إمكانية إعادة تشكيل الأحياء الدقيقة الخاصة بالرضع

14 مارس , 2018

 

الملخص: الأحياء الدقيقة هي مجموعة من البكتيريا و كائنات حية صغيرة أخرى تتواجد بداخل أجسامنا وعلى بشرتنا ، والتي يكون لها إمكانات هائلة ومتنوعة . إذا استطعنا اكتشاف الأنواع المفيدة ربما يكون باستطاعتنا استخدام البكتيريا كطريقة علاجية .

 

 

على مدى العقود الماضية تم اكتشاف هذه الميكروبات التي تؤثر على كل شيء في الإنسان من حب الشباب إلى حساسية الطعام والسمنة، وأمراض الجهاز الهضمي. ولكن حتى الآن لم يتم اكتشاف الكثير من البحوث عن سلالات البكتيريا التي لها دور بداخلنا ومدى تأثيرها علينا.  وهل هي عامل حاسم في تطوير بعض الأمراض، أم لها دور هامشي بسيط؟ وحتى لو اكتشفنا كل هذه الأشياء، فإن العلماء لم يجدوا طريقة للحفاظ على البكتيريا حية في معدتنا  دون مواصلة إدارتها عن طريق الأدوية .

 

إذا استطعنا اكتشاف هذه الأنواع المفيدة ربما يكون باستطاعتنا استخدام البكتيريا كطريقة علاجية . حيث أن معظم المكملات الغذائية المتاحة في الصيدليات والمتاجر تكون محدودة الفعالية ما عدا القليل منها، هذه المكملات لم تمر بنفس أنواع التجارب السريرية التي تجرى للأدوية المتعارف عليها فبذلك يجب توفر وصفة طبية من أجل إثبات فعاليتها.

 

وعلى الجانب الآخر في دراسة أجريت هذا الأسبوع في مجلة إم سفير ،أظهر العلماء أنه عندما تم إعطاء الرضع سلالات معينة من البكتيريا (وجدت عادة في معدة الأطفال) لمدة شهر تقريبًا، كان لدى هؤلاء المواليد الجدد إمكانية إبقاء هذه السلالة من البكتيريا حية لعدة أشهر ، ميكروبات هؤلاء الرضع في غاية الأهمية، حيث يقل التنوع البكتيري بداخلنا خلال هذه المرحلة من العمر. المستعمرات الميكروبية المهمة خلال الأشهر والسنوات القليلة الأولى هي التي تستقر معنا لبقية حياتنا. ويبدو أن بعض العوامل، مثل الولادة القيصرية مقابل الولادة الطبيعية، واستخدام المضادات الحيوية، وتجنب الرضاعة الطبيعية، تجعل النظام الميكروبي يمر بمأزق، مما قد يعرض الأفراد لخطر أكبر لبعض الأمراض في وقت لاحق من حياتهم.

 

لكن الباحثين وجدوا أنهم إذا تمكنوا من التدخل في وقت مبكر والعمل على هذه الكائنات الدقيقة النامية ربما يكون باستطاعة ذلك أن يساعد في منع بعض الأمراض مستقبلاً، أما التحدي الكبير في هذه المسألة هو ” ما هي فعلاً الكائنات الدقيقة الطبيعية المتواجدة داخلنا وما الممرض منها؟”

 

ميكروبات الأمعاء تعتمد اعتمادا كبيراً على النظام الغذائي، وهذا يعتمد على العديد من العوامل (الثقافة، والموقع، والذوق الشخصي على سبيل المثال). حتى لو تمكن العلماء من معرفة كيفية اختراق ميكروبات الأمعاء البشرية الطبيعية لاستبدالها مع شيء أكثر صحة، فإنه من غير المرجح إمكانية إدارتها على حدة، وإمكانية مناسبتها للعلاج مع الاختلافات البشرية.

 

لكن تبعًا لدراسة الكاتب مارك أندروود و هو عالم نانو في جامعة كاليفورنيا  ، العديد من العلماء اتفقوا على أن عدد كبير من الـمتقلبات( Proteobacteria )  (مجموعة كبيرة من البكتيريا  حيث تحتوي على سلالات نافعة و ممرضة أيضًا مثل السالمونيلا)  تضع الأطفال الرضع تحت خطر الحساسية و بعض الأمراض المناعية الذاتية الأخرى ، كذلك السكري و السمنة .

ولكن أعداد عالية ومتنوعة من هذه البكتيريا المتعايشة ، وجدت في معظم أمعاء الكبار أظهرت إمكانيتها في نمو أفضل للإنسان، و استجابة أفضل للقاحات.

 

و في التجربة أعطى الباحثون الرضع  سلالة بكتيرية نموذجية تسمى بالشقاء الطويلة ( Bifidobacterium longum) لمدة ثلاثة أسابيع ، حيث اختبروا بانتظام عينة براز لمدة ستة أشهر لمعرفة ما إذا كانت البكتيريا قادرة فعليًا على التمسك في القناة الهضمية، وجد الباحثون أن البكتيريا ما زالت يزدهر حتى بعد ستة أشهر من العلاج.

 

ما حدث لا يحدث عادة في أمعاء الكبار، حيث أضاف الكاتب: ” يمكن أن نفكر فقط في دراسة واحدة، في عام 2016، والتي أظهرت أن بعض البالغين يمكن أن يحافظوا على البكتيريا الجديدة في المعدة بعد وقف المكملات التي سلمت لهم. ولكن الرضع لديهم ميكروبات أمعاء ووجبات غذائية خاصة بهم والتي هي أبسط من ذلك بكثير مما يجعلها أسهل للتلاعب، ومن المفترض أن هذا التأثير على الجهاز المناعي سيكون طويل الأمد ومن الممكن أن يكون له تأثير على الأطفال الرضع المعرضين للخطر، بالذات من تعرض منهم لخطر ميكروب ممرض.

 

خلال الدراسة ، نظر العلماء لمجموعتين مختلفة من الرضع الأولى منهم،  هم رضع تمت ولادتهم عن طريق الولادة الطبيعية “المهبلية” أما الأخرى من خلال عملية ولادة قيصرية حيث تضطرب بها ميكروبات الجسم الطبيعية ،حيث كان أساس المستعمرات الميكروبية في المجموعتين مختلف .

 

ويقول أندروود : “ومع ذلك، بعد أن أضيفت للمجموعتين نفس السلالة البكتيرية، المجموعة المولودة عن طريق العملية القيصرية أعطت ميكروبات أكثر قرباً إلى حديثي الولادة عن طريق الولادة الطبيعية. حيث تمكنت التجربة من القضاء على الاختلافات الكامنة في طريقة الولادة”.

 

إذاً السؤال الأكبر الذي لا يزال قائماً : ما مدى تأثير التغير في بكتيريا الأمعاء لدى الطفل في قدرة تطور المرض ؟ حيث يفترض أن التغيير الذي أحدث على الميكروبيوم يمكن أن يكون له تأثير طويل الأجل على الجهاز المناعي، يستمر لعقود .

 

ولكن لكي نتأكد من ذلك سيكون على الباحثين متابعة الرضع وكذلك الأشخاص الذين لم تتم عليهم التجربة ، ومراقبة ما هي الأمراض الظاهرة إن وجدت.

 

سوف يحتاج العلماء أيضًا إلى القيام بالمزيد من دراسات المقارنة طويلة الأمد هذه  لفهم ما الذي يشكل الميكروبات الصحية أو غير الصحية، ومدى تأثير اختلاف طريقة الولادة أو الرضاعة على تشكل بكتيريا الأمعاء.

إضافةً إلى ذلك ، إذا كان الهدف النهائي هو استخدام البكتيريا كنوع من العلاج، فإنها تحتاج إلى البقاء في القناة الهضمية لفترة طويلة من الزمن ، وربما إلى نهاية الحياة . وتشير هذه الدراسة إلى أن الأطفال قد يكون لديهم ميكروبات قابلة لإعادة التشكيل أو الزرع ، ولكن أمعاء الكبار ستكون بلا شك أكثر صعوبة للزراعة. في حين أن المكملات الغذائية كانت في الأساس غير مجدية ،  يبقى على الأقل طريقة واحدة مضمونة لتعزيز ميكروبات أمعاء صحية .

 

المزيد من البحوث تشير إلى أن تنوع  المستعمرات الميكروبية هو المفتاح، ويقول الأطباء أن أفضل طريقة للحصول على مجموعة متنوعة في الأمعاء هو تناول الألياف بكثرة. ربما  في يوم من الأيام سنكون قادرين على زرع أساس ميكروبات صحية تماماً في كل حديثي الولادة ولكن في الوقت الراهن، علينا جميعًا أن نأكل الكثير من الفواكه والخضار.

 

 

 

 

ترجمة: نوف حسن عبيري

تويتر:  @nofology

مراجعة: سارة بنت أحمد الفيفي

تويتر: @__Sarah_Ahmed

 

المرجع :

Popular Science: It might be possible to remodel a baby’s microbiome

 


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!