الإنتقال من الصيد إلى الرعي سجّل في بول القدماء.

الإنتقال من الصيد إلى الرعي سجّل في بول القدماء.

9 نوفمبر , 2019

إن البشر انتقلوا وبشكل كبير من صيد الحيوانات الى الرعي والتدجين لهذا قام العلماء بالدراسة لمعرفة متى بدأ هذا التحول فقاموا باستخدام البول الذي خلفه الانسان والحيوانات لحسابة الكثافة السكانية للبشر والحيوانات وتطورها مع الزمن لكن وجدوا صعوبة في التفريق بين املاح البول البشرية والحيوانية.

يعتبر الإنتقال من الصيد والمجمعات الى الزراعة والرعي نقطة تحول حاسمة في تاريخ البشرية.

يعتقد العلماء أن الانتاج المكثف للغذاء الذي بدأ مع ثورة العصر الحجري الحديث، قبل عشر آلاف سنة قبل الميلاد، أدى الى تطور المدن، والتقدم في التكنولوجيا، وفي نهاية المطاف شق طريق الحياة كما نراها اليوم.

 “Science Advancesمن الصعب معرفة تفاصيل بداية حدوث هذا التحول، لكن دراسة حديثة نشرت في مجلة “

بدأت في معرفة نطاق وسرعة التحول الذي حدث خلال المراحل الاولى من تدجين الحيوانات في تركيا، لإعادة إحياء هذا التاريخ، وجد المؤلفون مصدر مختلف، أملاح البول التي خلفها الإنسان والحيوانات.

وفقا للمؤلف جوردان أبيل، طالب دراسات عليا في مرصد الأرض في كولومبيا “هذه المرة الاولى وفق معرفتنا، حيث تم العثور على الملح في المواد الأثرية وإستخدامه لمعرفة تطور الحيوانات” ، بينما غالبا يستخدم الروث بشكل شائع في معظم الدراسات.

تم إستخدام املاح البول لحساب كثافة البشر والحيوانات في المنطقة على مرور الزمن، قدر أنه قبل حوالي عشر آلاف سنة قفزت الكثافة السكانية للبشر والحيوانات التي تحتلها المستوطنات من الصفر الى شخص واحد أو حيوان واحد لكل عشرة أمتار مربعة، أشارت النتائح إلى أن التدجين قد أصبح أسرع من المتوقع سابقا، أيضا تم دعم فكرة ان ثورة العصر الحجري الحديث لم يكن لها سوى مكان ولادة واحد في الهلال الخصيب في الشرق الأوسط فقط، بل وقعت في عدة مواقع في وقت واحد.

ربط الحقائق

في مستوطنة آشيكلي هويك القديمة في وسط تركيا، تشير الدلائل الأثرية إلى أن البشر بدأوا في تدجين الأغنام والماعز حوالي 8450 قبل الميلاد، على مدار ألف عام تطورت هذه الممارسات حتى أصبحت الحيوانات المصدر الأساسي للغذاء والمواد الأخرى.

شارك المؤلفان سوزان منتزر من جامعة توبنغن، وجاي كواد من جامعة أريزونا، وحيث عمل أبيل في هذا المشروع كطالب جامعي وقد قاموا بتوثيق مستوى أملاح عالي غير اعتيادي بالقرب من آشيكلي هويوك من غير أن يجدوا سبب واضح، نظرا لهذه البيانات وغيرها، الدراسة الجديدة تدعم نظرية أن الأملاح تأتي من بول الأنسان، والأغنام والماعز. تستخدم الدراسة وفرة الأملاح مع مرور الوقت لتتبع نمو المجتمع وحيواناته على مدى ألف عام.

التحول السريع

بالعمل مع علماء الآثار الأتراك، بما في ذلك مهيبان أوزباساران من جامعة إسطنبول، الذي يرأس حفر أسيكلي هويوك، جمع الفريق 113 عينة من مواقع مختلفة، بداية من أكوام النفايات إلى الطوب والمداخن على فترات زمنية مختلفة، لإلقاء نظرة على مستويات ملح الصوديوم والنترات والكلور. وجدوا بشكل عام أن أملاح البول زادت بوفرة مع مرور الوقت. قبل الاستيطان كانت الطبقات الطبيعية تبنى بمستوى منخفض من الأملاح.

 شهدت أقدم الطبقات والتي تمتد من ١٠٤٠٠ إلى ١٠٠٠٠ سنة مع دليل على وجود السكان على زيادة طفيفة في مستوى الأملاح لكن ظلت منخفضة نسبيا ، ثم إرتفعت الأملاح خلال الفترة من 10000 الى 9700 سنة مضت، مما يشير إلى زيادة في عدد البشرية والحيوانات، بعد ذلك إنخفضت التركيزات تدريجيا.

يقول أبل إن هذه الاتجاهات تتماشى مع الفرضيات السابقة بناءً على أدلة أخرى، أن المستوطنة تحولت من صيد الأغنام والماعز إلى حصر عدد قليل منها، ثم تحولت على نطاق أوسع لإبقاء الحيوانات في محيط الموقع لتكاثرها.

قدر الفريق كثافة الأشخاص بالإضافة الى الماعز والأغنام من خلال حساب تركيز الاملاح واخذ العوامل الاخرى التي تزيد من مستوى الملح بعين الاعتبار، تم حساب الكثافة السكانية التي تحت المستوطنة بمعدل شخص او حيوان واحد تقريبا لكل 10 أمتار مربعة مقارنة بالمستوطنات الحديثة التي تحتوي على أكثر من غنمة لكل 5 امتار مربعة. يقول ابيل: على الرغم من أن التوقيت قريب مما توقعه المؤلفون إلا ان التغيير الكبير الذي حدث قبل حوالي ١٠٠٠٠ سنة قد يكون دليل على انتقال أسرع نحو التوطين.

على الرغم من أنه ليس من الممكن حاليًا التمييز بين أملاح البول البشرية والحيوانية، إلا أن طريقة تحليل ملح البول لا تزال توفر تقديرًا مفيدًا لوفرة الأغنام والماعز. خلال 1000 عام ، حسب الفريق بمعدل 1790 ما بين بشر وحيوانات يعيشون على المستوطنة يوميًا. في كل فترة زمنية، كان عدد السكان التقديري أعلى بكثير من عدد الأشخاص الذين يعتقد علماء الآثار أن مباني المستوطنة كانت ستؤويهم، هذا يشير إلى أن تركيزات ملح البول يمكن أن تعكس بالفعل الكميات النسبية للحيوانات المستأنسة مع مرور الوقت.

يخطط الباحثون لتحسين أساليبهم وحساباتهم في المستقبل، ويأملون في إيجاد طريقة للتمييز بين أملاح البول البشرية والحيوانية. يعتقدون أن المنهجية يمكن تطبيقها في مناطق قاحلة أخرى، ويمكن أن تكون مفيدة بشكل خاص في المواقع التي تفتقر إلى الأدلة المادية الأخرى، مثل العظام.

ثورة أوسع

ساعدت النتائج أيضا في تسليط الضوء على الانتشار الجغرافي لثورة العصر الحجري الحديث، وقد إعتقد البعض أن الزراعة والرعي نشأت في الهلال الخصيب ، الذي يمتد عبر أجزاء من العراق الحديث وسوريا ولبنان وإسرائيل ومصر والأردن والأراضي الفلسطينية ، ثم انتشرت للخارج. أشارت الادلة والدراسات الحديثة ومن ضمنها هذه الدراسة إلى أن التدجين والانتقال إلى أنماط الحياة في العصر الحجري الحديث حدث في وقت واحد على مساحة واسعة ومنتشرة من المنطقة.

قالت العالمة المختصة في أصل الانسان والمؤلفة ماري ستينر من جامعة أريزونا، إن الطريقة الجديدة يمكن أن تساعد في توضيح الصورة الأكبر لعلاقة الإنسانية بالحيوانات خلال هذه الفترة الانتقالية، وقد أضافت اننا قد نجد نفس الاتجاهات في مواقع أثرية اخرى بالشرق الأوسط من تلك الفترة الزمنية، ولكن من الممكن أيضا ان يكون حفنة فقط من المجتمعات طويلة الأمد شكلت لتطويرالعلاقات الانسانية بأي موقع من الشرق الأوسط.

غونيس دورو ومليس اوزدروم من جامعة  إسطنبول كانوا أيضا مؤلفين في هذه الورقة .

ترجمة: هبة بن طالب.

المصدر: https://www.sciencedaily.com

مراجعة: لينا عوض

 


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!