crossorigin="anonymous">
15 يونيو , 2023
يُعَدُّ الصُّدَاع من الأعراض الشائعة، حيث تتعدد أشكاله وتتراوح ما بين الخفيفة إلى المُضنِية وتستمر نوبة الصُّدَاع من دقائق إلى عدة أيام. عندما تتألم جمجمتك، من السهل أن تعتقد أن أنسجة دماغك نفسها هي التي تتألم. ولكن ليس الأمر على هذا النحو.
ومن المُفارقات أن الدماغ يشعر بالألم في جميع أنحاء الجسم، ولكنه ليس لديه بالفعل مُستقبلات ألم خاصة به.
فلماذا إذن يؤلم الصُّدَاع؟
صرح الدكتور تشارلز كلارك، طبيب أعصاب في مستشفى (Vanderbilt Health) بولاية تينيسي الأمريكية: “يُمكن أن يشير الصُّدَاع إلى حالةٍ طبيةٍ كامنة، على سبيل المثال، التهاب الجيوب الأنفية أو انخفاض نسبة السكر في الدم أو إصابة في الرأس. ولكن بوجه عام، تنشأ معظم حالات الصُّدَاع بسبب “الألم الرجيع”، وهذا معناه أنك تشعر بالألم في مكان مختلف عن المكان المُصاب بالفعل. إنه مُشابه للقرص المُنفتق في ظهرك وكيف يتسبب ذلك في حدوث عرق النسا، وهو ألم ممتد إلى أسفل ساقك.
وأضاف دكتور تشارلز أنه بالنسبة لمعظم نوبات الصُّدَاع، فإن الألم ينجم عن إصابة في مكان آخر في الجسم – مثل الفك والكتفين والرقبة – هذه الإصابة تُسبب ألمًا في العضلات والأعصاب حول الدماغ.
يُعَدُّ صُّدَاع التوتر على سبيل المثال، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية هو النوع الأكثر شيوعًا من الصُّدَاع المُتكرر. أوضح دكتور كلارك أن صُّدَاع التوتر غالبًا ما ينشأ على شكلِ ألمٍ في عضلات الجزء العلوي من رأسك أو مُقدمة الرأس، مع شعور يُشبه شريطًا يُشَدُّ حول الرأس.
وفقًا لمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH) ينجم الألم بسبب توتر عضلات الوجه، والرقبة، وفروة الرأس ويُمكن أن يكون مرتبطًا بالإجهاد. وأضاف د. كلارك أن آلام الرأس وانقباض العضلات القِحفية (عضلات الجمجمة) يُمكن أن تكون ثانوية وتكون استجابةً لضغطٍ آخر، مثل انقباض عصلات الكتفين أو تشنج عضلات الفك.
وفقًا لمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH)، فهناك أسباب مختلفة تُحفز أعصاب استشعار الألم (مستقبلات الألم) في العضلات والأوعية الدموية المحيطة بالرأس والرقبة والوجه، مثل تمدد الأوعية الدموية أو الإجهاد أو توتر العضلات. وبمجرد تحفيزها، تُرسل هذه الأعصاب رسائل إلى الدماغ، ويشعر الدماغ كما لو أن الألم يأتي من أعماق أنسجة المخ.
على الرغم من أن الصُّدَاع واقعيًا هو مجرد عَرَض واحد من أعراض الاضطراب العصبي، فإنه يوجد نوع آخر من الصُّدَاع، وهو الصُّدَاع النصفي أو الشقيقة. يتراوح ألم الصُّدَاع النصفي بين ألمٍ عميق، وألمٍ سطحي، ويُمكن الشعور بالصُّدَاع النصفي في الجزء الخلفي من الرأس، أو بجانب واحد من الرأس، أو على جانبي الرأس، أو خلف العينين. أضاف د. كلارك أن ما يميز تشخيص الصُّدَاع النصفي هو شدة الألم.
يكون ألم الصُّدَاع النصفي أكثر حدة من أنواع الصُّدَاع الأخرى ويمكن أن يستمر لفترةٍ أطول. غالبًا ما يكون هذا الاضطراب وراثيًا ويُمكن أن يترافق معه أعراضًا إضافية، مثل الغثيان. تُعَدُّ الأسباب الكامنة وراء الصُّدَاع النصفي غير معروفة تمامًا، لكن تنص إحدى النظريات أن الألم مرتبط بالعصب ثُلاثيّ التوائم، والعصب الحسي للرأس والوجه، والأم الجافية، وهي الطبقة الواقية للدماغ حيث تتمدد الأوعية الدموية وتنقبض.
أحد التفسيرات المحتملة لألم الصُّدَاع النصفي هو أن نشاطًا كهربائيًا في الدماغ يُحفز مسارات العصب ثُلاثيّ التوائم ويُطلِق العصب مواد تُسبب التهابًا. ينتشر الالتهاب عبر الأوعية الدموية الدماغية (الأم الجافية) وتُرسل ألياف العصب ثُلاثيّ التوائم إشارات الألم إلى جذع الدماغ. ثم ينتشر الالتهاب إلى السحايا الحساسة للألم – وهي أغشية سحائية تُحيط بالدماغ لحمايته – وهذا ما يسبب الصُّدَاع.
وأضاف د. كلارك أن تتالي هذا الالتهاب وانتشاره عبر الأوعية الدموية والأعصاب يُشبه “حريق خارج نطاق السيطرة” وكأنه حلقة مُفرغة، مما يُسبب نوبة الصُّدَاع النصفي. هذا هو السبب في أن العديد من علاجات الصُّدَاع النصفي تُعطي نتائجًا أفضل إذا استُخدمت مُبكرًا (عند ظهور أول علامة للشقيقة).
وقال مُضيفًا أنه رغم أن آلية شعور الدماغ بالألم في جميع أجزاء الجسم من الأمور الثابتة والمعروفة، فإن الآليات التي تُسبب الصداع لا تزال غير مفهومة بالكامل.
لكن النبأ السار هو أننا “جيدون جدًا في علاج هذا النوع من الصُّدَاع” بتغيير نمط الحياة: مثل ممارسة اليوجا، أو تناول الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، مثل الأيبوبروفين والأسبرين (مُسكنات الألم) بالإضافة إلى أن الأدوية الموصوفة في حالة اضطرابات الصُّدَاع الشديدة يمكن أن تُسهم إسهامًا كبيرًا في تقليل شدة الصُّدَاع النصفي وتقليل تكرار النوبات.
المصدر: https://www.livescience.com
ترجمة: صفاء عمران كيشار
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً