هل يمكن لقلة النوم أن تجعلك أكثر أنانية وبخلاً؟

هل يمكن لقلة النوم أن تجعلك أكثر أنانية وبخلاً؟

3 أكتوبر , 2022

ترجم بواسطة:

إسراء عبد الله

دقق بواسطة:

زينب محمد

هل تم انتقادك يومًا ما بأنك شخص بخيل، ولا تحب مساعدة الآخرين!

ربما أنت أفضل مما يتخيلون وهذا بسبب الليلة السيئة التي لم تنم فيها البارحة، أو الأرق الذي تعاني منه هذه الأيام ويمنعك من النوم.

النوم هذا اللغز المحير، الذي ما زال يشغل بال العلماء و يؤرقهم لدرجة تمنعهم من النوم، يا له من أمر مضحك!

كما تقول “إيتي” وهي عالمة أعصاب وباحثة في مركز علوم النوم في جامعة بيركلي، كاليفورنيا.

هذا اللغز الذي دفع العلماء لتشكيل علم مختص بالنوم والعمل على إيجاد أجوبة لفضولنا واستفساراتنا، ومن أشهر هذه الأسئلة التي ما تزال لغزًا محَيرًا هي لماذا ننام؟

ولن أعدك أنني حللت هذا اللغز، لكن وجدت ما هو مثير وأكثر غرابة.

خلال السنوات السابقة، تُوصل إلى الكثير من الاكتشافات المذهلة بخصوص النوم، وأصبح الجميع يعلم مدى أهمية النوم للحصول على جسم صحي ومعدل حرق سعرات متوازن، وكيف أن النوم السيئ سيؤدي ليوم سيئ ومزاج أسوأ، فضلاً عن انخفاض الطاقة واضطراب الهرمونات وعدم القدرة على تذكر ما درست في الليلة السابقة التي لم تنم فيها.

ولكن كشفت دراسة أمريكية أجريت في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، عن أحد الألغاز المثيرة والغريبة فعلاً، وهي كيف أن عملية النوم مرتبطة ارتباطًا وَثيقًا بسلوكياتنا الفطرية ودوافعنا، وبمدى كم أنت بخيل اليوم؟

وكمْ كنت كريمًا البارحة، ترى كيف تغير سلوكك بهذه السرعة؟

قلة النوم تقلل من رغباتنا في مساعدة الآخرين وتقديم العون لهم

هذا ما كشفه البحث الجديد المنشور في مجلة  PLOS Biology   

حيث أجرى الباحثون في جامعة كاليفورنيا ثلاث دراسات منفصلة، تبحث في كيف يحدث هذا التأثير “الأناني”؛ حيث قاموا بتحليل التغيرات في النشاط العصبي في الدماغ ووجدوا أن هذا السلوك الأناني مرتبط بانخفاض النشاط العصبي؛ حيث يزداد النشاط في شبكة الدماغ عادةً أثناء السلوكيات الإيجابية، مثل الإيثار ومساعدة الآخرين.

أشار مسؤولو الدراسة، الباحثة إيتي بن سيمون ومدير مركز علوم النوم بالجامعة ماثيو ووكر، أن هذا الاكتشاف كان شديد الغرابة ومفاجئًا بشكل لم يتوقع.

حيث إن تقليل وقت النوم لساعة واحدة، كانت أكثر من كافية للتأثير على قرارنا في مساعدة شخص آخر، وأن تأثير عدم النوم ليوم كامل أو فقدان ساعة واحدة من ساعات نومنا الضرورية، هذا يؤثر بشكل واضح على فطرتنا البشرية ودوافعنا لمساعدة المحتاجين.

في الدراسة الأولى حُللت قاعدة بيانات التبرعات الخيرية، والتي تضم 3 ملايين متبرع في الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي (2001 وحتى 2016)، ووُجدَ انخفاض واضح بنسبة 10 % في التبرعات بعد التوقيت الصيفي، الذي أدى إلى فقدان فرصة النوم لمدة ساعة واحدة، مع العلم أن هذا الانخفاض لم يظهر في الدول التي لا يتم فيها تعديل الوقت تبعًا لتغير الفصول.

أما في الدراسة الثانية، استخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لدراسة نشاط الدماغ لعدد 24 شخص، بعد ثماني ساعات من النوم وبعد ليلة من عدم النوم، وكان الاكتشاف المبهر ضعف نشاط الشبكة العصبية التي تعمل عندما يتعاطف الناس مع الآخرين أو عند محاولتهم لفهم رغباتهم واحتياجاتهم، لتقديم المساعدة وتعطينا هذه البيانات العصبية لمحةً عن السلوك الاجتماعي الناجم عن قلة النوم.

قالت الدكتورة إيفانا روزنزويج: “لقد ثبت دائمًا أن النوم يؤثر على مزاجنا وأدائنا المعرفي، وبالتالي، من المحتمل أَيْضًا أن يؤثر على كيفية ارتباطنا بالآخرين وتعاملنا معهم”.

وهي طبيبة نوم واستشارية الطب النفسي العصبي في مستشفى جاي وسانت توماس في المملكة المتحدة.

في الدراسة الثالثة، كانت النتيجة غير متوقعة؛ حيث توصل الباحثون أن نوعية وجودة النوم أكثر أهمية من كمية النوم في دراسة الجزء المتعلق بالأنانية. تمت مراقبة وقياس أكثر من 100 شخص خلال ثلاث إلى أربع لَيَالٍ، وقيست مستويات الأنانية والرغبة في مساعدة الآخرين بناءً على الردود على استبيانات أكملها المشاركون في الدراسة، وأكدت الباحثة أن كمية ونوعية النوم تؤثر عادةً على السلوك العاطفي والاجتماعي، وهذا دليل آخر على ذلك.

إن أكثر من نصف عدد السكان في البلدان المتقدمة اعترفوا أنهم لا يحصلون على عدد ساعات كافية من النوم خلال أسبوع العمل، “وباء فقدان النوم العالمي” (global sleep- loss epidemic) حسب تسمية الدكتور “ووكر” مدير مركز علوم النوم، كما أظهرت الأبحاث المكثفة أن النوم مرتبط اِرتِباطًا وثِيقًا مع أمراض الصحة العقلية، مثل القلق والاكتئاب، وأيضًا الأمراض الجسدية، مثل السكري والسمنة.

وعن أهمية النتائج، أشارت الباحثة إلى أن هذه الاكتشافات تُثبت أن قلة النوم تقلل من الرغبة الفطرية لدى البشر في مساعدة بعضهم البعض، وتُضَاف النتائج إلى مجموعة متزايدة من الأدلة التي تثبت أن النوم غير الكافي لا يضر فقط بالصحة العقلية والجسدية للفرد، لكنه يضر أيضًا بالروابط بين الأفراد، وحتى مشاعر الإيثار لأمة بأكملها، وبالنظر إلى أهمية مساعدة الإنسان في الحفاظ على المجتمعات المتحضرة والتعاونية، جنبًا إلى جنب مع التآكل الشديد لوقت النوم على مدار 50 عامًا الماضية، فإن تداعيات هذه الاكتشافات كبيرة وخطيرة.

وهكذا أصبحنا موقنين أن النوم أبعد من أن يكون مجرد ساعات نقضيها في سُباتٍ عميق، إنها عملية مهمة يمكن أن تحدد مدى توازنك وصحتك الجسدية والعقلية بل وتحدد مصير ومستقبل مجتمعك، وكم أننا محافظون على جوهرنا بكوننا كائنات اجتماعية وعاطفية مهمتها تشكيل حضارات أرقى بالتعاون والإيثار.

ختمت الباحثة “إيتي” بعبارة مؤثرة مفادها: “لقد حان الوقت لنا كمجتمع أن نتخلى عن فكرة أن النوم غير ضروري أو مضيعة للوقت، ودون الشعور بالذنب، علينا أن نحصل على النوم الذي نحتاج إليه، إنه أفضل شكل من أشكال اللطف الذي يمكننا أن نقدمه لأنفسنا، وكذلك للأشخاص من حولنا”.

أتمنى أن تكون لَطِيفًا مع نفسك وتهتم بصحة نومك وأن تحظى بليلة نوم هانئة لتصبح أكثر كَرمًا غدًا.

المصادر:

  1. https://journals.plos.org
  2. https://edition.cnn.com
  3. https://www.sleepingeti.com/
  4. https://www.scientificamerican.com
  5. https://www.webmd.com
  6. https://www.forbes.com

بقلم: إسراء عبدالله

لينكد إن: israaabdullah

تويتر: abdullahisraa9

 مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!