قالوا قديمًا:

“اِتعب قدميك، فإن تعبا قدّماك”

ولكن هل لنا أن نتعب ونسعى في الحياة بدون آلام القدم؟

لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وفضّله على كثير من المخلوقات بالعديد من النعم، كالعقل والإدراك والذاكرة والحنجرة، وغيرها من النعم التي تعينه على إعمار الكون، ولكن من أهم هذه النعم هي الوقوف باعتدال على القدمين، فلولا التكوين التشريحي للقدم لما استطاع الإنسان المشي، والوقوف لفترات طويلة، والعمل بتوازن دون اختلال الجسم.

تُشكّل عظام القدم ربع العظام الموجودة في جسدك، فهي حوالي 56 عظمة من أصل 206 عظمة يملكها الإنسان، لذا فاهتمامك بهما يشكّل أمرًا بالغ الأهمية يُعينك على السعي.

تنقسم القدم إلى ثلاثة أقسام:

١- مقدمة القدم، وتشمل أصابع القدم الخمسة، وخمس عظام طويلة تليها تُسمي مشط القدم.

٢- منتصف القدم، وهي مجموعة من العظام تشبه الهرم، وتشارك في تكوين قوس القدم.

٣- القدم الخلفية، وتشمل عظمتي العقب “ويطلق عليه مجازًا الكعب” والكاحل.

“الكعب لغويًا هو العظْمُ الناتِىءُ عند ملتقى الساق والقدم، وفي كل قدم كعبان عن يَمْنَتِها وعن يَسْرتِها، والعامة تسمَّى العَقِبَ: كَعْبًا”. المعجم الوسيط

تُصاب القدم بالعديد من الأمراض، بعضها جزء من مرض عام بالجسم كالنقرس، والروماتويد، والقدم السكري، وخشونة المفاصل، ومرض الساركويد. وبعضها خاص بالقدم فقط كارتداء الأحذية غير المناسبة، والتهاب الأوتار نتيجة التعرض للالتواءات، والوقوف فترة طويلة على القدمين مما يسبب التهاب اللفافة الأخمصية، والتي تعد من أشهر أسباب آلام العقب (الكعب)، وهي ما سنتناول شرحه الآن.

تبدأ شكوى هذا المريض عند استيقاظه صباحًا حين يضع قدمه على الأرض، يشعر بألم حاد في العقب (الكعب)، ثم يقل هذا الألم تدريجيًا مع الحركة، ولكنه سرعان ما يعود ثانيةً مع الوقوف المتكرر أو النهوض بعد الجلوس لفترات طويلة.

 فما هي اللفافة الأخمصية؟ وما هي أسباب التهابها؟ هذا ما سنستعرضه في السطور التالية.

تُعد اللفافة الأخمصية من أهم أربطة القدم، فهي نسيج ليفي يمتد من العقب (الكعب) حتى أصابع القدم يبطن القدم ليدعمها ويمتص الصدمات عند المشي والركض.

وعندما يتعرض هذا النسيج للإجهاد نتيجة تكوينه التشريحي في بعض الناس كالقدم المسطح (الفلات فوت)، أو الإجهاد كالوقوف لفترات طويلة على سطح صلب، أو الركض وأداء بعض التمارين المرهقة للقدم، كرقص البالية والإيروبيك، أو ارتداء أحذية لا تحمي القدم، وكذلك عندما يتعرض الجسم للسمنة وزيادة الوزن مما يزيد الضغط عليها، يبدأ النسيج في الالتهاب ويسبب آلامًا حادة قد تعيقك عن العمل، وعندما تتجاهل هذا الألم بتناول المسكنات أو تعديل وضعية المشية لتفادي الألم، فإنك تزيد الأمر تعقيدًا.

فوجود الألم ليس وسيلة للتعذيب كما يعتقد البعض، ولكنه وسيلة دفاعية لتنبيه الجسم بوجود مشاكل، وبتناولك للمسكنات لفترات طويلة، قد تتسبب في العديد من الأضرار للكلى، والقلب، والمعدة، فضلًا عن إخفاء موطن الألم مما يدفع المريض للشعور بالراحة والحركة بأريحية على القدم المُتعَب ويسبب المزيد من الالتهابات.

كذلك تغيير كيفية المشي لتجنب الألم الناتج من القدم، يدفعك بالتحميل على مفاصل وعضلات الفخد والساق والركبة، مما يزيد الأمر سوءًا.

فما هو الحل الأمثل لتفادي وعلاج هذه المشكلة؟

١- الذهاب لطبيب الروماتيزم والتأهيل المختص، ليتمكن من تحديد التشخيص المناسب بعد مراجعة التاريخ المرضي وفحص المريض.

٢- إذا تأكد تشخيصك بالتهاب اللفافة الأخمصية، فعليك تجنب الأسباب المؤدية لذلك بالتوازي مع بدأ العلاج كي تحقق أقصى فائدة، كتقليل الوزن، وتجنب المشي والوقوف لفترات طويلة، واختيار الحذاء الطبي المناسب لقدمك، وأخيرًا عدم الوقوف بدون حذاء وإن كنت داخل منزلك، فوق سجادتك الناعمة اللينة، فارتداء الحذاء الطبي المناسب يمنع ضغط الرباط الأخمصي بين السطح الصلب كالأرض، وثقل وزن الجسم من فوقه.

٣-  عمل كمادات مياه باردة بالتناوب مع المياه الساخنة ثلاث مرات يوميًا على أن يكون الماء البارد هو آخر ما يلمس القدم عند الانتهاء.

٤- عمل تمارين إطالة لأربطة القدمين، كأن تضع منشفة تحت قدميك ثم تحاول ضمها باتجاهك باستخدام أصابع القدم، كذلك يمكنك الجلوس والإمساك بأصابع قدمك ثم سحبها برفق تجاهك حتى تشعر بتمدد الأربطة في باطن القدم، ويمكنك الاستعانة بأخصائي علاج طبيعي لمساعدتك في متابعة تلك التمارين بعد أن يصفها لك الطبيب.

٥- باتباع تلك النصائح مع الراحة وتجنب الإرهاق، تبدأ القدم بالتحسن تدريجيًا ويمكنك تناول بعض المسكنات ومضادات الالتهاب التي يصفها الطبيب عند اللزوم، واعلم أن تجاهلك لأسباب الوقاية واعتيادك المسكن وحده يعرضك لتحول الألم إلى ألم مزمن، مما يتسبب في ظهور الشوكة العظمية فيما بعد ويزداد الأمر سوءًا.

ولكن ماذا لو اتبعت كل هذه التعليمات لشهور ولم ينته الألم بعد؟!

في هذه الحالة سوف يقوم الطبيب باختيار الحقن الأسترودية المناسبة لحالتك، وإذ لم تستجب سوف يُرشحك للعلاج بالموجات التصادمية، وهو علاج غير جراحي يستهدف الأنسجة المُصابة لتعزيز الشفاء.

المصادر:

تعريف و شرح و معنى الكعب بالعربي في معاجم اللغة العربية معجم المعاني الجامع، المعجم الوسيط ،اللغة العربية المعاصر ،الرائد ،لسان العرب ،القاموس المحيط – معجم عربي عربي صفحة 1

Feet (Human Anatomy): Bones, Tendons, Ligaments, and More

Anatomy of the Foot | Arthritis Foundation

https://www.webmd.com

Heat vs. Cold Therapy for Plantar Fasciitis

Exercises to help prevent plantar fasciitis

https://www.mayoclinic.org

https://www.mayoclinic.org

بقلم: د. زينب الهواري

مراجعة وتدقيق: زينب محمد