crossorigin="anonymous">
3 يناير , 2016
على مدى العقد الماضي، تعلمنا أنّ أدمغتنا معرضةٌ للعدوى العاطفية، فالعواطف تنتشر عبر شبكة لاسلكية من الخلايا العصبية الملقبة بالمرآة، وهذه الأجزاء الصغيرة من الدماغ تسمح لنا بالتعاطف مع الآخرين وفهم ما يشعرون به.
فمثلاً : عند رؤيتك لشخصٍ ما يتثاءب من الإجهاد، تتحفز هذه الخلايا العصبية (المرآة) مما يجعلك تتثاءب بدورك، فدماغك غالبًا معرض لإلتقاط مشاعر التعب من شخص جالس في الجانب الآخر من الغرفة على سبيل المثال.
وفي الحقيقة، ليست عدوى التثاؤب والابتسامة هي المشاعر الوحيدة التي قد يتأثر بها دماغك، بل و يمكنه حتى التقاط السلبية، الإجهاد، عدم التأكد ،وضعف اليقين كما لو أنك تتنفس الدخان السلبي للسيجارة.
الباحثان هوارد فريدمان ورونالد ريجيو من جامعة كاليفورنيا- ريفرسايد، وجدا أنّ وجود شخص قلق يُعبّر عن حالته سواء بشكل لفظي أو غير لفظي في مجالك البصري يجعلك عرضة للشعور بتلك المشاعر مما يؤثر سلبًا على وظائفك الدماغية.
مراقبة شخص متوتر –خصوصاً إن كان زميلاً في العمل أو أحد أفراد الأسرة- يمكن أن يكون له تأثير فوري على الجهاز العصبي ، فقد وجد مجموعة من الباحثين أن 26٪ من الناس أظهروا مستويات مرتفعة من هرمون الكورتيزول، فقط من خلال مراقبة شخص متوتر ، الإجهاد السلبي (Secondhand stress) معدٍ بأضعاف كثيرة حين يكون صادرًا من شريكٍ عاطفي (كالزوج) بنسبة 40٪، ولكن عندما شاهد عدد من المشاركين في البحث مقطعًا مرئياً لحادثة مثيرة للتوتر، أظهر 24٪ منهم علامات التوتر والقلق .
وفقًا لهايدي هنّا، زميلة في المعهد الأمريكي للضغط النفسي ومؤلفة كتاب (Stressaholic) : “الإجهاد السلبي هو نتيجة لقدرة الدماغ على إدراك التهديدات المحتملة في البيئة المحيطة به. تقول هايدي: ”معظم الناس قد جربوا أن يقضوا الوقت مع شخص مثير للضغط النفسي بمجرد العبور من الباب ، وقد يكون الشعور المتأجج من رؤية مثل هؤلاء الأشخاص هو نتيجة تجارب مسبقة مصاحبة لتغييرات حيوية مثل معدل دقات القلب والتنفس. هذا التعرض قد يكون تأثيره خفيف على من هم حولنا في بيئة العمل، و قد يكون النقيض لذلك، وهذا ما يحدث غالبـاً.
في الواقع، ليس ضروريًا رؤية أو سماع شخص متوتر لإلتقاط مشاعرهم، بل يمكنك أيضا شّمُ رائحة التوتر والتأثر بها. أظهرت دراسة جديدة أنّ الإجهاد يتسبب في إفراز هرمونات التوتر عن طريق التعرق، والتي يتم التعرف عليها عن طريق حاسة الشم والتأثر بها، ويستطيع الدماغ أيضًا التعرف على ما إذا تم إفراز “فيرومونات التنبيه” هذه بسبب ضغط نفسي منخفض أو مرتفع.
ومع تقدم البحث و تطوره، أصبح من السهل القول أن السلبية سهلة الإلتقاط من الآخرين، وهذا قد يؤدي إلى التأثير على الجوانب التعليمية والعملية في حياتنا ، علاوةً على ذلك فقد أظهرت الأبحاث مؤخرًا أن أثر التوتر السلبي امتد نزولًا إلى مستوى الخلية حيث يقّصر من عمرها وبالتالي من عمر المرء ذاته (والتي هي أولًا بيد الله).
وفقاً لكتاب (Before happiness) وشركات مثل (ريتز كارلتون) و(Oschner) للنظم الصحية، أنه مع الوعي بآثار الإجهاد السلبي، فقد بدأت بإقامة مناطق “تنفيس” لموظفيها عندما يكونون بالقرب من العملاء أو المرضى. فعندما يرى مريضٌ ما ممرضةً تتذمر من الإجهاد أو تكثر الشكوى فيمكنه التقاط العدوى بينما تقوم بتقييم حالته الطبية، ناهيك عن حقيقة أن العقلية الإيجابية ترتبط باستمرار مع نتائج صحية جيدة، كما ذكر توم راث في كتاب (Wellbeing).
في عصر التواصل والترابط المتأصل في بيئات العمل، نحن معرضين للإحتكاك بالآخرين على نحوٍ مستمر، وفي سياق آخر، قد يؤدي هذا الترابط إلى تفاقم انتشار عدوى السلبية بشكل هائل.
وأحد أكبر السبل إلى ذلك هو سهولة الوصول لمواقع التواصل الإجتماعية وبث السلبية فيها بشكل مباشر، ترى أشخاص متوترين بسبب أخبار الصباح ويعبرون عن ذلك بلغة جسد تظهر ذلك، ضغوطات نفسية ترهق الناس في المحطات والطائرات، خطط عمل في مكاتب مفتوحة تمكنك من رؤية التفاعلات السلبية الغير لفظية ، ولهذا أوجدنا طرقًا تساعدنا على تحسين الجهاز المناعي العاطفي، الذي إن تجاهلنا سهولة تأثره بمثل هذا كنّا في خطر التعرض للآثار الجانبية المصاحبة للإجهاد السلبي، دونك الطرق المقترحة:
غيّر ردة فعلك: وجدنا في الأبحاث التي أقمناها في شركة الإستثمار المصرفي (UBS) مع الدكتورة علياء كرم من مختبر ستانفورد للعقل والجسم، و مع بيتر سولاڤي، مؤسس مركز يال للذكاء العاطفي أنك إن خلقت حالة ذهنية إيجابية عن التوتر، فسوف تجد انخفاضاً بنسبة 23٪ في الآثار السلبية للإجهاد
عندما نرى التوتر كتهديد فإن أجسادنا بعملياتها الحيوكيميائية تُفوّت فرصة الاستفادة منه إيجابيًا فحتى على مستوىً عالٍ منه، يستطيع التوتر مساعدتنا على خلق قوةٍ ذهنية، علاقات عميقة، وعي مرتفع، وجهات نظر جديدة، شعور بالإتقان، تقدير أكبر للحياة، حسّ شديد بالمعنى، و تعزيز للأولويات. فعلى سبيل المثال، عوضًا عن الجدال والشعور بالإحباط ممن هو سلبيٌ حولك، اعتبرها فرصة للتعاطف معه/ـها أو تحديًا لمساعدته/ـها على التفكير بإيجابية
اكتسب أجساماً مضادة إيجابية: نحن بحاجة إلى السلوكيات التي يمكن من خلالها تحييد الآثار السلبية المعدية من شخص متوتر فعلى سبيل المثال، لا تقابل كلمات وأفعال الزملاء التي تنم عن التوتر بما يشابهها، بل على العكس، قابلها بابتسامة أو إيماءة تعبر عن التفهم ستشعر فجأة بالقوة النفسية من ردة الفعل هذه ، وكما اُقترح في الكتاب الجديد: (Broadcasting happiness) فإنه يمكنك إنشاء ”قوة قيادة“ لدائرة ذات طاقة سلبية مثلاً، نجد أنّ التعليق الأول في محادثة غالبًا ما يُنبأ بالعائد النفسي بعد الإنتهاء منها حاول أن تبدأ محادثاتك الهاتفية بشيء من الإيجابية بقول: ”سعيد بالتحدث إليكم“ عوضًا عن قولك: ”أنا مشغول جدًا“ و ”أنا أغرق بالأعمال“ وبهذا تقود الدائرة السلبيـة على نحو إيجابي.
ابنِ مناعة طبيعية: واحدة من أكبر المعادِلات ضد التقاط الإجهاد من الآخرين هي قوة و وثبات تقييم المرء لذاته كلما ارتفع تقييمك لذاتك، كلما شعرت بأنك تستطيع التعامل مع أي وضع تواجهه ، إذا كنت تجد من نفسك بعض التأثر من أمزجة الآخرين، قف للحظة وذكّر نفسك بأن الأمور تسير على نحو جيّد وأنه يمكنك التعامل مع أي شيء يعترض طريقك ، أيضًا ممارسة الرياضة هي أحد أفضل الطرق لبناء الثقة بالنفس، لأن الدماغ يسجل انتصارًا في كل مرة تنتهي منه عن طريق هرمون الإندورفين.
طعّم نفسك: تطعيم نفسك قبل الذهاب إلى العمل أو البيئات المجهدة ضد الإجهاد السلبي كأن تجعل أول عمل تقوم به قبل أن تبدأ صباحك هو التفكير في ثلاثة أشياء أنت ممتن لوجودها في
عادات علم النفس الإيجابية الخمسة التي تساعد على تلقيح عقلك ضد العقليات السلبية للآخرين وهي كالتالي:
1) استغرق دقيقتين لكتابة إيميل لإظهار التقدير لشخص ما.
2) دوّن ثلاثة أشياء تشعر بالإمتنان لوجودها 3 .
) اكتب في مذكراتك عن تجربة إيجابية مررت بها خلال يومك .
4) مارس التمارين الهوائية (الكارديو) لمدة 30 دقيقة .
5) قم بالتأمل والإسترخاء لمدة دقيقتين فقط .
في الوقت الحاضر، نعلم كيف نتجنب الدخان السلبي في الأماكن العامة و نتذكر غسل أيدينا بعد التواجد في مكان مزدحم، ولكن في المستقبل، قد ندرك المفتاح للصحة والراحة النفسية لتحسين نظام المناعة العاطفي لدينا حتى نحمي أنفسنا من عدوى الإجهاد السلبي وبالطبع، ليس المحور الأساسي هو تجنب توتر الآخرين فقط، بل إعمال عقلياتنا بإيجابية كونها المؤثر الأكبر على سعادة من حولنا. فحتمًا، هي العقلية الإيجابية والنظرة التفاؤلية التي ستساعدنا على تحسين جودة حياتنا، وحياة الآخرين من حولنا .
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً