crossorigin="anonymous">
13 أغسطس , 2022
يعد علم الوراثة البشري من أكثر العلوم تعقيدًا، ولا تقتصر أهميته على انتقال الصفات الجسدية فقط، ولكنها أصبحت تساهم في الاكتشاف والتنبؤ بالإصابة بالعديد من الأمراض بل والمساهمة في علاجها أيضًا، مما جعل العلماء يولون اهتمامًا خاصًا لها في الآونة الأخيرة.
نستعرض في هذا المقال بعض الأمراض التي قد تصيب الإنسان نتيجة الوراثة والطفرات الجينية.
هي الوحدة الأساسية للوراثة في الكائنات الحية والتي تتحكم في تشكيل وتطور الكائن الحي خلال حياته، حيث تحتوي الجينات على المعلومات الأساسية اللازمة لبناء المواد الحيوية، كالإنزيمات والبروتينات التي تدخل في تكوين أعضاء الجسم والعمليات الحيوية المختلفة، بالإضافة إلى كونها تحمل الخريطة البيولوجية التي يمر بها الإنسان في مراحل تطوره المختلفة بدايةً من تكوين النطفة، مرورًا بتكوين الأعضاء ومرحلة الطفولة والبلوغ وحتى الشيخوخة.
ومن الجدير بالذكر أنه، يحمل الكروموسوم الواحد العديد من الجينات قد تصل إلى 1000 جين، وتتكون الجينات من الحمض النووي (DNA) الذي يحمل المادة الوراثية من جيل إلى جيل في أثناء عملية التكاثر، فيكتسب كل فرد جديد نصف صفاته الموروثة من الأب والنصف الآخر من الأم.
تحدث الأمراض الجينية عندما تتأثر الجينات، بما يُعرف بالطفرة أو التغيير الضار، وقد تنتقل الطفرة الجينية من أحد الوالدين أو كليهما وتتسبب في اضطرابات جينية يظهر تأثيرها عند الولادة أو فيما بعد، فهل تتخيل أن خلل في جين واحد من بين 3 مليار جين يمتلكها الإنسان، قد يتسبب في إعاقة مثل: الإصابة بالعمى أو ضعف المناعة الشديد!
تؤثر الطفرات على تصنيع مواد حيوية هامة، مثل تصنيع البروتينات الحيوية، مما يؤدي إلى خلل في عمل البروتين أو عدم وجوده كليًا، وتحدث الطفرات نتيجة عدة أسباب مثل:
يصعب التفرقة بين الأمراض الوراثية والجينية؛ نظرًا لما يحمله المصطلحان من عوامل مشتركة كثيرة لعل أبرزها أن كلاهما يحدث نتيجة طفرة جينية، ولكن يعد السبب الرئيسي للتفرقة بينهما أن المرض الوراثي هو حالة مرضية تحدث نتيجة تشوه في المادة الوراثية ويمكنها أن تنتقل من جيل إلى آخر وقد يستلزم ظهور المرض الوراثي أن يكون كلا الأبوين حاملًا لنفس الطفرة الوراثية، بينما المرض الجيني تقف إصابته عند الفرد المصاب بالطفرة.
ويمكن القول مجازًا أن كل مرض وراثي هو في الأصل مرض جيني وانتقل إلى جيل أو أكثر من الأجيال التالية.
هي إحدى أشهر الأمراض الجينية والأكثر شيوعًا بين الأطفال؛ فوفقًا لجمعية متلازمة داون الوطنية يولد طفل من بين كل 700 طفل مصابًا بهذا المرض الجيني في الولايات المتحدة، ويولد الطفل في هذه الحالة المرضية بنسخة إضافية من الكروموسوم رقم 21؛ مما يتسبب في إعاقات ذهنية وجسدية تصاحب الطفل المصاب بمتلازمة داون طوال حياته.
يمكن للأطفال المصابين بمتلازمة داون ممارسة حياتهم بشكل طبيعي إلى حدٍ كبير على الرغم من التحديات التي يواجهها هؤلاء الأشخاص؛ وذلك بفضل التطورات الطبية الحديثة والدعم المؤسسي الذي يهدف إلى خلق فرص لهم في المجتمع لكي يحيوا حياةً صحية.
ومن العوامل التي تزيد من فرص الإصابة بهذا المرض:
ولكنه ليس بالضرورة الإصابة بهذا المرض في حالة وجود إحدى هذه العوامل لدى أحد الوالدين أو كليهما ولكن ترتفع احتمالية الإصابة به في هذه الحالات عن غيرها.
تعد أغلب الأمراض التي تصيب البالغين هي في الأصل أمراضًا وراثية، تبدأ في الظهور بعد سن البلوغ وتحتاج إلى العديد من السنوات وبعض العوامل الخارجية الأخرى التي تزيد من معدل ظهور أعراضها بشكل واضح وصريح، على سبيل الإيضاح:
يولد أغلب الأفراد حاملي جينات الإصابة ببعض أنواع السرطان أكثر من غيرهم، إلا أنه يظهر المرض فعليًا في مراحل عمرية لاحقة بالإضافة إلى تفاعل بعض العوامل البيئية مع الجين المسؤول عن المرض.
ومن أمثلة الأمراض الجينية بعد سن البلوغ:
تُعرف الكروموسومات المسؤولة عن تحديد النوع بالكروموسومات الجنسية X وY، وتمتلك الإناث اثنان من الكروموسوم X، بينما يُولد الذكور بكروموسوم واحد X، وكروموسوم Y الذي يحصل عليه من الأب؛ مما يفسر الاختلافات الفسيولوجية والجسدية والسلوكية بين النوعين، وكذلك الاختلاف بين الجنسين في الإصابة ببعض الأمراض.
يحمل الكروموسوم Y الجينات المسؤولة عن النمو الذكري، بالإضافة إلى القليل من الجينات الأخرى التي لا يتجاوز عددها 100 جين، بينما يحمل الكروموسوم X أكثر من 1000 جين مسؤول عن عمليات حيوية أخرى؛ لذا نجد أن الحصول على نسخة إضافية من الجينات في الكروموسوم X، كما هو الحال في الإناث يجعلهن أقل عُرضة للإصابة بالعديد من الطفرات الجينية الضارة التي تؤثر بشكل أكبر على الذكور.
ومن أمثلة الأمراض التي تصيب الذكور نتيجة خلل في الجينات على الكروموسوم X:
أحد الأمراض الوراثية التي تصيب واحد من كل 3500 من الذكور، ونادرًا ما يصيب الإناث، ويصيب جميع العضلات في الجسم مما يتسبب في ضعفها والإصابة بإعاقة حركية ومن ثم الوفاة.
تسبب التقزم والنمو غير الطبيعي للعظام، بالإضافة إلى الإصابة بإعاقة ذهنية وحركية في الذكور ونادرًا ما تصيب الإناث.
ومن الأمراض الجينية التي تصيب النساء فقط:
تحدث الإصابة بمتلازمة تيرنر في حالة وراثة نسخة واحدة من الكروموسوم X، بينما يكون الكروموسوم X الآخر مفقودًا بشكل كلي أو جزئي.
وينتج عن الإصابة بهذا المرض الجيني مجموعة من المشاكل الصحية، مثل: قصر القامة وضعف النمو، وقصور في وظائف المبيض قد تصل إلى حد الفشل التام.
يصعب علاج الأمراض الجينية في أغلب الأحوال باستخدام الأدوية التقليدية بشكل تام؛ لما تسببه معظمها من إعاقات دائمة في العديد من الأعضاء والوظائف في الجسم، ولكن ترتكز طرق العلاج المختلفة على السيطرة أو الحد من الأعراض المصاحبة للمرض، كما هو موضح في الأمثلة التالية:
تكون نتيجة خلل في الجين المسؤول عن تكوين إنزيم معين، وفي هذه الحالة يكون العلاج عبارة عن اتباع أنظمة غذائية خاصة أو الحصول على علاج تعويضي للإنزيم المفقود، مثل علاج نقص إنزيم الفينيل كيتون يوريا.
كما في حالة الاضطرابات الجينية المرتبطة بعيوب في القلب أو الصمامات، يمكن علاجها عن طريق التدخل الجراحي لإصلاح الخلل.
وتظل أغلب طرق علاج الاضطرابات الجينية متوقفة على التعامل مع النتائج المترتبة على الطفرة، والحد من مضاعفاتها دون التعرض للسبب الرئيسي، ويبقى العلاج الجيني لتصحيح الخلل عن طريق استبدال الجينات المفقودة أو المعطلة نسبيًا بأخرى تعمل بكفاءة، هو الأمل لعلاج الكثير من الأمراض وعلى رأسها السرطان.
المصادر:
بقلم: د. مروة مصطفى
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً