اللطف والتعاطف وآثارهما الإيجابية على صحة الدماغ

اللطف والتعاطف وآثارهما الإيجابية على صحة الدماغ

26 ديسمبر , 2022

دقق بواسطة:

زينب محمد

تظهر الأبحاث أن ممارسة كليهما يمكن أن يُحدث تغييرات عصبية إيجابية.

النقاط الرئيسية

  • يجب أن ندرك أهمية ممارستنا للطف والتعاطف مع الآخرين في حياتنا اليومية.
  • تشير الأبحاث إلى أن التعاطف مع الذات قد يكون بمثابة عامل وقائي ضد الالتهاب الناجم عن الضغط النفسي وأيضًا الأمراض المرتبطة بالالتهابات.
  • الأشخاص الذين يمارسون التعاطف مع الذات هم أكثر حماسًا لتحسين أنفسهم.

لا يخفى على أحدٍ منا ما تعنيه كلمة (اللطف) أو (العطف) وهي التي تعني، بشكل عام، الميل الداخلي للشعور بالقلق على ما قد يشعر به الآخرين والاهتمام بمشاعرهم. ورغم ذلك، نضيع مع أحداثِ حياتنا المزدحمة والمرهقة، فلا نتذكر دائمًا أن نمارس “اللطف والتعاطف” مع بعضنا البعض.

التعاطف يعني حرفيًا «مقاسمة المعاناة مع الآخر». وهذا يعني الشعور أو إظهار التعاطف والاهتمام بالآخرين ويشمل ذلك أيضًا الرغبة في فعل شيءٍ ما قد يخفف من آلامهم. وفي ذلك قال الدالاي لاما ذات مرة، “إذا كنت تريد أن ترى الآخرين سعداء، مارس التعاطف معهم. أما إذا كنت تريد أن تكون سعيدًا، مارس التعاطف مع الآخرين أكثر”.

تظهر الأبحاث أن ممارستنا للطف وإظهار الرأفة والرحمة؛ تُحدث تغييراتٍ إيجابية في أدمغتنا. في دراسةٍ أجريت عام 2013، درس الباحثون نشاط الدماغ لدى الأشخاص الذين يمارسون تأملات قائمة على ترنيمات تحث على اللطف والحب (LKM). أشارت النتائج بعد ذلك إلى أن هذا النوع من التأمل يزيد من حجم المادة الرمادية في جزء الدماغ المرتبط بالتعامل الفعال مع العواطف.

وفي دراسة أخرى، أشارت أيضًا نتائجها إلى أن ممارسة تأملات قائمة على ترنيمات تحث على اللطف والحب (LKM) هي في الحقيقة، مقترنة بتحسين نشاط الدماغ في المناطق المسؤولة عن معالجة المشاعر؛ وهذا مما قد يؤدي إلى قدرة أفضل على التحكم الفعال بالعواطف.

أشارت دراسات بحثية تناولت موضوع (التدريب على التعاطف)، إلى أن التعاطف بحد ذاته يزيد ويحسن أنشطة الدماغ في أجزاءٍ منهُ تشارك في التحكم بالعواطف وتنظيمها، تنظيم الحالة المزاجية، عمليات صنع القرار، ويساعد أيضًا في التغلب على الضيق الحاصل جَراء الشعور بألم الآخرين ويقوي المرونة النفسية وقدرة الفرد على التحمل.

التعاطف والتصرفات المتسمة باللطف يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا. لكن مع ذلك، لا تَحمل نفسك على أن تشعر بالذنب إذا كان يومكَ سيئًا ولم تستطع أن تتصرف بلطفٍ أو أن تظهر جانبك العطوف بدرجةٍ كافيةٍ. كل ما عليك فعله هو أن تحاول مرةً أخرى في اليوم التالي لذلك اليوم.

جميعنًا يُدرك أنَّ الحياةَ قد تكون صعبةً، لكن لا تنس أنَّ الآخرين قد يمرون بأيامٍ سيئةٍ وصعبةٍ أيضًا، ومن الممكن أن تكون أيامُهمُ أكثرَ سوءً. فبطبيعةِ الحال؛ لن نعرف مقدار سوءِ ما قد يواجهونه حتى يُحدثونا عنه.

وتذكر بأنَّه إذا ما كان الشخصُ وقحًا معك، فهذا يُنبئك فقط بسوء ما عند ذلك الشخص ولا يعكس حقيقتك الجميلة البتة. بإمكانك أن تختار بأن تكون ردة فعلك في حال مواجهتك لهم هي مجرد الرد عليهم بلطف ورأفة.

من المهم أيضًا ألّا تنسى أن تكون لطيفًا وعطوفًا مع ذاتك؛ حيثُ تُشيرُ الأبحاثُ إلى أنَّ التعاطف مع الذات قد يكون بمثابة عامل وقائي ضد الالتهاب الحاصلِ جراء الضغط النفسي وأيضًا الأمراض المرتبطة بالالتهابات.

وقد يعني هذا أن عليك أن تعامل جسدك معاملةً جيدةً وذلك من خلال تناولِكَ الطعام الصحي وممارستك الرياضة، وممارسة اليقظة الذهنية، والقيام بأشياء أخرى تضمن لك شعورًا عارمًا بالرضا عن نفسك بعد القيامِ بها. وبالطبع إذا كنت لطيفًا ورؤوفًا مع ذاتك، فسيكون من السهل عليكَ أن تكون لطيفًا ورؤوفًا تجاه الآخرين.

في حال كُنتَ تُريدُ تغيير العادات أو السلوكيات السلبية لديك، فبدلاً مِن أن تجلدَ ذاتَك، فاشرع بتعاطفِكَ مع ذاتِكَ. حيثُ إنَّه وفقًا لدراسةٍ أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، بيركلي، أن الأشخاص الذين يمارسون التعاطف مع الذات هم الأكثر حماسًا لتحسين ذواتهم.

يمكنك أيضًا ممارسة التعاطف من خلال القيام ببعض الأفعال المتسمة بالرحمة والرأفة، كالتطوع للعمل مع الحيوانات أو الناس المحتاجين، أو تقديم المال لمؤسسةٍ خيريةٍ ما وذلك لما تُفضله من المؤسسات الخيرية المختلفة، أو مجرد أن تكون عونًا وسندًا لشخصٍ آخر يحتاجُ مساعدتَكَ. سيكفلُ لك هذا أن تشعر بتحسن شديدٍ على الفور.

إن التعاطف مع ذاتك يعني أيضًا الحرص على عدم إفراطك في الالتزام تجاه الآخرين متناسيًا سلامتك الجسدية والعاطفية. كن رؤوفًا مع نفسك أولاً. لست بحاجة إلى إيصالِ صديقِكَ إلى المطار في حال كانَ لديكَ التزامات عديدةً في ذلك اليوم، وليس عليك الموافقة على القيام بتطوع إضافي إذا كنت بالفعل منهمكًا بتأدية بعض الالتزامات وكان لديك التزامات مجدولة أخرى في انتظارك.

إذا شعرت أن لديك الكثير من المسؤوليات على عاتقك، فمن المحتمل أن ذلك صحيح وعليك تصديق ذلك الشعور. وعليك أن تستريحَ قليلًا من أجل الحفاظ على سلامتك العقلية. شعورك بالتوتر والإحباط والتعب في معظم الأوقات ليس جيدًا لصحتك ولا لصحةِ من هم حولك. سيسبب ذلك توترًا، وإجهادًا وصراعاتٍ غيرَ ضروريةٍ في محيطك الاجتماعي.

جميعنا يعلم بحقيقةِ أن أي تصرفٍ متسمٍ باللطف والرأفة تقومُ به مَعَ شخصٍ آخرَ فإنهُ سيرجعُ إليك لا محالة. يحدث الشيء ذاته مع أيّ تصرفٍ قاسٍ وأي فعلٍ سيء. قد لا يرجع إليكِ ذاتُ التصرف بالضرورة على الفور، أو قد يأتي في شكل مختلف، لكن آثاره ستظهر جليةً في حياتك.

إذا ساعدت شخصًا آخر على تخطي أيامِه الصعبة، فقد يساعدك شخص آخر عندما يكون لديك إطار سيارةٍ مثقوب أو عندما تكون مريضًا فقد يزيحُ جاركَ الثلج عن طريقك. هذه هي القوة الحقيقية للطف والعطف والرأفة.

المصدر: Psychology Today

ترجمة: وجدان سليمان

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!