الهندية الحديثة في تنقيب أثري إيرلندي ولم أكن أعرف ما كنت أبحث عنه، فمن المحتمل أن أفترض أنها قطعة أثرية إيرلندية من العصر البرونزي المتأخر”.

الأزياء الهندية

وفقًا لـصحيفة تايمز أوف إنديا: ” ترتبط الملابس الهندية ارتباطًا وثيقًا بالساري الحريري الملون الذي ترتديه العديد من نساء البلاد وتعود أصول هذا الثوب إلى الهند القديمة، وقد تطورت بمرور الوقت لتشمل أقمشة وزينة أكثر تكلفة مع قدومها إلى البلاد”.  بالنسبة للرجال فهم يرتدون ملابس تقليدية، مثل الدهوتي، وهو عبارة عن قطعة قماش غير مخيطة يتم ربطها حول الخصر والساقين وكما يرتدي الرجال أيضًا الكورتا وهو قميص فضفاض يتم ارتداؤه ويكون بطول الركبة.


أما في المناسبات الخاصة، فالرجال عادةً يرتدون الشيرواني أو الاشكان، وهو معطف طويل بياقة وبأزرار من تبدأ من الياقة وتنتهي عند الركبة.  كما يلبس أيضًا معطف أقصر من الشيرواني ويدعى بالنيهرو، والذي تمت تسميته على اسم جواهر لال نهرو، رئيس وزراء الهند من عام 1947  إلى عام 1964.   تم تسويق سترة نهرو في المقام الأول للغربيين واشتهرت بها فرقة البيتلز والمونكيز، فضلاً عن ارتداؤها من قبل عدد من الشخصيات المشاركة في أفلام جيمس بوند.

التجارة في الهند

الروبية هي العملة الهندية.  ووفقًا لكتاب حقائق العالم لوكالة المخابرات المركزية يأتي ما يقرب من 62  % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من قطاع الخدمات، حيث تشكل الصناعة 23  %، والزراعة تساهم بنسبة 15.4 %. كما تشتهر الهند بمنتجاتها الزراعية الأساسية وهي:  قصب السكر، والأرز، والقمح، وحليب الجاموس، والبطاطس، والخضروات، والموز، والذرة، والمانجو.

وفقًا لسانتاندير، تركز ثقافة الأعمال الهندية على التسلسل الهرمي للمناصب والشكليات القوية في اتخاذ القرارات، ولا سيما القرارات المهمة الدائمة لفترة طويلة من الزمن لا يقوم بإتخاذها إلا من هم في قمة الشركة.

العطلات والاحتفالات الهندية

الديوالي هو أكبر وأهم عطلة في الهند.  وهو مهرجان يمتد لخمسة أيام ويعرف باسم عيد الأنوار بسبب إضاءته الأضواء أثناء الاحتفال لترمز إلى النور الداخلي الذي يحميهم من الظلام الروحي. وهولي، وهو مهرجان الألوان الذي يُطلق عليه أيضًا مهرجان الحب يحظى بشعبية كبيرة في فصل الربيع.  كما تحتفل البلاد أيضًا بعيد الجمهورية في (26  يناير)، وعيد الاستقلال في (15  أغسطس)، وعيد ميلاد المهاتما غاندي في (2  أكتوبر).

المصدر: https://www.livescience.com

ترجمة: رهف ظافر الشهراني

مراجعة وتدقيق: زينب محمد