من بين جميع طرق الموت المتداولة فإن وضع التبغ على النار وتنفسه طوعاً هو أمر شائع بشكل مدهش, وقد تسبب التدخين بوفاة ما يقارب  1 من بين 10 أشخاص في جميع أنحاء العالم في عام 2015 وفقًا لدراسة حديثة في مجلة لانسيت. ويأتي التدخين في المركز الثاني في قائمة أسباب الوفيات والعجز المبكرين.

شملت الدراسة التي مولتها مؤسسة بيل وميليندا غيتس التي تضم أكثر من 225 باحثاً من جميع أنحاء العالم , أخذوا يدرسون حالة التدخين العالمية من خلال النظر في كل من معدلات التدخين اليومية ونسبة تأثير التدخين لـ 195 بلدًا، في حين أن التدخين اليومي له نفس التفسير –عدد المدخنين في اليوم الواحد- , ولكن نسبة تأثير التدخين أكثر تعقيداً .

من خلال النظر في عدد المدخنين الذين يموتون من سرطان الرئة ومقارنة ذلك بمعدلات الناس الذين يموتون من سرطان الرئة من غير المدخنين , يمكن للباحثين تقدير عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب التدخين . في عام 2015   6,4 مليون حالة وفاة كانت بسبب التدخين  و هو  أقل قليلًا من سكان ولاية تينيسي .

إن 55% من هذه الوفيات هي في أربعة دول فقط : الصين والهند والولايات المتحدة الأميركية وروسيا , ويرجع ذلك جزئياً إلى التركيبة الديمغرافية. الصين و الهند و الولايات المتحدة الأميركية هي على التوالي الأولى والثانية والثالثة من حيث عدد السكان في العالم , في حين أن روسيا هي التاسعة من حيث عدد السكان.

ومع ذلك فحتى بعد أن تم التعامل مع أحجام البلدان فإنها لا تزال ممثلة تمثيلاً زائدًا فهي موطن 43% من سكان العالم ولكن لديها 52 % من وفيات السجائر في العالم مرتبة بهذه الطريقة و السؤال الحقيقي ليس لماذا الصين لديها الكثير من الوفيات بل لماذا البرازيل لديها عدد قليل من الوفيات ؟ .

تعد البرازيل خامس دولة من حيث عدد السكان ولكن معدلات التدخين فيها انخفضت أكثر من 56% منذ التسعينات وذلك بسبب التعليم العام والضرائب المرتفعة, ويشير مؤلفوا الدراسة إلى القواعد الصارمة لمكافحة التبغ والتي تحد منه شرائه . من المعلوم أن صعوبة الحصول على السجائر من شأنها أن تقتل عادة التدخين. وجدت دراسة منفصلة نشرت هذا الشهر في المجلة الأميركية للصحة العامة أنه عندما أوقفت سلسلة صيدلية CVS بيع السجائر في الولايات المتحدة انخفضت مشتريات السجائر بشكل ملحوظ بشكل عام . و قد أقرت روسيا قوانين مكافحة التبغ في عام 2014 م  و لكن هذا أمر حديث جدًا بالنسبة لهذه الدراسة لتحديد أي تأثير قد يكون له .

هذه الدراسة ليست الأولى من نوعها ولكن مؤلفي الدراسة يقولون إنها أكثر شمولية . وقالت إيمانويلا غاكيدو في مقابلة مع مجلة لانسيت ” إن أحد المجالات الرئيسية التي كانت فيها الدراسة أفضل من الدراسات السابقة هو أننا أدرجنا عددًا أكبر من مصادر البيانات “, غاكيدو باحثة مع معهد القياسات الصحية و التقييم في جامعة واشنطن وكاتبة في الدراسة . وأضافت ” لقد زاد عدد مصادر البيانات بنحو 40 في المائة مقارنة بالدراسة السابقة التي نشرت في عام 2013 , وفي هذه الدراسة لدينا ما يقرب من 3000 سنة من البيانات القطرية كما أن وجود مزيد من البيانات يحسن بشكل كبير تقديراتنا وجعل كل من أرقامنا أفضل حالاً حتى الآن، والخبر السار هو أن نسبة الأشخاص الذين يدخنون قد انخفضت بنسبة 25% منذ عام 1990 ولم تسجل سوى أربعة بلدان هي الكونغو و أذربيجان و الكويت و تيمور ليشتي التي لاقت ارتفاعًا عامًا، وظلت بلدان أخرى مثل إندونيسيا والفلبين ثابتة على الأرجح بسبب التسويق الكثيف من قبل شركات السجائر، وفي الوقت الذي شنت فيه بلدان أخرى حملات لمكافحة التدخين شهدت شركات سجائر جنوب شرق آسيا التي تفتقر إلى تلك القوانين ولديها عدد كبير من السكان وهي أيضًا منطقة خصبة مضاعفة لجهود مبيعات شركات السجائر في تلك المناطق.

غير أن الأخبار السيئة هي أنه نظرًا لتزايد عدد السكان فإن عدداً أكبر من الأفراد يدخنون بالفعل على الرغم من انخفاض نسبة المدخنين في سكان العالم .

وفي نهاية المطاف يبلغ عدد الوفيات التي يمكن توقيها  6,4 مليون حالة وهو عدد كبير.

ترجمة: أسامة أحمد خوجلي

مراجعة: فاطمة فودة

المصدر :

Popular Science