الباحثون يميزون طريقة لخلق ذكريات طويلة الأمد

الباحثون يميزون طريقة لخلق ذكريات طويلة الأمد

23 مايو , 2017

تخيل أن لعبة جديدة من ألعاب الفيديو أو أن ركوب قطار الموت في الملاهي يمكن أن يساعدك في استعدادك للاختبار أو استذكار المعلومات الصعبة.

أظهرت دراسة جديدة أجريت على الفئران إمكانية وجود مثل هذا الرابط، فوفقًا للباحثين في مركز بيتر أو دونّيل جي آر الطبي في معهد دراسات الدماغ في جامعة تكساس ساوث ويسترين (TSU): تحفز تجربة “جذب الانتباه” إفراز المواد الكيميائية التي تحسن الذاكرة، ويمكن لهذه المواد طبع الذكريات التي تحدث قبل أو مباشرة بعد التجربة في الدماغ – بغض النظر إن كانت هذه الذكريات مرتبطة بالحدث أم لا -.

ويقول الباحثون: تضمنت النتائج التي نُشرت في مجلة الطبيعة (Nature) تطبيقات مُثيرة للفضول حول طرق التعليم في الفصول الدراسية، كما أظهرت استخدامات ممكنة في بيئة العمل والحياة الشخصية.

ولبناء ذاكرة طويلة الأمد تنص الخدعة على إيجاد شيء ممتع وجذاب بما فيه الكفاية ليحفز إفراز الدوبامين في المنطقة الزرقاء (Locus coeruleus) في الدماغ.

 

ويقول الدكتور روبرت جريني -المشارك في كتابة الدراسة والبروفسور في طب النفس وعلم الأعصاب في معهد أو دونّيل لدراسات الدماغ-: “يعمل تحفيز المنطقة الزرقاء في الدماغ على زيادة الأحداث التي تحتفظ بها ذاكرتنا وقت التحفيز وربما زادت أيضًا استذكار هذه الذكريات في وقت لاحق”. وتشرح الدراسة على المستوى الجزئي لماذا يتذكر الأشخاص عادةً بعض الأحداث في حياتهم بوضوح معين وكذلك تفاصيل لا علاقة لها بالأحداث التي تدور حولهم فمثلًا: ماذا كانوا يفعلون في الساعات التي سبقت أحداث الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، أو أين كانوا لحظة اغتيال جون إف كيندي.

ويضيف الدكتور جريني: “إن درجة تحسن هذه الذكريات مرتبط على الأرجح بدرجة تحفيز المنطقة الزرقاء. فانهيار مركز التجارة العالمي في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر كان تحفيزًا عاليًا”، يُذكر أن الدكتور جريني صاحب كرسي شيري جولد كنوبف كراسلينك البارز في الطب النفسي تكريمًا لمولي وماري جولدولألبيرت كنوبوف.

لكن أحداث الحياة المؤثرة ليست الطريقة الوحيدة لإثارة إفراز الدوبامين في ذلك الجزء من الدماغ، فيمكن أن يكون الأمر سهلًا كأن يلعب طالب لعبة فيديو جديدة خلال استراحة سريعة أثناء دراسته لاختبار صعب، أو أن يلعب إداري في الشركة التنس مباشرةً بعد محاولة تذكر خطاب هام.

 

ويضيف الدكتور جريني قائلًا: “عمومًا يمكن لأي شيء يجذب انتباهك باستمرار أن يتسبب بالتحفيز”، عرف العلماء بأن للدوبامين دورًا كبيرًا ومهمًا في تحسين الذاكرة، وقد كان منشأُه الكيميائي وطريقة تحفيزه وتنشيطه، موضع دراسة على مدى سنوات.

أشرف الدكتور جريني على دراسة نُشرت سنة 2012 تُعرف المنطقة الزرقاء كمصدر رئيس ثالث للدوبامين في الدماغ إلى جانب كل من المنطقة البطنية السقفية والمادة السوداء. كما برهنت الدراسة على أن عقار أمفيتامين يمكنأن يحفز إفراز الدماغ من الدوبامين في المنطقة الزرقاء.

بُنيت الدراسة الأخيرة على هذه النتائج مُرسخة بذلك الاستنتاج القائل بأن الدوبامين في هذه المنطقة من الدماغ يُمكن تحفيزه طبيعيًا بالأفعال السلوكية وأن هذه الأفعال تُحسن من قوة الذاكرة. واقترحت الدراسة الجديدة أن العقاقير التي تستهدف العصبون (الخلية العصبية) في المنطقة الزرقاء من الممكن أن تؤثر على التعلم وعلى الذاكرة كذلك، تقع المنطقة الزرقاء في جذع الدماغ وتتضمن عددًا من الوظائف التي تؤثر على مشاعر الشخص، معدلات القلق، نظام النوم، الذاكرة وغيرها من النواحي السلوكية.

 

اختبرت الدراسة 120 فأرًا لتخلق رابطًا بين عصوبنات المنطقة الزرقاء والدوائر العصبونية في الحصين -المنطقة المسؤولة في الدماغ عن تسجيل الذكريات- التي تستقبل الدوبامين من المنطقة الزرقاء. وتضمن جزء من الدراسة وضع الفئران في حلبة للبحث عن الطعام المخفي في الرمل الذي يُغيَّر مكانه كل يوم. وتوصلت الدراسة إلى أن الفئران التي مُنحت “خبرة جديدة” -اكتشاف سطح غير مألوف في ثلاثين دقيقة بعد تدريبها على تذكر مكان الطعام- كان أداؤها أفضل في تذكر أين تجد الطعام في اليوم التالي.

وربط الباحثون هذا النوع من تحسن الذاكرة بعملية جزئية في الدماغ من خلال حقن الفئران بمحفز جيني مُرمز حساس للضوء يُسمى تشانّيلرهودوسين (Channelrhodopsin)، والذي يسمح انتقائيًا تحفيزَ العصبونات الحاملة للدوبامين في المنطقة الزرقاء الذي ينتقل إلى الحصين والرؤية المباشرة في العصبونات المسؤولة عن تحسين الذاكرة.

كما توصلوا إلى أن التحفيز الانتقائي بالعصبونات المحقونة بالتشانّيلر في المختبر بالضوء الأزرق (تقنية تُسمى علم البصريات الوراثي) يمكن أن تحل محل التجربة الجديدة كمحسن للذاكرة عند الفئران. وتوصلوا أيضًا إلى أن التحفيز يمكنه أن يتسبب -بقوة تشابكية مباشرة وطويلة الأمد- تحسن في الذاكرة مرتبط بالتواصل الذي يحدث في نقط الاتصال بين الحصين والعصبونات. ومن شأن هذه العملية أن تسهل تحسين التعلم والذاكرة.

ويقول الدكتور جريني: “هناك بعض الخطوات التالية التي يجب اتخاذها والتي تتضمن البحث في مدى التأثير الذي يمكن أن تتمتع به هذه النتائج على التعلم عند الانسان، وإذا ما كانت ستوصل في نهاية الأمر إلى فهم كيف يطور المريض الذكريات المفقودة، وكيف يمكن تحسين فاعلية العلاجات المستهدفة لهؤلاء المرضى”.

 

 

 

ترجمة: عبير حماد

Twitter: @AbeerH2

تدقيق: جميلة الأيوبي

Twitter: @jamila_ayoubi

 

 

المصدر:

Medical News Today

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!