على بُعد نجم, كوكب يمكن أن يكون أرضًا أخرى

6 يناير , 2017

%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a8%d9%8f%d8%b9%d8%af-%d9%86%d8%ac%d9%85-%d9%83%d9%88%d9%83%d8%a8-%d9%8a%d9%85%d9%83%d9%86-%d8%a3%d9%86-%d9%8a%d9%83%d9%88%d9%86-%d8%a3%d8%b1%d8%b6%d9%8b%d8%a7-%d8%a3%d8%ae

أرض أخرى قد تدور حول النجم المجاور لنا.

أعلن علماء الفلك أنهم اكتشفوا كوكبًا يدور حول نجم بروكسيما سنتوري الجار الأقرب لنظامنا الشمسي. الكوكب في “المنطقة المعتدلة”، حيث أنه قد يكون لا حارًا جدًا ولا باردًا جدًا، مما يعني الماء السائل يمكن أن يتواجد على السطح، مما يزيد من احتمال للحياة.

وعلى الرغم من المشاهدات في السنوات الأخيرة ، وخاصة من قبل بعثة تقصي كوكب كيبلر التابعة لناسا، قد كشفت عن عوالم بحجم الأرض في أنحاء المجرة، لكن هذا الاكتشاف بالذات يبشر بالخير بشكل خاص لأنه في يوم من الأيام، بعد عقود من الآن، قد يكون من الممكن الوصول إليه. فهو يبعد عن الأرض فقط 4.2 سنة ضوئية، أو 25 تريليون ميل وهي تعتبر مسافة قريبة للغاية في القياسات الكونية.
وقال ر. بول بتلر، وهو عالم فلك في معهد كارنيجي للعلوم وعضو في الفريق الذي قام بالاكتشاف ” أنه أقرب نجم، ولديه كوكب يحتمل أن يكون صالحًا للسكن” مشبّهًا إياه بلوحة إعلانات.

وقال جليوم انجليد-اسكوديه – عالم فلك في جامعة الملكة ماري في لندن وقائد الفريق الذي قام بالاكتشاف- في تقرير نشر في مجلة الطبيعة  ” نحن نعرف أن هناك كواكب صخرية حول العديد من النجوم، وكنا نتوقع أن نوعًا من النجوم القريبة ستحتوي على كواكب صخرية. هذا ليس اكتشافًا مثيرًا. لكن الإثارة تكمن في أنه أقرب نجم “.

بعيدًا عن حجم الكوكب، والبعد عن نجمه، فإن الكثير ما زال غامضًا حوله. يعمل العلماء على نماذج حاسوبية لإيجاد تلميحات مفيدة لما قد يكون ممكنًا: ظروفه قد تكون مشابهة للظروف في الأرض، ولكن أيضًا قد يكون باردًا وجافًا كالمريخ أو جهنميًا كالزُهرة.

لا توجد صورة للكوكب، والتي تم تسميته (بروكسيما ب)، بدلًا من ذلك كشف الدكتور انجليد-اسكوديه وزملاؤه عنه بشكل غير مباشر بدراسة ضوء النجم الأم عبر التلسكوب. ركزوا على تذبذب الضوء في النجوم، حيث تحولت الألوان قليلا إلى نهاية الطيف المحمر، ثم ازرقت  قليلًا. التذبذبات التوافقية هذه ناجمة عن التمايل في الحركة ذهابًا وإيابا للنجم بينما يتم سحبه حوله جاذبية هذا الكوكب، هي مماثلة لصافرات الشرطة عندما يرتفع أو ينخفض الصوت ​​تبعًا لكون سيارة الدورية تسير نحو أو بعيدًا عن المستمع*.  (لمعرفة المزيد، اطلع على تأثير دوبلر)

من حجم التذبذب، قرر علماء الفلك أن كتلة بروكسيما ب لا تقل عن 1.3 مرة من كتلة الأرض، على الرغم من أنها يمكن أن تكون عدة مرات أكبر. بينما العام في كوكب بروكسيما ب – الوقت اللازم لإكمال دورة واحدة حول النجم – يستمر 11.2 يوما فقط.
على الرغم من أن هذا الكوكب لا نستطيع رؤيته بالتلسكوبات الحالية لأنه يُفقد في وهج النجم ولا يمكن النظر إليه ، يأمل علماء الفلك أن نراه عندما يُبنى الجيل القادم من التلسكوبات بعد عقد من الآن.

بروكسيما سنتوري، والتي هي في كوكبة قنطورس على بُعد 4.2 سنة ضوئية من الأرض. وكالة الفضاء الأوروبية / هابل ووكالة ناسا.

قرب كوكب إلى الأرض يعطي الأمل بأن المسابر الروبوتية في يوم من الأيام ستتمكن من دراسة ماضي الكوكب لإلقاء نظرة عن قرب. وقد أعلن فريق من العلماء وعمالقة التكنولوجيا،  ممول من القطاع الخاص , من قبل رجل الأعمال الروسي يوري ميلنر والفيزيائي النظري ستيفن هوكينغ عن مبادرة (اختراق النجوم)، مشروع يهدف إلى تطوير وإطلاق أسطول من المركبات الفضائية بحجم الآيفون في غضون عقدين إلى ثلاثة عقود. الوجهة التي يقترحها الفريق هي نظام النجوم ألفا سنتوري، الذي يضم اثنين من النجوم الشبيهة بالشمس بالإضافة إلى بروكسيما سنتوري.
وأضاف آفي لوب: ” سوف نسعى بالتأكيد إلى بروكسيما” ، وهو عالم فلك في جامعة هارفارد ورئيس لجنة استشارية للفريق. “هذا يشبه العثور على الأراضي العقارية الرئيسية في منطقتنا.”

هذا الكوكب المكتشف حديثًا قريب من نجمه الأم، يبعد نحو خمسة ملايين ميل ، الأرض تبعد 93 مليون ميل عن الشمس، وحتى عطارد الكوكب الأقرب للشمس يبعد 36 مليون ميل عن الشمس.
في حين بروكسيما ب قد يكون مشابهًا إلى الأرض، إلا أن نجمه الأم، بروكسيما سنتوري، مختلفة جدا عن الشمس. إنه صغير، ينتمي إلى مجموعة النجوم المسماة بالأقزام الحمراء، كتلته حوالي 12 من كتلة الشمس ولمعانه حوالي 1/600 من لمعان الشمس – لذلك فهو خافت لا يمكن رؤيته من الأرض بالعين المجردة.
وهكذا بروكسيما ب، على الرغم من قربه من النجم، يتلقى الدفء أقل من الأرض، ولكن ما يكفي منه حتى تتمكن المياه من الجريان على سطحه. كون الكوكب  محتوٍ على الماء أو غلاف جوي هو “محض تكهنات في هذه المرحلة”، كما قال الدكتور أنجلادا-اسكوديه في مؤتمر صحفي.
إذا كان الكوكب تكوّن وهو قريب من النجم فقد يكون جافًا وخاليًا من الهواء، ولكن يمكن أيضًا أن يكون قد تكوّن وهو بعيد عن النجم وهاجر إلى الداخل في مداره الحالي. ومن الممكن أيضًا أن الكوكب تكوّن جافًا واصطدم في وقت لاحق بأي من المذنبات أو الكويكبات الغنية بالجليد.

يضيف د. اسكوديه:” هناك العديد من النماذج الحيوية والقصص التي تؤدي إلى كوكب صالح للعيش كالأرض.”

حتى إن كان صالحًا للعيش، فإن العلماء الذين يدرسون احتمالية العيش في أماكن أخرى من الكوكب يتحاجون بشدة ما إذا كانت الكواكب حول الأقزام الحمراء مكانًا يَعِد بالعيش ويستحق البحث.

النجوم الصغيرة غير منظمة خاصة في شبابها وهيجان سطح النجم قد يؤدي لإضرار وإزالة الغلاف الجوي من كوكب مماثل. مستويات الأشعة السينية وأشعة أخرى ذات طاقات عالية التي تخترق الكوكب قد تكون أعلى بـ 100 مرة من تلك التي تخترق الأرض، كما يقترح العلماء.

يوحي المدار القريب أن دوران الكوكب ربما يكون مستقر الجاذبية بسبب قوة سحب النجم. وكما يحدث في أن نفس جانب القمر يواجه دائمًا الأرض، فإن جانبًا واحدًا من بروكسيما ب هو على الأرجح مشرق أبدًا، وهو الذي يكون مواجهًا دائما للنجم الأم، في حين أن الآخر مظلم أبدًا.

مشاهدات الضوء المرئي أقنعت العلماء أكثر بأنهم لم يكونوا مخدعون من قبل المتغيرات في النجم نفسه التي يحاكي بها بسخرية وخطأ وجود الكوكب.
هذا الاكتشاف استغرق أكثر من عقد ونصف. مايكل إندل وهو عالم فلك في جامعة تكساس وأحد كتاب الورقة التي نشرت مجلة الطبيعة، قام بدراسة بروكسيما سنتوري لمدة ثماني سنوات ابتداءً من عام 2000، وبحث عن أي تلميحات تشير لوجود كوكب. وقال الدكتور مايكل في مقابلة “إلى حد كبير، في ذلك الوقت، لم أكن أرى أي شيء هام للغاية, قمنا بنشر بيانتنا وانتقلنا لشيء آخر”
وفي وقت لاحق قام الدكتور انجليد-اسكوديه بتحليل البيانات عبر أدوات مختلفة على تلسكوبات مختلفة ، ووجد تلميحات غير حاسمة للكوكب، لذا قام بالتواصل مع د. إندل لإعادة تحليل البيانات القديمة، وقاد أيضا مشروع بالي ريد دوت، الذي قام بمراقبة بروكسيما سنتوري يوميًا لمدة شهرين في وقت سابق من هذا العام.
المشاهدات الجديدة كشفت بوضوح أن دورة الكوكب 11.2 يومًا حول النجم، وهذه معلومة مطابقة لما كان الدكتور -اسكوديه يشتبه به وقت سابق. وتشبه أيضًا  معلومة كانت مخبأة في زحام بيانات الدكتور إندل ، والتي كانت أقل دقة لأنه راقب بروكسيما سنتوري مرة واحدة في الأسبوع أو نحو ذلك ، وليس كل يوم.

هناك تلميحات لاحتمالية وجود كوكب آخر، ربما أكثر من واحد، ولكنها لا تزال غامضة كما يعتقد العلماء.
هذا الاكتشاف قد يمثل دافعًا لمزيد من التلسكوبات تتقصى الكوكب. د.رسلان بيلكوف من مركز أبحاث أميس التابع لناسا في ماونتن فيو، كاليفورنيا، قد اقترح تلسكوبًا صغير قيمته أقل من 175 مليون دولار أمريكي للبحث عن كواكب في ألفا سنتوري. وفي حين أنه قد لا يكون قويًا بما فيه الكفاية لرصد بروكسيما ب، لكن وجوده سيعطي المزيد من الثقة في كون الكواكب الصخرية أيضا تدور حول النجمين الشبيهة بالشمس هناك.
وقال د.بيلكوف “هذا يؤدي لزيادة الوعي العام في أن هناك عالمًا جديدا مجاورًا لنا. إنها نقلة نوعية في أذهان الناس.”

ترجمة: وصايف العتيبي

مراجعة: آلاء المشيقح

المصدر:

The New York Times


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!