الذكاء العاطفي

الذكاء العاطفي

21 سبتمبر , 2019

الملخص:

مفهوم الذكاء العاطفي الذي يهتم بقدرة الإنسان على إدراك مشاعره ومشاعر الأشخاص من حوله، وأهميته في تطوير العلاقات والصحة العقلية.

الذكاء العاطفي هو الذكاء الذي يهتم بالقدرة على الشعور بالمشاعر وإدراكها والتواصل معها والاستجابة لها وفهمها. ويعتبر المؤشر الأكبر للنجاح على المستوى المهني وعلى مستوى العلاقات، فالأشخاص الذين يتمنون تطوير ذكاءهم العاطفي قد يكونون بحاجة إلى التحدث مع مختص بالصحة العقلية.

ماهو الذكاء العاطفي؟

قدم هاورد قاردنر(Howard Gardner) فكرة الذكاء المتعدد في عام 1983 مدعيًا بأن هناك عدة طرق لجعل شخص ما ذكيًا، ومؤخرًا طور بيتر سالوفي (Peter Salovey) وجون ماير (John Mayer) مفهوم الذكاء العاطفي المرموز له بالحرفين EQ، حيث يصف الذكاء العاطفي قدرة الشخص على استخدام وفهم العواطف سواء العواطف الخاصة به أو عواطف الآخرين.

وقد اشتهر مفهوم الذكاء العاطفي بواسطة دانيال قولمان (Daniel Goleman) في منشوراته عام 1995 تحت عنوان (لماذا يعتبر الذكاء العاطفي أهم من معدل الذكاء)

وصف قولمان الذكاء العاطفي في خمسة محتويات:

1 – الوعي الذاتي: إدراك تأثير مزاج شخص ما وعواطفه على الاخرين

2 – التنظيم الذاتي: استخدام العاطفة المعرفية لمنع المزاجية والعواطف من التسبب في سلوكيات متهورة.

3 – المحفزات الداخلية: القيام بفعل ما أو صنع قرارات كنتيجة لمحركات ودوافع داخلية (بدلا من مكافآت فورية كالربح النقدي)، وهذا الدافع قد ينطلق من التفاؤل أو الحرص أو الطموح أو من مثالية شخصية.

4 – التعاطف: فهم عواطف الآخرين واستخدام هذه المعرفة للاستجابة للأشخاص استنادا لأوضاعهم العاطفية.

5 – المهارات الاجتماعية: استخدام الذكاء العاطفي لشخص ما لخلق علاقات قوية وتسجيل عمليات التواصل مع القرناء.

قد يستخدم الذكاء العاطفي لأغراض جيدة أو سيئة، فعلى سبيل المثال فإن الأشخاص ذوي الذكاء العاطفي العالي قد يدركون أن زميلهم في العمل يشعر بأنه يعمل تحت تأثير الضغوط، فقد يستخدم فرد ما هذه المعرفة لمساعدة ذلك الشخص وحثه على أخذ قسط من الراحة، وقد يستخدم شخص آخر هذه المعرفة لتدمير المنافس له في العمل وإثارته حتى يبدو سيئًا أمام مديره، وبعبارة أخرى فإن امتلاك قدر عالي من الذكاء العاطفي لا يعني بأن الشخص لديه رحمة وشفقة وإحساس.

ما سبب أهمية الذكاء العاطفي؟

يستخدم الناس الذكاء العاطفي لتطوير الصحة العقلية والوصول لأهدافهم وتطوير العلاقات بشكل كامل. ووفقا لتقرير عن الأمريكيين الشماليين بالعام 2018 فإن الأشخاص ذوي الذكاء العاطفي العالي يفوقون غيرهم أصحاب الذكاء العاطفي المنخفض بثمان مرات في جودة المستوى المعيشي، فالذكاء العاطفي العالي بإمكانه تطوير الحياة على المستوى الجسدي وكذلك على مستوى الصحة العقلية أكثر من القدرات الاكاديمية.

وتُرجح الأبحاث أهمية الذكاء العاطفي أكثر من معدل الذكاء للنجاح في أماكن العمل. فالعمال ذوي الذكاء العاطفي العالي تبرز لديهم المهارات القيادية وتأدية العمل بشكل عالي، فالمدراء أصحاب الذكاء العاطفي العالي يبدون أكثر احتفاظًا بالموظفين في دوائرهم على المدى الطويل بينما من يمتلكون ذكاء عاطفي منخفض فإنهم يكونون عرضة للمصاعب التالية:

صنع صداقات أو علاقات صحية.

العمل كمجموعة سواء في المدرسة أو في العمل.

إيصال حوائجهم ورغباتهم بأسلوب انتاجي مثمر.

فهم وتنظيم عواطفهم.

تجنب الأفعال النابية أو كلمات الغضب.

هذه المصاعب قد تتسبب في أن يصبح الشخص منعزلًا، فالعزلة على الجانب الآخر قد تمنع الشخص من تطوير مهاراته الاجتماعية بمفرده، فقد يحتاج بعض الناس للانخراط في صفوف ودورات تدريبية لبناء ذكائهم العاطفي، وكغيرها من المهارات فإن الذكاء العاطفي يمكن أن يتطور بالجهد والممارسة.

الذكاء العاطفي ونوع الجنس:

لم تتفق الدراسات بشأن تأثير الجنس على الذكاء العاطفي للإنسان، ففي العام 2018 عرض تقرير القلب والذي شمل 200 ألف شخص في 160 دولة تم خلاله النظر في معدل درجات الذكاء العاطفي في ست مناطق بالعالم، وقد تبين بالإحصاء وجود منطقتين اثنتين سجلتا فروقًا واضحة بين الرجال والنساء، الأولى بالجزء المطل على المحيط الهادي بالقارة الآسيوية وفيه بينت الدراسة أن النساء سجلن معدلًا عاليًا في درجات الذكاء العاطفي، والثانية أمريكا اللاتينية والتي بينت الدراسة فيها تسجيل الرجال معدلات أعلى في الذكاء العاطفي.

ولم تتفق الدراسة التي تمت في العام 2016 مع هذه النتائج مدعين بأن النساء يتفوقن على الرجال في الذكاء العاطفي بمراحل، وقد شملت الدراسة 55 ألف قطاع عملي بـ90 دولة ووجد الباحثون النتائج التالية:

تفوق النساء الرجال بنسبة 45% في إظهار التعاطف بشكل دائم ومستمر.

كما تفوق النساء الرجال في الوعي الذاتي العاطفي، فقد أظهرت نتائج التقرير أن نسبة الكفاء والقدرة لدى النساء أعلى منها عند الرجال عندما نقارن18.4% بـ 9.9% 

ومن 12 مهارة من مهارات الذكاء العاطفي تساوى الرجال بالنساء فقط في السيطرة على النفس

ومن المهم ملاحظة أن هذه الدراسات قامت بقياس الذكاء العاطفي بطرق شتى، ففي دراسة العام 2016 تم التركيز على العمل في حين ركزت دراسة 2018 على الكفاءات العامة وعدد السكان.

وأكثر من ذلك أن معدلات الجنس ليست سواء كما كان محددًا، فالنساء بأمريكا اللاتينية سجلن درجات أعلى من الرجال بينما في آسيا والمحيط الهادي باستطاعتهم تسجيل درجات أعلى من معدلات النساء، فالذكاء العاطفي للشخص لا يمكن تقييده بنوع الجنس.

الذكاء العاطفي والصحة العقلية:

أشارت البحوث إلى بعض الظروف الصحية العقلية المرتبطة بتسجيل نتائج منخفضة على مستوى الذكاء العاطفي كالتالي:

اضطراب الشخصية الحدودية (BPD) قد يشير إلى وجود حساسية عالية في إظهار العواطف، ولكن الأشخاص المصابن باضطراب الشخصية الحدودية يكافحون في الغالب لتسمية مشاعرهم ومعانيهم، كما أن لديهم مهارات أقل في تنظيم عواطفهم.

الاكتئاب مرتبط دائمًا بالدرجات المنخفضة من الذكاء العاطفي، قد يكون الشخص المصاب بالاكتئاب أقل حساسية لتغيير محتوى المشاعر لديه كما لوكان عالقًا بآثار سلبية.

القلق الاجتماعي قد يكون متصلًا في بعض الأحيان بالذكاء العاطفي المنخفض، فقد يخاف الشخص من التكلم مع الآخرين نظرًا للمهارات الاجتماعية المنخفضة لديه، فقد ينظر إلى التعبيرات المحايدة على أنها معادية الأمر الذي يجعله يسئ تفسير الدلائل الاجتماعية.

تعاطي المخدرات قد يؤدي إلى عجز في جميع مظاهر الذكاء العاطفي، ومقارنة مع الظروف المذكورة أعلاه فإن تعاطي المخدرات يتسبب في أكبر تدهور في الغالب على مستوى الادراك العاطفي والتنظيمي.

متلازمة اسبرجر(Asperger’s syndrome) وتوصَف أيضًا بالذكاء العاطفي المنخفض، فالأشخاص المصابون بالتوحد يواجهون صعوبات في الغالب في إظهار عواطفهم أو تخمين شعور الآخرين، ويحمل البحث هذه المصاعب على النقص في المرونة المعرفية، فالأشخاص المصابون بالتوحد يكافحون من أجل تغيير انتباههم والانتقال من فكرة إلى أخرى، ولكن الذكاء العاطفي يتطلب في الغالب تكيفًا مع السياقات المتغيرة بشكل سريع، وهكذا فان المصابون بالتوحد قد يعانون من دمج العواطف المعلوماتية بخلاف العمليات الفكرية الصعبة.

وقد أظهرت البحوث ترابطًا بين الذكاء العاطفي المنخفض واحتمال الانخراط في أعمال مدمرة بشكل عام أو مدمرة على الصعيد الشخصي، فبعض الناس قد يستخدم الإضرار بالنفس كوسيلة للضغط وتنظم العواطف بالقوة، إن تطوير الذكاء العاطفي قد يساعد الشخص في خفض الأعراض الصحية العقلية، في حين أن الذكاء العاطفي العالي يخفض من الاتجاه للعنف ويسرّع عملية الاستشفاء من الاحداث المؤلمة. فالمعالج الحقيقي بإمكانه مساعدة الأشخاص لتطوير ذكائهم العاطفي ومستوى السعادة والرضى لديهم بشكل عام. والله أعلم.

المصدر: https://www.goodtherapy.org

ترجمة: أحمد بن خالد بن عبد الرحمن الوحيمد.

تويتر: AhmadBinKhaled

مراجعة: جواهر السبيعي


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!