دور التغيّر: من لعب التنس إلى تعلم اللغة

دور التغيّر: من لعب التنس إلى تعلم اللغة

10 يوليو , 2022

ترجم بواسطة:

سماح الرفاعي

لا خلاف على تأثير المتغيرات على التعلم بمجالاتٍ عدة، والذي يتمثل في صعوبة التعلم عندما تكون المدخلات متغيرة، ولكن التغيّر يؤدي إلى تعميم أفضل للمعرفة التي تعلمناها. في هذه المراجعة، جمع الباحثون أكثر من 150 دراسة متعلقة بالتغيّر في شتى المجالات؛ وهذا يشمل اكتساب اللغة، والتعلم الحركي، والإدراك البصري، والتعرف على الوجه، والتعليم، وتسليط الضوء على الآليات الأساسية المسببة للتغيّر. 

يعد التغيّر مهمًا للغاية لتعلم مهارات جديدة، فلتأخذ على سبيل المثال تعلم كيفية التصويب في التنس، هل يتوجب عليك أن تتدرب دائمًا على الإرسال من نفس الموضع في الملعب، والتصويب نحو نفس المكان؟ على الرغم من أن التدريب تحت ظروف متغيرة سيكون أبطأ في البداية، ولكن في نهاية المطاف، سيصنع هذا منك لاعب تنس أفضل على الأغلب، وهذا يرجع إلى أن التغيّر يؤدي إلى تعميم أفضل لما يتم تعلمه.

كلاب التشيواوا والكلاب الدانماركية الضخمة

وتجد هذا المبدأ في الكثير المجالات، منها استيعاب الكلام والقواعد النحوية وتعلم الكلمات والفئات، فعلى سبيل المثال، إن كان المواليد لا يرون من الكلاب إلا كلاب التشيواوا بدلاً من رؤية الأنواع الكثيرة المختلفة للكلاب (كالتشيواوا والبطباط والكلاب الدانماركية الضخمة)، فسيواجهون صعوبة في تعلم فئة “الكلاب”.

تقول ليمور رافيف من معهد ماكس بلانك لعلم اللغة النفسي، وهي أحد كبار الباحثين لهذه الدراسة: “هناك أكثر من عشرة أسماء لهذا المبدأ الأساسي، فالتعلم من مدخل أقل تغيرًا غالبًا ما يكون سريعًا، إلا أنه قد يخفق في تعميم محفزات جديدة، ولكن هذه الرؤى المهمة لم يتم توحيدها في إطار نظري واحد، مما أضفى غموضًا على هذا الأمر برمته”.  ولتحديد الأنماط الرئيسية، وفهم المبادئ الأساسية للتأثيرات الناجمة عن التغيّر، استعرضت رافيف وزملاءها أكثر من 150 دراسة متعلقة بالتغيّر والتعميم في شتى المجالات، بما فيها علوم الحاسب الآلي واللغويات والتبويب والتعلم الحركي والإدراك البصري والتعليم الرسمي.  

السيد مياغي

اكتشف الباحثون من خلال عددٍ من الدراسات أن مصطلح التغيّر يمكن أن يشير إلى أربعة أنواع مختلفة على الأقل كحجم المجموعة (مثل عدد أمثلة مختلفة أو عدة مواضع في ملعب التنس)، والجدولة (مثل جداول تدريب بترتيب وفوارق زمنية مختلفة)، وحول هذه النقطة تقول رافيف: “لم تتم مقارنة هذه الأنواع الأربعة من التغير بطريقة مباشرة، وهذا يعني أننا لا نعرف أيًا منها يعد أكثر تأثيرًا على التعلم”.  يعتمد تأثير التغيّر على أن يكون مناسبًا للمهمة أو غير مناسب (كأن يكون لون ملعب التنس غير مناسب للتمرن على الإرسال، ولكن طبقًا “لمبدأ السيد مياغي” (المستوحى من الفيلم الكلاسيكي فتى الكاراتيه الصادر عام 1984)، فإن التدرب على مهارات غير مترابطة ظاهريًا (مثل تشميع السيارات) يفيد في تعلم مهارات أخرى (مثل الفنون القتالية).

نظريات متنافسة

ولكن لماذا تؤثر المتغيرات على التعلم والتعميم؟ إحدى هذه النظريات تنص على أن الكثير من المدخلات المتغيرة يمكن أن تسلط الضوء على الجوانب المناسبة للمهمة (فاللون يفيد في التفريق بين الليمون الأصفر والليمون الأخضر، ولكن ليس للتفريق بين السيارات والشاحنات).  وهناك نظرية أخرى، وهي أن التغير الكبير يؤدي إلى تعميمٍ أوسع، وهذا يرجع إلى أن التغيّر سوف يمثل العالم الحقيقي بشكل أفضل، ويشمل هذا الأمثلة غير النمطية (مثل كلاب التشيواوا).  والسبب الثالث يعتمد على كيفية عمل الذاكرة: عندما يكون التدريب متغيرًا، ويجبر المتعلمين على إعادة بناء ذكرياتهم بصورة نشطة.

التعرّف على الوجه   

وتشرح رافيف قائلةً: “يعد فهم تأثير التغيّر مهمًا لكل مظهر من مظاهر الحياة اليومية، وبالإضافة إلى تأثير التغيّر على طريقة تعلمنا للغة والمهارات الحركية والفئات، فهو يؤثر على حياتنا الاجتماعية أيضًا، فعلى سبيل المثال، التعرّف على الوجه يتأثر بنشأة الناس في مجتمع صغير (أي أقل من 1000 شخص)، أو في مجتمع أكبر (أي أكثر من 30,000 شخص)، وإن التعرّف على وجوه أقل في مرحلة الطفولة مرتبط بتضائل قدرة الذاكرة على التعرف على الوجوه”.

وتختم رافيف بقولها: “نأمل أن يثير هذا العمل فضول الناس وينتج المزيد من الأعمال حول هذا الموضوع. إن هذه الورقة البحثية تثير الكثير من الأسئلة المفتوحة، مثل هل العلاقة بين التغيّر وبين التعلم متماثلة بشكل واسع بين أنواع الكائنات، أو هل هناك تكيف خاص بأنواع معينة من الكائنات؟ هل يمكننا أن نجد مثل هذه التأثيرات للتغيّر، ولكن لا تتعلق بالدماغ فقط، بل بجهاز المناعة مثلاً؟”

المصدر: https://www.sciencedaily.com

ترجمة: سماح الرفاعي

مراجعة وتدقيق: د. فاتن ضاوي المحنّا

تويتر: @F_D_Almutiri


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!