ما المعايير المتطلبة  للتحلّي بشخصية صحية من منظور نفسي؟

ما المعايير المتطلبة للتحلّي بشخصية صحية من منظور نفسي؟

10 أكتوبر , 2019

●ليس هناك إجماع مئة في المائة بين علماء النفس حول المعايير التي تطور وتحسن “الشخصية”.

●أدرك المؤلفون بأن الشخصية الصحية هدف صعب التحديد.

●الخطوة الأولى التي اتخذها الباحثون في نهجهم هي الطلب من خبراء الشخصية بتقديم تصنيفاتهم الخاصة .المعيارين الأجدر للاعتبار لسمة “التكيف” هي (الجراءة والمناعة من الضغوط النفسية)

هل من الضروري أن تكون سعيد لكي تكون صحي؟ وهل يجب أن تكون لديك القدرة للتعامل مع لكمات الحياة؟ هل تحتاج أن تكون في علاقة عاطفية جيدة ؟ وهل يجب أن تكون صادقا في ماضيك؟ هل يجب أن تبتعد عن الحجج؟

حاول التفكير بقائمة من المعايير ودونهم أو فقط رتبهم في عقلك الآن، تمسك بإجاباتك قبل أن تقرأ المزيد.

تعاونت الطبيبة النفسي ويبك بليدرن من جامعة كاليفورنيا في مع مجموعة متميزة من علماء النفس من جميع أنحاء الولايات المتحدة وألمانيا لإجابة هذا السؤال بالتحديد، ولكن الأمر تطلب جهداً هائلاً للتوصل لاتفاق رأي شخصين على ما يشكل مسمى “الصحة” من منظور نفسي.

 بعد كل شيء هل توافقت معاييرك التي دونتها بمفردك مع المعايير التي تعتقد أن شريكك دونها؟ مما يزيد الطين بلة، فليس هناك إجماع مئة في المائة بين علماء النفس حول المعايير التي تطور وتحسن “الشخصية”.


في الوقت الحالي افترض أن باستطاعتك تعريف الشخصية بشكل عام.

 استنادا إلى (نموذج العامل الخامس) والذي يعرف بأنه من الأكثر المناهج العلاجية التجريبية الدقيقة، تتكون الشخصية من مجموعة من ٣٠ وجها تشكل خمسة أبعاد أساسية. حيث تتكون شخصيتك من طرق مرتبطة نسبيا مع التجارب التي واجهتها في حياتك. إضافة إلى ذلك يعتزم النموذج فكرة أن سلوكياتك هي التي تعكس شخصيتك, ولذلك يجب على الأشخاص اللذين حولك  أيضا أن يصفوك في الاستبيان بدرجة عادلة خصوصا من يعرفك حق المعرفة. مثل درجة دقتك بالتفاصيل ورغبتك في خوض تجارب جديدة وقدرتك على التعامل في وقت الشدائد وحسن خلقك بشكل عام.

 حيث تشمل الصفات التي تشكل نموذج العامل الخامس هذه الخصائص ولا يمكنك فقط وصف صفات شخصيتك لوحدك.

قد لا يمكن لهذه الصفات أن تحدد جميع جهات شخصيتك, لأنها لا تنطبق على الحوافز الداخلية العميقة التي تكون مسئولة عن تطوير سلوكك ولا تنطبق على مشاعرك أيضا، ولكن فقط بإمكانها أن تصف السمات الأساسية في شخصيتك بشكل معقول وجيد.

 يعتقد المؤلفون أن النموذج وسيلة لتحقيق شخصية حيوية والتي توصف كشخصية صحية, فقد حددوا جميع الأنماط القابلة للقياس والمتطرفة من الأفكار والمشاعر والسلوكيات أيضا تلتقط معظم السمات المتناقضة المهمة في شخصية الإنسان.

وصفت بليدرن والمتعاونون معها نموذج العامل الخامس بأنه نموذج فعال لفهم اضطرابات الشخصية, فقد كان هدفهم مواجهة الأشياء حولهم وملاحظة ما يمكن للنموذج فعله لتنوير بصيرتهم لمعرفة المعايير التي تُصلِح الشخصية التي يرغبون.

 أيضا أدرك المؤلفون بأن الشخصية الصحية هدف صعب التحديد, ولكن على الأقل من الممكن أن يكون هدف يستطيع الخبراء إنشائه وجعله ممكنا للمقارنة مع المعايير التي يضعها الفرد لنفسه وموازاتها,ومن الممكن أن تنير جميع هاتين المجموعتين الطريق للتعريف بمعنى الصحة النفسية.

قبل وصف المؤلفون لمنهج السمات الأساسية للتعريف بمسمى (الشخصية الصحية) أخذوا بعين الاعتبار وجهات نظر متنوعة في علم النفس.

 أولا في نطاق فرويد الذي عرّف الصحة أنها القدرة على الحب والعمل, أما ماسلو فقد آمن أن الصحة النفسية هي مرادفة مع الذات, وبالنسبة لجانب لروجييرز فإن نظريته للأشخاص الصحيين نفسيا أنهم هم من يعملون بكامل طاقتهم, وينظر فرينكل للأشخاص الصحيين أنهم من وجدوا لحياتهم معنى.

 عبر جميع هذه التعريفات المختلفة على أية حال فقد اعتقدت بليدرن أن جميعهم يعتزمون لوجود نموذج محدد للشخصية التي تمتلك معايير صفات محددة متضمنة القدرة على الحب، ولعقد نظرة متفائلة للحياة ،وأن تكون معقول، وأن يكون لديك الوعي الذاتي، وأن تمتلك المسؤولية، وأن تكون منفتحا للأفكار الإبداعية. فالنفس الإيجابية التي يفترضوها أيضا تؤكد على عمل الخير الذي يستطيع الأشخاص الأصحاء القيام به.

كانت الخطوة الأولى التي اتخذها الباحثون في نهجهم هي الطلب من خبراء الشخصية بتقديم تصنيفاتهم الخاصة لأي من الصفات الثلاثين الموضوعة في نموذج العامل الخامس, والتي يرونها أنها تدخل ضمن الشخصية الصحية, وأيضا فقد أضاف الباحثون صفات إضافية غير التي في النموذج (أي من مجال علم النفس الإيجابي).

إضافة إلى ذلك فقد زودوا في تصنيفاتهم آراء طلاب المرحلة الجامعية والذين لا يعتبرون خبراء في علم الشخصيات.

بدأت بلوديرن بعد الحصول على هذه التصنيفات لاختبار الإحصائيات.

 فاستنادا إلى هذه العملية, توقع المؤلفون في البداية أن تكون سمات الشخصية الصحية: منخفضة في الجوانب العصبية (ع) ودرجات مقياس عالية في جوانب الرضا والراحة (ر), والانبساط (أ)، والوعي الذاتي (و)، والانفتاح على التجارب الجديدة (ن).

استخداما لقوائم جمعيتين مهنيتين تركزان على الشخصية، طلب الكتاب لالتحاق أي شخص مهتم بدراسة الشخصية الصحية استخداما بالـ  30 صفة التي أُدرجت في نموذج العامل الخامس (خمس صفات X ست جوانب لكل واحدة منهم). حيث تتضمن عينة الخبراء من  137  دكتور نفسي متوسط أعمارهم 38 سنة ، حيث 60% منهم إناث , و 54% منهم يملكون درجة الدكتوراه و71%  شاركوا في البحث.

 أما الخبراء الباقين اللذين يبلغ عددهم 77 باحث فإنهم يعملون على العادات النفسية الإيجابية (يبلغ متوسط أعمارهم 49).

أما بالنسبة لعينة الطلاب الجامعيين كان المسئولين عنها اثنين مؤلفي الدراسة وكلاهما كانا في الولايات المتحدة,حيث بلغ عددهم ما يزيد بنسبة طفيفة عن 500 طالب, ومتوسط أعمارهم تقريبا 21 سنة و76% منهم إناث.

أثبتت تصنيفات المهمة ابتداء من تصنيفات الخبراء وانتهاء بتصنيفات طلاب الجامعة تقارب قوي لتعريف معايير الشخصية الصحية.

 فالشخصية التي وضعوها قد كسبت مقياس منخفض في قائمة الجوانب العصبية [ع] , ومقاييس مرتفعة في  الشعور بالانفتاح والتي هي جزء من قائمة الانفتاح على التجارب [ن], والمشاعر الايجابية (من سمات قائمة الانبساط [أ]) ,والاستقامة والانضباط في (قائمة نموذج السمات[ر]) والذي يكوّن الفرق الوحيد بين الطموحين(على سبيل المثال الطلاب).

أضاف الخبراء سمة الاجتماعية وحس البهجة (من السمات التي في قائمة أ).

 بالنسبة لعينة الطلاب فقد واجهوا صعوبة في موازنة هذه الصفات مقارنة مما وزنه الخبراء في الدراسة.

 أما الدراسة الأخرى فقد أجرت تجربة في فترة زمنية أكثر من أسبوعين للتعريف بالشخصية الصحية ومن ثم استخدموا المعلومات المقاسه طوليا من ألمانيا, مفحوصة في فترة زمنية أطول من خمس سنوات.

فقد أخذ الخبراء ميزة من المعلومات التي كانت في الدراسة الألمانية، والتي هي دراسة أُجريت لفحص التطابق بين أشقاء توأم للنظر ما إذا كان العامل الوراثي دور محتمل للمعايير الشخصية الصحية,فقد توسعت النتائج من الدراسة الأولى بإظهار استقرار عالي لنسب التصنيفات (متضمنة الدراسة الوراثية) للتعريف بالشخصية الصحية.

امتدت الدراسة من إظهار وجود الشخصية الصحية واستقرار معاييرها إلى البحث عن كيفية تكيف الأشخاص العالي مع هذه المعايير سيكون فكانت النتيجة كما هو متوقع، أن الأشخاص الذين سمات شخصياتهم تتشابه مع المعايير الموضوعة للتعريف بالشخصية الصحية هم من بإمكانهم التحكم  بشكل فعال كما هو مشار سابقا من تقدير الذات العالي, ومفهوم الذات الإيجابي، والإحساس الحقيقي بالذات، ومستوى مرتفع من التفاؤل.

 حيث أظهروا تحكم بالغضب معقول ومستوى منخفض من العدوانية.

 على الرغم من أن درجات الأنانية لم ترتبط بتعريف الشخصية الصحية ولكنهم وجدوا في الأشخاص الصحيين نزعة في نهاية المقياس مرتبط بشكل ما بالعظمة والاكتفاء الذاتي, ومع ذلك فإنهم ليسوا كالأشخاص الذين يتسمون بالاضطراب الشخصية الأنانية والذين لديهم درجة مرتفعة في استغلال الآخرين.

وفي نطاق الاعتلال النفسي، فالمعيارين الأجدر للاعتبار لسمة “التكيف” هي (الجراءة والمناعة من الضغوط النفسية) فهي عادة يمتلكها الأشخاص الصحيين نفسيا بمقياس عالي، ولكنهم يملكون مقاييس منخفضة في جوانب المرونة من لوم التحول الخارجي وقلة في التحكم.

من وجهة نظر تنموية يؤكد المؤلفون عكس ما افترضته نظرية أزمة منتصف العمر. فقد أشارت هذه الدراسة أن هذه السمات بوجه الخصوص صحية والتي تقريبا ما تتضح في مرحلة البلوغ الوسطى من العمر.

 إذا كنت لا تمتلك شخصية صحية الآن فقد أظهرت النتائج أنه بإمكانك العمل للتحلي بهذه المعايير والتي ستوصلك للشخصية الصحية.

خلاصة الموضوع فالدراسة انتهت بنتيجة: أنه يمكنك العمل على شخصيتك مع الزمن إذا كانت لا تتوافق مع معايير للصحة المثلى. مع المعرفة أن استقرار عواطفك يفتح لك مجال للأفكار الإبداعية، والاستقامة، كما أنها مسئولة عن المساهمات لاستقرار الصحة النفسية. فالعمل على تحقيق هذا الهدف في الحياة قابل للوصول.

الترجمة: رهف الحامد

تويتر: RM_HII0

المراجعة:فاطمة الهوساوي

تويتر:ffatimah77

المصدر: https://www.psychologytoday.com


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!