crossorigin="anonymous">
28 أبريل , 2023
سجَّل العمل عن بُعد رقمًا قياسيًا لدى الباحثين عن العمل.
انتشرت أخبار مؤخرًا أن بعض الشركات، مثل ديزني وستاربكس، تطالب موظفيها بالعودة إلى العمل من مقر الشركة، ما أوحى لناشري الأخبار المغلوطة حول هذا التوجه السائد لعودة العمل من مقار الشركات واختفاء الوظائف عن بُعد. ولكن هل تعكس هذه العناوين الحقيقة الجديدة أم إنها تسعى ببساطة لتحقيق أهواء الشركات رفيعة المستوى القلقة بشأن عودة الموظفين للعمل من مقر الشركة؟
تشير البيانات إلى عكس ذلك؛ وهو أن العمل عن بُعد وُجِد ليبقى. إذ تصدَّر مصطلحا “وظائف عن بُعد” و”وظائف من المنزل” متصفح البحث “جوجل” في يناير 2023، ما يدل على حماس الباحثين عن العمل ورغبتهم في هذه الوظائف.
وقد وضَّحت دراسات حديثة مثل الاستفتاء الذي أجرته مؤسسة “فيستاج” على الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، أن معظم المديرين التنفيذيين لهذه الشركات يتطلعون إلى زيادة عدد موظفيهم في العام القادم. وتبيّن من نتائج الاستطلاع أن 60% من المديرين التنفيذيين للشركات الصغيرة والمتوسطة يخططون لزيادة عدد موظفيهم، بينما يخطط 7% منهم فقط إلى تقليله. وفقًا لجو جالفين، رئيس إدارة البحوث، تعد هذه النتيجة انسحابًا واضحًا من توجه الشركات الكبيرة التي تعلن تقليلها للعمالة. إذ يتردد مديرو الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة بشأن التخلي عن الموظفين الذين عُيّنوا في الفترة الأخيرة.
من أهم أسباب هذا التحوُّل، إدراك أن تحديات العمل لها تأثير كبير على قدرة هذه الشركات على العمل بكامل طاقتها. يشير 61% من المديرين التنفيذيين أن تحديات التوظيف أهم ما يشغلهم ليعملوا بفعالية، فمن الواضح أن مواجهة هذه التحديات أمرٌ حتمي لنجاح أعمالهم. بالإضافة إلى ذلك، مع بلوغ نسبة البطالة 3.5%، وهي أقل نسبة منذ فبراير 2020 (بداية الجائحة)، أصبح الدخول إلى سوق العمل شديد الصعوبة وسيستغرق الأمر الكثير من الوقت لتغيير الموقف.
بيَّن لي عملي مع العملاء أنَّ الانتقال إلى العمل عن بُعد أحدَثَ تغييرًا واضحًا في طريقة عمل الشركات؛ حيث شهدت شركات الخدمات الإلكترونية متوسطة الحجم زيادة كبيرة في الإنتاجية نتيجة للعمل عن بُعد، لأن الموظفين كانوا قادرين على التركيز على مهامهم دون التعرُّض لمشتتات بيئة العمل‘ وأدى ذلك إلى تحسُّن ملحوظ في جودة العمل ونقص معدلات دوران الموظفين.
وبالمثل، نفذَّت شركة كبيرة للخدمات المالية سياسة العمل عن بُعد، وشهدت نقصًا ملحوظًا في معدلات دوران الموظفين، لأنهم لم يعودوا بحاجة إلى الإبقاء على مساحات مكتبية فعلية. وسمح ذلك للشركة بالتركيز على موارد أكثر لتنمية أعمالها وتوسيع نطاق الوصول إليها.
كان للاتجاه نحو العمل عن بُعد عظيم الأثر على الباحثين عن عمل أيضًا. فمع القدرة على العمل من أي مكان، لم تعد فرص الباحثين عن العمل مقتصرة على القريبة من سكنهم فقط.،وأدى ذلك إلى زيادة نسبة الرضا عن الوظائف لأن الأفراد أصبحوا قادرين على إيجاد وظائف توافق أهدافهم الشخصية والمهنية.
بالإضافة إلى ذلك، أتاح العمل عن بُعد الفرص للأشخاص غير القادرين على العمل بسبب العائلة أو مسؤوليات رعاية الأطفال، فأصبحوا قادرين على الموازنة بين مسؤولياتهم وسعيهم في حياتهم المهنية.
يمكن أن يكون للتحيزات المعرفية دورًا في التحول إلى العمل عن بعد. فعلى سبيل المثال، قد تؤدي مغالطة التكاليف الغارقة إلى استمرار الشركات في الاستثمار للحفاظ على المساحات المكتبية الفعلية، رغم فوائد العمل عن بُعد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي مبدأ التوفر والتفرغ إلى مبالغة بعض الأشخاص في تقدير صعوبة التأقلُم مع العمل عن بُعد، والتقليل من شأن فوائده المحتملة.
لكن من المهم أن نلاحظ أن هذه التحيزات يمكن تخطيها بالبحث والتعليم المناسب. وبفهم الفوائد المحتملة للعمل عن بُعد والاستعداد للتأقلم، ستتمكن الشركات والأفراد من جني ثمار هذا الاتجاه.
من أهم فوائد العمل عن بُعد قدرة الشركات على الحفاظ على استمرار أعمالهم في الظروف الطارئة، مثل الكوارث الطبيعية والأوبئة. نفذَّت شركة خدمات متخصصة سياسة العمل عن بُعد قبل انتشار كوفيد-19، ما جعلها قادرة على إكمال أعمالها بسلاسة، لأن موظفيها كانوا قادرين على استكمال أعمالهم من المنزل. ومكَّن ذلك الشركة من تجنُّب خسائر كبيرة والحفاظ على ميزتها التنافسية.
من أحد الفوائد الأساسية للعمل عن بُعد، القدرة على جذب المواهب المميزة والحفاظ عليها، بصرف النظر عن الموقع. تمكنت شركة تكنولوجيا سريعة النمو من جذب مواهب مميزة من جميع أنحاء العالم قادرين على الإبداع وتحقيق نمو الشركة، لأن العمل عن بُعد مكَّنها من توفير بيئة عمل مرنة.
رغم الاعتقاد السائد أن العمل عن بُعد يؤدي إلى العزلة وعدم التواصل، إلا أن الدراسات بينت أن فرق العمل عن بُعد يمكن أن تكون منتجة ومتعاونة أكثر من فرق العمل في مقر المكتب.
اكتشفت شركة استشارات أن فرق العمل عن بُعد كانت قادرة على التواصل بفعالية أكثر من خلال استخدام التكنولوجيا، لأنها كانت قادرة على تنظيم لقاءات عمل منتظمة عبر الفيديو، واستخدام أدوات التعاون. بالإضافة إلى ذلك، كانت فرق العمل عن بُعد قادرة على إدارة وقتها إدارةً أنجح، لأنهم لم يكونوا مقيدون بمشتتات بيئة العمل من المكتب.
قد يكون للعمل عن بُعد تأثيرًا إيجابيًا على راحة الموظفين. فقد اكتشفت شركة لتكنولوجيا الرعاية الصحية أن العمل عن بُعد يؤدي إلى تقليل معدلات توتر الموظفين وزيادة الرضا عن العمل. ويرجع ذلك إلى قدرة الموظفين على الموازنة بين عملهم وحياتهم الشخصية، والمرونة في خلق بيئة عمل مريحة.
من المهم أن نعلم أن العمل عن بُعد يمكنه أن يشكِّل تحديًا لبعض الموظفين، ومن المهم أن تقدم الشركة لهم الدعم والنصائح. وقد يشمل هذا الدعم تقديم التدريب على إدارة الوقت وأدوات التواصل والتعاون، وتشجيع المراجعات المنتظمة مع المديرين والزملاء.
المصدر: https://www.psychologytoday.com
ترجمة: سهير محمد
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً