crossorigin="anonymous">
8 يونيو , 2020 زينب محمد
يبحث المقال أهمية المبادرة للاستقلال ودخول عالم ريادة الأعمال، ويشرح بعض المبادئ الأساسية من وجهة نظر الكاتبة والتي تساعد من قرر المبادرة على استمرارية مشروعه التجاري ونجاحه.
ما أبهج تلك اللحظة، عندما تأتيك فكرة لمشروع ما، ولكنها لمجازفة كبيرة أن تكرس له وقتك كاملاً. البدء بمشروع من الصفر قد يجعلك معرضاََ للخطر، من الناحية النفسية والمالية، خاصةً لمن لا يملك احتياطات أمان.
وفي غمرة أزمة فيروس كورونا المستجد – كوفيد١٩-، علينا أن نتذكر أن الظروف قد لا تكون مواتية لمن يسعون إلى تمويل مشاريعهم أو العمل عليها بدوام كامل. بيد أن كثيراََ من الناس يُجبرون على ترك وظائفهم هذه الأيام، لذلك لربما كان هذا هو الوقت الأنسب.
وتحت أي ظرف كان، إن لم تبادر، فأحلامك في الاستقلال قد لا تتحقق أبداً. ولربما في هذا الوقت بالذات، أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى مزيد من روح ريادة الأعمال.
بغض النظر عن مدى روعة فكرة المشروع أو مدى جدية مؤسسه، فإن كثيراََ من المشاريع الناشئة قُدر لها الفشل. ومن خلال تجربتي في تأسيس وتنمية شركة شميت للمنتجات الطبيعية (Schmidt’s naturals) بدايةً من مطبخي إلى استحواذ شركة يونيليفر (unleiver) عليها، وتغلبي على كثير من العقبات في تلك الأثناء؛ فهمت بعض المبادئ الأساسية التي تساعد رواد الأعمال على ضمان استمرارية مشاريعهم التجارية.
ريادة الأعمال تتطلب شغفاََ قوياََ لما تقوم به. إن لم تعمل بقلبك، فهناك حدٍ لما ستصل إليه. أعط أولوية لحديث صريح مع النفس، واترك مجالاََ لتكون مرناََ مع تطورك. اسأل نفسك: إذا نجحت خطتك حقاً، هل أنت مستعد للعمل في هذا المجال زمناََ طويلا؟
إن لم تكن قد أحكمت فكرة المشروع حتى الآن، ومع ذلك تعلم يقيناََ أن ريادة الأعمال هو المسار المناسب لك، فستحتاج إلى تحديد أين يكمن شغفك الحقيقي، وهذا قد يتطلب بعض الاستكشاف. بعد تخرجي من الجامعة، وجدت نفسي سريعاََ أتسلق سلم الشركة في منصب واعد في إدارة الموارد البشرية. كانت حياتي المالية آمنة، وكذلك المزايا التي أحصل عليها، ولكني شعرت بعدم الرضا، وشعرت برغبة في استقلالية أكبر، وفي عملٍ أبدع فيه أكثر. لقد علمت أن إدارة الموارد البشرية لم تكن طريقي المناسب، لذلك سحبت نفسي وانتقلت إلى بورتلاند، وهناك التزمت بالبحث في أغوار نفسي، عازمة على إيجاد شغفي وهدفي واكتشاف مهاراتي التي لم أستغلها بعد.
بعد سلسلة قمت بها من الهوايات والأنشطة الجانبية (كل شيء، بدءاََ من نحت الخشب والتصميم الداخلي إلى محاولة لزرع إسفنج اللوف)، اكتشفت أخيراََ وأنا في الحادية والثلاثين وحامل في الشهر السابع، ما أردت القيام به: حضرت درساََ لتعليم الأعمال اليدوية أثار شغفي لصنع وبيع منتجات العناية الشخصية الطبيعية. كنت حينها أعلم أني مستعدة لتقديم تعهد جديد، هذه المرة تعهدت بالعيش كرائدة أعمال.
حالما تحكم فكرة المشروع، فمن المهم بعدها أن تواصل التجربة والتعلم لتوسيع دائرة معارفك. ابدأ بالبحث عن مجال الصناعة التي تريد الولوج فيه، وابحث عن منافسيك في ذات المجال، لتفهم كيف تميز نفسك بينهم.
تبادل الأفكار مع عائلتك وأصدقائك الذين هم بمثابة المجموعة التشاورية، ومجلس استطلاع الرأي.
تطوع في منظمات ذات صلة بمجال مشروعك كي تكتسب الخبرات العملية. اكتب وانشر محتوى يدل على أنك خبير في مجال عملك الجديد.
عندما بدأت شركتي عام ٢٠١٠، جعلت الأولوية للأنشطة الجانبية التي لها علاقة بمجال مشروعي، مثل إعداد منتجات ذات علامة تجارية خاصة لمنتجع صحي محلي وتصنيعها، وعمل مجموعة يدوية الصنع لمنتجات العناية الشخصية لأحد مواقع التجارة الإلكترونية، والعمل متدربة في متجر للأعشاب، وحتى أني عملت محاسبة في سوق محلي أستطيع فيه رؤية الزبائن الذين يتفاعلون مع منتجي الذي فوق الرفوف.
وتذكر أنك حالما تبدأ مشروعك، فإن رحلتك ومنحنى التعلم لا يزالان للتو في بدايتهما. في الواقع، كلما نما مشروعك وتطور، ستضطر إلى ترك منطقة الراحة والابتعاد عنها أكثر فأكثر، وستبني الخبرات والمهارات القيادية، بالإضافة إلى التنقل في عالم المالية المعقد.
هذا الجزء سهل بالنسبة للأشخاص الذين لديهم دائرة علاقات قوية موثوق بها. لكن بالنسبة لأغلبنا، فالأمر أسوأ. بالنسبة لمشروعي (شميت للمنتجات الطبيعية) ، قررت أن أمول نفسي بنفسي، وهذا يعني أني كنت مفلسة، مما يستلزم أن أعمل أعمالاً جانبية حتى يصل مشروعي لمرحلة الاستقرار المالي. إن حدث خطأ ما، فتلك ستكون نهاية مشروعي. نعم، كانت هناك أوقات دُفع فيها مشروعي إلى الحافة. أنا بغاية الامتنان لصحتي وقدرتي على تمويل شميت للمنتجات الطبيعية في أيامه الأولى مما جمعته من أعمالي الجانبية.
لا تنفع هذه الطريقة مع الجميع، ولكن من المهم أن تكون قادراً على اتباع منهجية تمويل مناسبة لتحقيق الأرباح في النهاية، سواء كان ذلك من خلال الديون أو الإيرادات أو تعيين شريك أو شريك مؤسس، إن عملك بدون سيولة لن يستمر، كما أنه لن يستمر إذا ما اتخذت إجراءات تمويلية خاطئة متسرعة.
في كل خيار للتمويل، تكمن المخاطر التي تستعد لمواجهتها، ومقدار الضمانات التي تحتاجها لتحقيق رؤيتك. كلما كانت المخاطرة أكبر قلت فرصك في النجاح، ولكنها قد تستحق المحاولة. في نهاية المطاف، عليك أن تسأل نفسك: ما معنى “الالتزام التام” بالنسبة إلي؟
قد يكون تحقيق الانسجام بين ريادة الأعمال والجوانب الأخرى في حياتك أصعب ما عليك فعله. ببساطة، ليس سهلاً التعامل مع المطالب التي تصرفك عن الأصدقاء والعائلة والمتعة الشخصية.
سيساعدك التصرف بوعي ومرونة قدر المستطاع في إدخال عملك الناشئ إلى نمط حياتك على حماية صحتك النفسية وعزل دائرة علاقاتك عن مصادر التوتر الخارجية.
أما لأجل عائلتك، فخذ بعين الاعتبار إنشاء روتين لأيام نهاية الأسبوع، والوجبات، ومواعيد النوم. اجعل مناسبات العائلة والأصدقاء أولوية في تقويمك، واحذر من التحدث الكثير عن العمل في المنزل، ولكن لا تتجنب ذلك قطعاً، إن أخذ التعليقات من معارفك مفيد وممتع أيضاً.
حاول إشراك الآخرين في جوانب المشروع الأكثر متعة، مثل تطوير المنتجات أو التسويق. ريادة الأعمال قد تكون تجربة تعزلك عن العالم، وإيجاد طريقة لجلب الآخرين إلى عالمك هو طريقة من طرق بناء جسر يربطك بالخارج.
في البدايات، قد يكون التوازن المرجو مختلاََ، ولا بأس بذلك. في عام ٢٠١٠، دخلت عالمَيّ الأمومة وريادة الأعمال في نفس الوقت. وبدلاََ من محاولة وضع حدود صارمة مثل عدد ساعات عمل غير قابلة للنقاش، فإن دمج هذين العالمين سيعطي المرونة وتحقيق الذات اللذان يفيدانني أماََ ورائدة أعمال.
بينما كان ابني حديث الولادة أوليفر نائماً، كنت أعمل بهدوء في المطبخ، أصنع منتجات على الموقد، أو أتعامل مع المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني مع تجار التجزئة (لم يكن الأمر سهلاََ عندما كان يقرع القدور والمقالي، ولكن مهلاََ ، ما من شيء كامل). عندما أذهب لاستلام شحنات المكونات، أو لإرسال الشحنات في مكتب البريد، كان يأتي معي. وعندما أتسوق في المتاجر، كنت أمشي وأوليفر في يد والمنتج في اليد الأخرى. ولم يضرني وجود طفل لطيف معي عندما أقوم بالمبيعات، وكنت أستمتع بكل لحظة عندما يكون معي في الطريق.
رغم جميع التحديات، ريادة الأعمال تستحق العناء، على الأقل بالنسبة لأمثالي الذين تدفعهم الأمور المفاجئة للنجاح، والذين لا يمانعون التعرض لمواقف محرجة من حين لآخر، والذين يجدون المتعة في مواجهة التحديات التي لا نهاية لها. إنها ممتعة، وفوضوية، وخطيرة قليلاً.
إن لم تكن واثقاََ من أن لديك كل ما يلزم، ولكنك وصلت إلى هذا الحد، فإني أشجعك على أن تبادر بالخطوة الأولى. فلن تعرف حتى تجرب.
ترجمة: ولاء الجشي
تدقيق : وليد حافظ
تويتر :@Waleedhafez1981
المصدر: https://hbr.org
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً