تطبيق النظرية النسبية على الحياة الواقعية

تطبيق النظرية النسبية على الحياة الواقعية

29 سبتمبر , 2015

النظرية النسبية

تعد النظرية النسبية أحد أشهر النظريات العلمية في القرن العشرين، لكن إلى أي حد تتمكن من تفسير الأشياء التي تحدث في حياتنا اليومية؟
وضعت النظرية النسبية بواسطة العالم الألماني البرت اينشتاين في عام 1905م والتي تنص على أن جميع قوانين الفيزياء ثابتة  في كل مكان. تصف النظرية أيضا سلوك الأجسام في المكان والزمان , وأيضا يمكن استخدامها للتنبؤ بكل شيء من وجود الثقوب السوداء إلى انحناء الضوء بسبب الجاذبية , وكذلك وصف سلوك كوكب عطارد في مداره.
النظرية النسبية خادعة بشكل بسيط , أولا: لا وجود لإطار مرجعي “مطلق” – في كل مرة تقوم بقياس سرعة جسم ما أو كمية تحركه أو كيف يواجه الزمن يكون هذا القياس دائمًا بالنسبة إلى شيء آخر، ثانيًا: سرعة الضوء ثابتة , بغض النظر عن قياسها سواء كانت من راصد ثابت أو متحرك. ثالثا: لا يمكن أن يتحرك أي شيء بسرعة أكبر من سرعة الضوء.
هناك آثار عميقة مترتبة على النظرية النسبية الشهيرة لأينشتاين؛ إذا كانت سرعة الضوء دائمًا ثابتة , فهذا يعني أن رواد الفضاء الذين يتحركون بسرعة كبيرة بالنسبة للأرض تصبح الثواني بالنسبة لهم أبطأ من مراقب على الأرض والوقت في الأساس بالنسبة لرواد الفضاء يسير ببطئ وهذه الظاهرة تدعى بالتأخر الزمني.
أي جسم يقع في حقل جاذبية كبير يكون في حالة تسارع مستمر أيضا سيكون في مواجهة التأخر الزمني (التمدد الزمني), في الوقت نفسه ستواجه المركبات الفضائية التي يقطنها رواد الفضاء انكماشًا طوليًا وذلك يعني- أنه إذا تم أخذ صورة لسفينة الفضاء أثناء قيامها برحله ستبدو كما لو كانت “مسحوقة” في اتجاه الحركة – ولكن بالنسبة لرائد الفضاء على متن السفينة سيبدو كل شيء عادي, بالإضافة الى ذلك ستبدو كتلة سفينة الفضاء أكبر من وجهة نظر سكان الأرض.
ولكن لن تحتاج بالضرورة إلى مركبة فضائية تسير بسرعة مقاربة لسرعة الضوء لرؤية آثار النسبية, في الواقع يوجد الكثير من الحالات التي يظهر أثر النسبية فيها في حياتنا اليومية , ويظهر ذلك حتى في التكنولوجيا التي نستخدمها بشكل يومي والتي تثبت أن اينشتاين كان على حق, وهذه بعض الطرق التي يمكن أن نرى فيها طريقة عمل نظرية النسبية:

 نظام تحديد المواقع العالمي (GPS):
لكي تستفيد سيارتك من نظام الملاحة وتحديد المواقع بشكل أكبر, الأقمار الصناعية يجب أن تأخذ التأثيرات النسبية في الاعتبار –هذا بسبب أن الأقمار الصناعية  بالرغم أنها لا تسير بسرعة قريبة لسرعة الضوء فهي لا تزال تسير بسرعة كبيرة جدا , الأقمار الصناعية تقوم بإرسال الإشارات الى المحطات على الأرض، هذه المحطات (ووحدة جي پي إس الموجودة في سيارتك) تختبر تسارعًا أكبر من الأقمار الصناعية بسبب أثر الجاذبية.

لحصول ذلك بدقة متناهية ,تستخدم  الأقمار الصناعية الساعات الدقيقة لبضع أجزاء من البليون من الثانية(نانو ثانية). ونظرا لأن كل الأقمار الفضائية ترتفع12600ميل(20300كيلومتر)فوق سطح الأرض , وتتحرك بسرعة مقاربة إلى 6000ميل/ساعه(10000كم/ساعه), هناك تمدد نسبي في الزمن يأخذ حوالي 4مايكرو ثانية كل يوم, إضافة إلى أثر الجاذبية يأخذ الرقم في الارتفاع إلى حوال 7 مايكرو ثانية(7000نانوثانية).
الفرق حقيقي جدا : إذا لم يكن هناك أي تأثير للنسبية على وحدة GPS والذي يخبرنا أن محطة البنزين القادمة التي تبعد نصف ميل (0.8) كم ستكون بعد 5 أميال (8 كلم(  من بعد يوم واحد.

الكهرومغناطيسية:
المغناطيسية هي تأثير للنسبية, وإذا كنت تستخدم الكهرباء يمكنك شكر نظرية النسبية لأنها تقوم بعمل المولدات كله.
إذا أخذت حلقة من الأسلاك وقمت بتحريكها عبر مجال مغناطيسي ستقوم بتوليد تيارا كهربائيا فالجسيمات المشحونة في السلك تأثرت بالمجال المغناطيسي المتغير مما يؤثر بقوة على بعض الجسيمات لتتحرك وتولد تيارًا كهربائيًا.

الآن تصور أن السلك في حالة ثبات وتخيل أن المغناطيس يتحرك , في هذه الحالة الجسيمات المشحونة في السلك –الالكترونات والبروتونات- لا تتحرك الآن , وبالتالي من المفترض أنه لا يوجد تأثير للمجال المغناطيسي على تلك الجسيمات ! ولكن يوجد تأثير له، ولا يزال التيار. يتدفق وهنا تظهر حقيقة أنه لا يوجد إطار مرجعي مطلق.
توماس مور، أستاذ الفيزياء في كلية بومونا في كليرمونت في كاليفورنيا، يستخدم مبدأ النسبية لإثبات صحة  قانون فاراداي، والذي  ينص على أن المجال المغناطيسي المتغير يخلق التيار الكهربائي, وقال مور: “بما أن هذا هو المبدأ الأساسي خلف المحولات والمولدات الكهربائية , فإن أي شخص يستخدم الكهرباء يختبر تأثير النظرية النسبية”
تعمل الكهرومغناطيسية عبر النسبية كذلك, عندما يتدفق تيار مستمر من الشحنات الكهربائية عبر سلك تنجرف الالكترونات عبر المادة, عادة السلك يكون متعادل كهربائيا مع عدم وجود شحنات موجبة أو سالبة, هذا هو نتيجة لوجود نفس العدد تقريبا من البروتونات(الشحنات الموجبة( والإلكترونات(الشحنات السالبة),و لكن، إذا وضع هذا السلك بجانب سلك آخر يمر به تيار مستمر فإنه ربما يحدث تنافر أو تجاذب بين السلكين ويعتمد ذلك على اتجاه سير التيار.

* لنفترض أن التيارين يسيران في نفس الاتجاه, الالكترونات في السلك الأول تقابل الالكترونات في السلك الأخر وبالنسبة للإلكترونات يبدو وكأنها لا تتحرك (هذا الافتراض يقتضي أن التيارين لهما نفس القوة) وفي الوقت نفسه من منظور الالكترونات أن البروتونات في كل الأسلاك تبدو وكأنها تتحرك ,و بسبب الانكماش الطولي النسبي  تظهر وكأنها متباعدة عن كثب , لذلك هناك الكثير من الشحنات الموجبة بالنسبة إلى طول السلك من الشحنات السالبة , وبسبب تنافر الشحنات يتنافر السلكان .
وفي حالة أن التيارين متعاكسان في الاتجاه يؤدي ذلك إلى تجاذب , لأنه من وجهة نظر السلك الأول الإلكترونات في السلك الأخر أكثر تجمعا مولدة شحنة كلية سالبة, وفي الوقت نفسه البروتونات في السلك الأول تولد شحنات كلية موجبة والشحنات المتعاكسة تتجاذب.
 اللون الأصفر للذهب :
معظم المعادن لامعة وذلك بسبب أن الالكترونات في الذرة تقفز من مستويات “مدارات” طاقة مختلفة . ويتم امتصاص بعض الفوتونات التي ضربت المعدن وانبعاثها  مرة أخرى وإن  كانت تمتلك   طولا موجيا كبيرا. وذلك بالرغم أن معظم الضوء المرئي حصل له انعكاس .
الذهب عبارة عن ذرة ثقيلة, بالتالي الالكترونات الداخلية تتحرك بسرعة كافية مسببة زيادة مهمة في الكتلة النسبية بالإضافة إلى الانكماش الطولي , ونتيجة لذلك تحوم الالكترونات حول النواة في مسارات أقصر مع كمية حركة أكبر . الالكترونات في المدارات الداخلية تحمل طاقة مقاربة لطاقة الالكترونات الخارجية والأطوال الموجية التي يتم امتصاصها وانعكاسها تكون أطول.
الأطوال الموجية الطويلة من الضوء تعني أن بعض الضوء المرئي الذي عادة ما ينعكس يتم امتصاصه, وهذا الضوء يوجد في نهاية اللون الازرق في الطيف المرئي .الضوء الأبيض هو مزيج من جميع ألوان الطيف , ولكن في حالة ذرة  الذهب عندما يتم امتصاص الضوء وإعادة انبعاثه يكون الطول الموجي عادة أكثر طولا, وهذا يعني أن مزيج موجات الضوء التي نراها تميل إلى احتواء كميات أقل من اللون الازرق والبنفسجي فيها. وهذا يجعل الذهب يظهر أصفر اللون نظرا لأن اللون الاصفر واللون الأحمر والبرتقالي يمتلكون طولا موجيا أكبر من اللون الأزرق.

 الذهب لا يصدأ بسهولة:
التأثير النسبي على إلكترونات الذهب يعتبر أيضا أحد أسباب أن هذا المعدن لا يصدأ  ولا يتفاعل مع أي شيء بسهولة. ذرة الذهب لديها فقط الكترون واحد في المدار الخارجي ولكن لا يتفاعل كما الحال في ذرة الكالسيوم أو الليثيوم. بدلا من ذلك الالكترونات في ذرة الذهب لا تزال أثقل مما يفترض بها أن تكون، وبذلك يصعب خروج الالكترونات فهي مرتبطة بقوة بنواة الذرة, وهذا يعني أن الالكترونات الخارجية أو الأبعد عن النواة من غير المرجح أن تكون في مكان بحيث يمكنها أن تتفاعل مع أي شيء على الإطلاق , فقط من المرجح أن تكون مع رفقاءها من الإلكترونات القريبة من النواة .

الزئبق هو مادة سائلة:
على غرار الذهب ,الزئبق عبارة عن ذرة ثقيلة, تحتوي على الكترونات مرتبطة بقوة بنواة الذرة  بسبب سرعتها ونتيجة لزيادة الكتلة. تكون  الروابط بين ذرات الزئبق ضعيفة, لذلك يذوب الزئبق عند درجات منخفضة من الحرارة وهو عادة يكون في هيئة سائلة عندما نراه.
6- التلفاز القديم الذي تمتلكه!
قبل بضع سنوات كانت معظم أجهزة التلفزيون والشاشات تمتلك شاشات بها أنبوب أشعة المهبط, وهذا الأنبوب يعمل عن طريق إطلاق الالكترونات على سطح من الفسفور مع مغناطيس كبير ,بحيث كل الكترون يسقط يضيء بكسل وذلك عندما يضرب الجزء الخلفي من الشاشة, والالكترونات التي يتم إطلاقها لتجعل الصورة تتحرك إلى أن تصل الى 30%من سرعة الضوء, والاثار النسبية واضحة وعندما شكل المصنعين المغناطيس كان عليهم الأخذ بعين الاعتبار هذه الاثار.

الضوء:
اذا كان اسحاق نيوتن محقا بشأن افتراضه أن هناك إطار مرجعي مطلق في حالة ثبات ,إذن علينا أن نأتي بتفسير آخر ومختلف للضوء, لأن ذلك لن يحدث أبدا.
“ليست المغناطيسية وحدها التي لن تكون موجودة الضوء أيضًا لن يكون موجودا , وذلك بسبب أن النسبية تتطلب تغييرات في حركة المجال الكهرومغناطيسي فيتحرك بسرعه متناهية بدلا من أن تكون حركته آنية”, وأضاف مور، من كلية بومونا ” إذ لم تفرض النسبية هذا الشرط فإن التغيرات في المجالات الكهربائية ستتم آنيًا بدلا من الموجات الكهرومغناطيسه, وسيصبح كلا من المغناطيس والضوء غير ضروريين”

محطات الطاقة النووية والمستعرات العظمى:
النسبية هي السبب الرئيسي لتحويل الكتلة إلى طاقة والعكس, وهذا ينطبق على كيفية عمل محطات الطاقة النووية , وشروق الشمس. وتأثير مهم أيضا للنظرية النسبية  هو ما يخص انفجارات المستعرات العظمى, والتي تشير إلى موت النجوم الضخمة.
ويقول مور : ” النجم المتفجر الأعظم” أو بمصطلح أخر “المستعرات العظمى ” توجد بسبب الأثار النسبية التي تغلب على الأثار الكمومية بالقدر الكافي في قلب النجم الكبير , والسماح لها بالانهيار فجأة تحت وطأة ثقلها  حتى تصبح نجما أصغر بكثير وأقوى بكثير من نجم النيترون”
الطبقات الخارجية في المستعرات العظمى تنهار إلى لب المستعر الأعظم مولدًا ذلك انفجارا ضخما والذي من بين أمور أخرى يولد عناصر أثقل من عنصر الحديد, في الواقع  تقريبا كافة العناصر الثقيلة التي نعرفها الآن هي نتيجة لانفجار المستعرات العظمى.
وأضاف أيضا :”أننا نشأنا من مواد تكونت وتناثرت من المستعرات العظمى ” , وأضاف كذلك:” إذ لم تكن النسبية موجودة , فانه حتى أكثر النجوم ضخامة ستنتهي كما الأقزام البيضاء-لم تنفجر أبدا- , ونحن لن نكون في الجوار للتفكير حول هذا الأمر”
المصدر: http://www.livescience.com/48922-theory-of-relativity-in-real-life.html

شارك المقال

اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!