في أغلب الأحيان يكون عبوس الوجه أمرًا طبيعيًّا لا يدعو للشك ولكن، من المستغرب أنه في بعض الأحيان قد يكون العبوس دليلًا حيويًّا يلاحظه المقربون منك؛ عائلتك أو أصدقاؤك عندما تواجه نوبة صرع. اكتشاف هذه العلامة التي قد لا تشكل فارقًا لدى البعض قد يساعد طبيبك على فهم وتشخيص الصرع بشكل أفضل.

عند ظهور عبوس واضح بشكل مفاجئ في منتصف أو بداية نوبة الصرع، وغالبًا مع أعراض أخرى غير معتادة، فقد يعني ذلك أنك مصاب بنوبة الفص الأمامي من الدماغ.

يُعرف هذا العبوس بإسم العبوس الصرَعِي، وهو يظهر فقط خلال نوع معين من نوبات الصرع كما يقول أخصائي الأمراض العصبية والصرع د. إحسان موسى نادوفيل فالابيل (Ahsan Moosa Naduvil Valappil)، كما أنّ إدراك ذلك قد يكون أمرًا بالغ الأهمية لتلقي الرعاية الطبية المناسبة.

“عند التفكير فيما إذا كان شخص ما مرشحًا للعملية الجراحية لعلاج الصرع غير المنضبط، نحتاج إلى تحديد من أين تأتي نوبة الصرع في المخ”.

ما هو العبوس الصرعي؟

إن العبوس الصرعي هو أحد الأعراض الخفية التي يمكن أن يتجاهلها المقربون منك بسهولة إذا تحركت ذراعاك وساقاك كثيرًا أثناء نوبة الصرع أو إذا كنت تُظهِر سلوكًا غير اعتياديًّا آخر، مثل التجول المستمر أو التقاط الأشياء بشكل عشوائي.

يقول الدكتور نادوفيل: “عليك أن تبحث عن ذلك العبوس حقًا”. “فمع كل السلوكيات والأعراض الأخرى، يمكنك تفويته”.

عادةً ما يبدو العبوس الصرعي عبوسًا متماثلاً، ففيه تكون زوايا فمك منخفضةً للأسفل وذقنك مُنقبِضًا.

كما يصف الدكتور نادوفيل هذا التعبير بتعبير طفل غير سعيد: “إنه يشبه نظرة الطفل الصغير عند الاستياء أو الإحباط أو الرفض أو الاختلاف أو الشك أو الضيق أو الاشمئزاز”.

هل يحدث مع كل نوبات الصرع؟

لا، إن العبوس الصرعي هو عرَض من أعراض بعض نوبات الفص الأمامي من الدماغ. تعتمد الأعراض أثناء النوبة على منطقة الدماغ التي يتم تنشيطها من خلال زيادة النشاط الكهربائي للمخ التي تحدث في النوبة، يدل العبوس الصرعي على زيادة النشاط في منطقة القشرة الحزامية الأمامية (Anterior cingulate cortex, ACC)، وتعلب هذه المنطقة دورًا في الانتباه واتخاذ القرارات والتحكم في الدوافع والعواطف.

من المحتمل أنك ستظل واعيًّا أثناء هذه النوبات، لكن لا يمكنك التحكم في حركاتك أو التواصل مع الآخرين.

ما هو الدور الذي يلعبه العبوس الصرعي في التشخيص؟

نظرًا لأن العبوس الصرعي يحدث فقط مع النوبات التي تؤثر على منطقة القشرة الحزامية الأمامية، فإنه يمكنه توجيه الطبيب إلى التشخيص الصحيح، وذلك عندما يظهر خلال الثواني العشرة الأولى من النوبة ويستمر لمدة خمس ثوانٍ أو أكثر.

يمكن أن يساعد ذلك الأطباء على تركيز انتباههم على مقدمة الدماغ ومناطق المخ المحيطة كمصدر محتمل للنوبة. في بعض الأحيان قد يبحثون عن نُدَب صغيرة لي تلك المنطقة عن طريق التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ. في أوقات أخرى، قد يدفع ذلك الأطباء إلى وضع أقطاب كهربائية في أو بالقرب من الفص الأمامي لتحديد مكان حدوث النوبات في الدماغ بشكلٍ صحيح.

كيف يمكنك علاج صرع الفص الأمامي من الدماغ؟

عادةً، سيحاول طبيبك صرف الأدوية المضادة للنوبات أولاً. يقول الدكتور نادوفيل إن ما بين 60و70 في المائة من المرضى يتعافون من النوبات بعد تجربة واحد أو اثنين من هذه الأدوية.  

إذا استمرت النوبات بعد تجربة دواءين أو أكثر، فقد تكون الجراحة خيارًا، يتضمن هذا عادة إزالة أو عزل الجزء من الدماغ المسؤول عن توليد تلك النوبات الكهربائية.

إن تحديد منطقة الدماغ المسؤولة عن توليد النوبات أمر معقد ويتطلب فريقًا متنوعًا من أخصائيي الصرع واختبارات تصوير الدماغ المختلفة. في بعض الحالات، هناك حاجة لرسم خرائط الدماغ ( وضع الأقطاب الكهربائية مباشرةً على الدماغ) للعثور على منطقة بدء تلك النوبات بالتحديد.

بمجرد تحديد منطقة الدماغ التي تولّد النوبات، فإن الخطوة التالية هي تحديد ما إذا كان من الآمن إزالتها جراحيًّا وخاصةً إذا لم تكن هذه المنطقة مسؤولة عن وظائف مهمة أخرى بالتالي يمكن لجراح الأعصاب إزالتها بأمان.

 يقول الدكتور نادوفيل إن ما بين 50 إلى 80 بالمائة من المرضى تخلّصوا من النوبات بعد الجراحة، ولكن تختلف النتائج بناءً على العديد من العوامل، بما في ذلك سبب الصرع ونوع الجراحة.

“إذا تُرِكَ المرض دون علاج، فإن المرضى الذين يعانون من الصرع غير المنضبط سيفقدون الاستقلالية التي كانوا يتمتعون بها”، كما يقول “إذا فقدوا وعيهم فلن يتمكنوا من قيادة السيارة، حيث أنه يؤثر بشكل مباشر على نوعية حياتهم”.

وفي نهاية هذا المقال: اطلب من أصدقائك وأحبائك أن يراقبوا عن كثب أي علامات غير عادية في المرة القادمة التي يعتقدون فيها أنك مصابٌ بنوبة. قد يكون الأمر بسيطًا مثل عبوس الوجه فقط، ولكن قد يكون هذا دليلًا محتملًا على مصدر تلك النوبة.

ترجمة:منى الشهري

تويتر:   @TheMona92

مراجعة: سندس المذلوح

تويتر: @sondos3li

المصدر: https://health.clevelandclinic.org/