هل المرض العقلي سبب أو نتيجة العنف؟

هل المرض العقلي سبب أو نتيجة العنف؟

5 أكتوبر , 2022

ترجم بواسطة:

ريغي وفاء

يمرّ العالم حاليًا بأحداث عصيبة سببت تداعيات جلية للعديد من الأطفال وأولياء أمورهم من مشكلات صحية عقلية مثيرة للقلق، مما جعلهم يعيشون في عالم مخيف للغاية ويشعرون أنهم أفلتوا دفة السيطرةِ على حياتهم.

نشرت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية (HHS) في وقتٍ سابق من هذا الربيع، دراسة في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية جاما لطب الأطفال JAMA Pediatrics تشير إلى زيادةٍ كبيرة في عدد الأطفال المُشخصين بحالات صحية عقلية.

وجدت الدراسة التي أجرتها إدارة الموارد والخدمات الصحية (HRSA) ارتفاع عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و17 عامًا، والمُشخصين بالقلق بنسبة 29% والأطفال المصابين بالاكتئاب بنسبة 27% بين عامي 2016 و 2020. ويعاني البالغون والآباء أيضًا من القلق وفقًا لجمعية علم النفس الأمريكية (APA). كما وجدنا في دراسة للصحة العقلية أجريناها في بداية الوباء أن الشباب والنساء هم الفئة الأكثر تضررًا.

المرض العقلي مقابل العنف الصريح

لا يعاني الضحايا المباشرين والناجين وعائلاتهم وأصدقائهم فقط من أعمال العنف الجماعي، ولكن تعاني مجتمعاتنا وأطفالنا وعائلاتنا كذلك. كيف نفسر العنف الذي مارسه المعتدي؟ أصبح من الشائع التأكيد على أن المرض العقلي هو السبب. لكن هل هو كذلك حقًا؟

  تؤكد جمعية علم النفس الأمريكية (APA) أن التشخيص وحده لا يمكنه تحديد من قد يرتكب أعمال عنف. أثبتت سنوات من البحث أن الغالبية العظمى من مرتكبي جرائم العنف في الواقع ليسوا مرضى عقليًا. كانت 7.5٪ فقط من بين جميع الجرائم التي ارتكبها الأشخاص المصابين باضطرابات عقلية خطيرة، مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بأعراض المرض النفسي وفًقًا لبحث نشرته الجمعية. علاوةً على ذلك، لم تكن هناك عَلاقة بين أعراض المرض النفسي والجريمة في الدراسة، ومع ذلك لا نزال نربط بين المرض العقلي والإجرام بشكل انفعالي.

 في الواقع وفي أغلب الأحيان إننا نلوم الضحايا، على الرغم من علمنا أن الأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي هم في الحقيقة أكثر عُرضة للوقوع ضحية لجريمة عنف من مرتكب جريمة.  لذا فإن محصلة تصورنا للعلاقة السببية بين المرض النفسي والإجرام هو تصور خاطئ.

  يريد الناس الشعور بأمان أكبر بطبيعة الحال وكحل لتهدئة توترهم وقلقهم من زيادة العنف في البلاد، لجأوا إلى امتلاك الأسلحة. أُجريت دراسة في جامعة ستانفورد على 26.3 مليون مقيم في كاليفورنيا نشرت في مجلة نيو إنجلاند الطبية (NEJM)، وكان من بين أولئك الذين حصلوا على مسدسات، لوحظ ارتفاع  خطر الانتحار بالسلاح بمعدل 7.8 مرة للرجال و35 مرة للنساء أعلى مقارنةً بمن لا يملكون أسلحة.

تناول فريق ستانفورد في دراسة أحدث مسألة ما إذا كانت حيازة الأسلحة النارية في المنزل توفر الحماية من القتل. أجريت هذه الدراسة على 17.6 مليون من سكان كاليفورنيا، ووجد الباحثون أن معدلات الوفيات بسبب القتل كانت أعلى مرتين بين أولئك الذين يعيشون في منازل بها أسلحة، وخطر القتل على يد الزوج كان أعلى بسبعة أضعاف. وأن 84% من هؤلاء الضحايا كانوا من النساء، بالتالي فإن وجود سلاح في البيت لا يوفر الحماية المرجوة بل إنه الخطر بعينه.

  يحتوي واحد من ثلاث منازل في الولايات المتحدة على سلاح واحد على الأقل، لذلك فإن هذا الأمر خاصةً بالغ الأهمية، وتشير الدلائل المستمدة من الأبحاث البيئية والمتعلقة بالحالة إلى أن الوصول إلى الأسلحة له تأثير معاكس. فمن الواضح أن العنف الناتج عن السلاح هو سبب للمرض العقلي وليس نتيجة له.

يؤدي الوصول السهل إلى الأسلحة إلى زيادة مخاطر الانتحار والقتل والإصابة الخطيرة. ويسبب التهديد بمثل هذه المآسي ووقوعها ضغوطًا نفسية كبيرة والوقاية هي الحل الأفضل دائمًا.  ولذا يُؤدي التعرض المباشر وغير المباشر لهذه الأخطار إلى آثار مضرة بصحتنا العقلية.

كيف نستجيب لضغط العنف في مجتمعنا؟

  بالرغم من ذلك، يتأثر أولئك الذين يشاهدون أعمال العنف بما يشاهدونه بشكل كبير حتى ولو في نشرة أخبار المساء. إننا جميعا بحاجة إلى علاج لخوفنا وقلقنا على أقل تقدير، علاجًا ناجعًا فعلاً. يجب أن يتضمن هذا العلاج خطة للحفاظ على الصحة النفسية اليومية.

تعد ممارسة نشاطات لتخفيف الضغط يوميًا، أمرًا بالغ الأهمية بعد مشاهدة الأخبار أو التعرض للتوتر بسبب المشاكل المجتمعية. كما يعد تقليص مقدار الطاقة المؤلمة اليومي الناجم عن وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأخرى. أصبح الصراع اللفظي والجسدي الآن حقيقة راسخة في ثقافتنا خاصةً مع الصدمات التي يسببها لنا أصحاب الطوائف المتطرفة كل يوم تقريبًا. نظرًا لذلك وجب علينا الاعتناء بأنفسنا جيدًا.

أمضيت حياتي المهنية بصفتي باحثًا وطبيبًا نفسيًا في الحديث عن التوتر وفوائد التنويم المغناطيسي والتنويم المغناطيسي الذاتي لتخفيف التوتر، نتيجة لسنوات من الفحص والدراسة بعمق نعلم يقينًا أن التنويم المغناطيسي، والذي يعتبر أقدم علاج، يساعد في التخلص من التوتر والقلق الذي نمر به.

اُعتبر التنويم المغناطيسي تخديرًا طبيعيًا للتوتر، حيث أثبتت سنوات من البحث أنه يوفر الاسترخاء العميق وحالة التدفق التي نحتاجها لإعادة ضبط أدمغتنا المزدحمة والقلقة، كممارسة التأمل مثلاً. كما أن الكثير من الناس قادرون على ممارسة التنويم المغناطيسي بأنفسهم.

الأدوات العلاجية الأخرى التي قد تساعد عند استخدامها بانتظام:

  • يمكن أن يكون التنويم المغناطيسي الذاتي عبر التكنولوجيا أكثر ملاءمة وخصوصية من جلسة التنويم المغناطيسي.
  • يمكن للموسيقى الهادئة أن تخلق حالة منومة أيضًا.
  • العلاج المعرفي أو التحدث عما تشعر به.
  • التحدث مع صديق مقرب تشعر أنه يمكنك الوثوق به.
  • العمل التطوعي الهادف.

نحن بحاجة إلى إعادة الضبط هذه لأن التوتر والقلق أصبحا شائعين للغاية. يمكنك إنشاء ممارسة يومية صحية لعكس التوتر الذي أثبته العلم. والأفضل من ذلك، رغبتك في جعل منزلك أكثر مقاومة للتوتر والقلق على مدى السنوات القادمة.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: ريغي وفاء

مراجعة وتدقيق: د. فاتن ضاوي المحنّا

تويتر: @F_D_Almutiri


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!